بين استخدام سياسة الهدم المتكرر، وبناء الجدران الإسمنتية حول المدن والقرى الفلسطينية، والاستيلاء على المزيد من الأراضي؛ يسعى الاحتلال الإسرائيلي لتهجير المواطنين والسيطرة الكاملة على أراضيهم في الضفة الغربية وضمها إلى كيانه، في جريمة يكررها منذ أن هجرت "العصابات الصهيونية" مئات آلاف المواطنين من ديارهم قسرًا إبَّان نكبة 1948.
وتثير مساعي حكومة الاحتلال لنشر المزيد من مشاريع التوسع الاستيطاني، مخاوف المواطنين من المحاولات المتكررة لتهجيرهم قسرًا؛ كما يجري في مسافر يطا، جنوب مدينة الخليل، ومنطقة الأغوار، شرق الضفة الغربية.
اقرأ أيضاً: قرى النقب "غير المعترف بها".. مخططات التهجير متواصلة
وتصاعدت هذه المحاولات البائسة مع عودة بنيامين نتنياهو، إلى رئاسة حكومة الاحتلال مجددًا، وتعيين وزراء متطرفين؛ أبرزهم وزير ما يسمى "الأمن القومي" إيتمار بن غفير.
وشهدت مناطق مختلفة من الضفة الغربية في الأيام القليلة الماضية، انتهاكات جسيمة للاحتلال والمستوطنين، طالت قرى وبلدات مختلفة، لا سيما في منطقة الأغوار، ومسافر يطا.
وحسبما أفادت مصادر لصحيفة "فلسطين"، فإن سلطات الاحتلال تعمل حاليًا على تهجير 8 تجمعات سكنية في مسافر يطا، تزامنًا وعمليات سيطرة مستمرة على مناطق واسعة في الأغوار.
مخطط إسرائيلي
وعدَّ المختص في شؤون الاستيطان صلاح الخواجا، ما ينفذه الاحتلال في الأغوار وغيرها من المناطق، يأتي ضمن مخطط ضم المستوطنات إلى كيان الاحتلال.
وبيَّن الخواجا لصحيفة "فلسطين" أن استمرار الاحتلال في سلب الأراضي الفلسطينية ومشاريع التوسع الاستيطاني كان مبنيًا على حجج وقرارات شرعها "الكنيست" الإسرائيلي، لافتًا إلى أن أكثر من 81 قانونًا وقرارًا أقرها "الكنيست" لخدمة مطامع الاحتلال ومستوطنيه والسيطرة على أراضٍ جديدة، أبرزها "أملاك الغائبين"، و"الأراضي المتروكة".
وبيَّن أن الاحتلال لجأ في السنوات الأخيرة إلى السيطرة على الأراضي من خلال مخططات هيكلية من المقرر إنشاء مستوطنات عليها، وشملت هذه المخططات 7 بالمئة من مساحة الضفة الغربية.
وأضاف: أن الاحتلال استخدم منظومة أمنية متكاملة لسلب الأراضي عبر شق طرق رابطة بين المستوطنات، وتحتل هذه الطرق أكثر من 3 بالمئة من مساحة الضفة.
ولفت إلى أن الاحتلال لجأ تحديدًا سنة 1998 إلى السيطرة على آلاف الدونمات في منطقة البحر الميت والأغوار، واعتبرها جزءًا من كيانه يستفيد منها جيش الاحتلال والمستوطنين.
وعدَّ الخواجا أن أكبر عملية ضم نفذها الاحتلال تمثلت ببناء جدار الفصل العنصري، وقد أتاح لنفسه فرصة السيطرة على أكثر من 18 بالمئة من أراضي الضفة الغربية إلى مستوطنات جاثمة هناك يعدها الاحتلال جزءًا من كيانه.
اقرأ أيضاً: عبر التهجير الجماعي.. الاحتلال يحاول تفكيك "حزام الأمان" حول القدس
ولفت إلى أن سياسات الاحتلال المستخدمة لضم أجزاء جديدة من الضفة متعددة، وقد عززت منها ما تسمى "صفقة القرن"، وهي الخطة السياسية المرفوضة فلسطينيًا لرئيس الإدارة الأمريكية السابقة دونالد ترامب، والتي تعد القدس "عاصمة" مزعومة لكيان الاحتلال.
ونوَّه إلى استمرار عمليات سلب الأراضي في منطقة الأغوار التي تشكل 28 بالمئة من الضفة، عبر سلسلة من الإجراءات والانتهاكات.
وتابع الخواجا: أن حكومة الائتلاف اليميني الأكثر تطرفًا، تخطط للسيطرة وفرض ما تسمى "السيادة الإسرائيلية" على أكبر قدر ممكن من مناطق "ج" والتي تشكل 62 بالمئة من الضفة الغربية.
هجمة شرسة
من جانبه، أكد منسق اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان راتب الجبور، أن جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين يشنون هجمة شرسة على مسافر يطا وسكانها.
وأوضح الجبور لصحيفة "فلسطين"، أن سلطات الاحتلال أقرت مؤخرًا تهجير 8 تجمعات سكنية في مسافر يطا من أصل 12 تجمعًا مهددة بالتهجير الجماعي بحجة وجودها في مناطق تستخدم في التدريبات العسكرية لجيش الاحتلال، وقد مارس الأخير في الأيام الماضية ضغوطات جديدة على سكان المسافر وأخطر مجددًا بضرورة تركها.
وأشار إلى عمليات تدمير وسلب لممتلكات المواطنين ينفذها الاحتلال، وتشمل تخريب أنابيب المياه، وخلايا الطاقة الشمسية التي تمد المواطنين بالكهرباء، وإغلاق المدارس وإزالتها، مبينًا أن الاحتلال يهدف من وراء ذلك إلى تغييب أوجه ومقومات الحياة من المسافر.
وشدد على أن أهالي المسافر، يقدر عددهم أكثر من 3 آلاف نسمة، بحاجة ماسة للدعم والمساندة من جميع محافظات الوطن، ووقوف الجهات الرسمية عند مسؤولياتها وتوفير الدعم اللوجستي للمواطنين الذين يفتقدون أدنى مقومات الحياة.