تقود السلطة وإعلامها حملة ممنهجة ضد الصحفيين الفلسطينيين تامر المسحال ومحمد الأطرش، بعد أن فضحت الحلقة الأخيرة من برنامج "ما خفي أعظم"، مساء الجمعة، مساومات وإغراءات السلطة لمقاومي مجموعات "عرين الأسود" لدفعهم إلى ترك سلاحهم مقابل رواتب وامتيازات.
وتشن صفحات ممولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقيادات من حركة فتح هجومًا على "المسحال" و"الأطرش" وصلت إلى حد اتهامهما بالعمالة للاحتلال، بزعم أنّ عرض الحلقة مقابلات مع مقاومين مطاردين، يمثل "خطرًا أمنيًّا" عليهم.
اقرأ أيضًا: "ما خفي أعظم" يكشف حقائق جديدة حول المقاومة الفلسطينية في الضفة
وكتب المسحال مقدم ما "خفي أعظم" عبر شاشة الجزيرة القطرية على صفحته في "فيسبوك": "حملة مشبوهة لحجب الحساب وكعادتنا على الله متوكلون وماضون".
وتقول الكاتبة الصحفية لمى خاطر: إنّ ما كشفه "ما خفي أعظم" أزعج قيادة فتح والأجهزة الأمنية في رام الله، لكونه كشف الوجه الحقيقي لهما، ولسلوكهما ضد المقاومة، ما دفعهم لشنّ هجوم كبير بحق المسحال، والصحفي الأطرش وهو مدير الشركة المنفذة للبرنامج في الضفة.
وتقول خاطر لصحيفة "فلسطين": إنّ "أجهزة أمن السلطة تسعى لإخفاء جرائمها التي ترتكبها ضد المقاومة، لذلك الكشف عن الوجه الحقيقي لها يهدم ادّعاءها بالالتزام بخط المقاومة".
وأكدت أنّ السلطة تحارب المقاومة وما كُشف عنه هو جزء قليل، إذ إنّ أجهزتها الأمنية تمارس التعذيب ضد المقاومين وتلاحقهم وتسلّم ملفاتهم للاحتلال، عدا عن التعاون الكامل مع جهاز "الشاباك" لتصفية ظواهر المقاومة مثل "عرين الأسود".
وبيّنت أنّ قيادة فتح والسلطة لم تحتمل ما كشفه البرنامج، لكونه سيجعلها في مواجهة مباشرة مع الجمهور الفلسطيني بمعرفته بطبيعة الدور الأمني لها في خدمة الاحتلال سرًّا.
وأضافت خاطر: "السلطة معنية بالحفاظ على شعبيتها في الضفة، لأنّ انكشاف الحقيقة الكاملة للجمهور الفلسطيني يعني نهايتها".
وأشارت إلى أنّ ما كشفه البرنامج وما تبعه من حملة مغرضة ضد الصحفيين زاد قناعة الجمهور الفلسطيني بصوابية المعلومات، وخطورة الدور الذي تقوم به أجهزة السلطة بملاحقة المقاومين، التي هي المعيق الأساسي أمام تصاعد المقاومة في الضفة.
بدوره، قال المفكر والمحلل السياسي عدنان الصباح: إنه لا مبرر لهجوم السلطة على الصحفيَّين "المسحال" و"الأطرش"، لكون البرنامج قدّم معلومات عن المقاومة ونشأتها في الضفة.
ورأى الصباح في حديثه لـ"فلسطين"، أنّ سبب هجوم السلطة على الصحفيّين هو كشف البرنامج عن المساومات التي قدمها عناصر أجهزة السلطة للمقاومين، مقابل تسليم سلاحهم وضمان حصولهم على الأمن.
ويُنبّه إلى أنّ البرنامج قدّم معلومات مهمة عن المقاومة، تضع أجهزة أمن الاحتلال في مأزق، وليس فقط ما يتعلق بمحاولات السلطة وأدها، مشددًا على أنه "من حقّ الصحفي الكشف عن الحقائق للجمهور".
وأكد الصباح أنّ تنفيذ الأنشطة الصحفية "حق مطلق لكل الصحفيين"، مشيرًا إلى أنّ البرنامج حظي بترحيب فلسطيني كبير.
وأضاف: "لا يجوز لأحد التهجم أو الاحتجاج على شخص بعينه، احتجاجًا على ما قُدّم في البرنامج، فالصحفي من حقه إظهار الحقائق، ويجب توفير الحماية له".
حملة ممنهجة
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: إنه ينظر بخطورة بالغة تجاه الحملة التي تقودها جهات فلسطينية داخلية، ويقف خلفها الاحتلال بـ"صفحات وحسابات مشبوهة" تستهدف الصحفيَّين المسحال والأطرش.
وقال "الإعلامي الحكومي" في بيان صحفي: "إنّ الزميل تامر المسحال هو إعلامي وطني يعمل منذ سنوات في خدمة القضية الفلسطينية، وهذا الهجوم لا يخدم سوى الاحتلال وأجندته التي تحاول النيل من كلّ صوت فلسطيني يفضح جرائمه".
وأضاف أنّ برنامج "ما خفي أعظم" ساهم مرات كثيرة في فضح مخططات الاحتلال، وفضح اعتداءاته بحق شعبنا وأرضنا، مبينًا أنّ حملة التحريض ممنهجة ويتحمل القائمون عليها أيّ ضرر قد يلحق بالصحفيَّين "المسحال" و"الأطرش".
وطالب بمحاسبة جميع المسؤولين عن حملة التحريض التي تُمارَس بحقّ الصحفيين، مؤكدًا تضامنه الكامل معهم، ودعم كل المسارات القانونية التي تسعى للدفاع عنهم.
اقرأ أيضًا: ما خفي أعظم يكشف عن "خارج الحسابات"
بدورها، قالت كتلة الصحفي الفلسطيني، في بيان صحفي: "بات من الواضح أنّ الحملة التي تقودها السلطة عبر جهاز مخابراتها وبصفحات فتحاوية ممنهجة تستهدف برنامج "ما خفي أعظم"، وتنال من شخصية الصحفي تامر المسحال والصحفي محمد الأطرش".
وأكدت الكتلة خطورة الحملة التي تسعى لاتهام الصحفيَّين بالعمالة وتسليم المقاومين، التي تأتي متزامنة مع استمرار سياسة السلطة بالضفة في ملاحقة واعتقال الصحفيين على خلفية انتماءاتهم السياسية.
وحمَّلت السلطة كل المسؤولية عن أيّ ضرر قد يلحق بالصحفيَّين المسحال والأطرش، داعية لمحاسبة جميع المسؤولين عن حملة التحريض التي تُمارس بحقهم.
وأكدت كتلة الصحفي تضامنها الكامل مع المسحال والأطرش ووقوفها بجانبهما، ودعم كل المسارات القانونية التي تسعى للدفاع عنهما.
ودعت المؤسسات الحقوقية والدولية والقانونية لحماية الصحفيين وتوثيق الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة بحقهم داخل فلسطين وخارجها، وتفعيل قوانين الإدانة لكل الساعين لملاحقة الصحفيين وطمس الحقيقة.