تلاشت كل أوجاع المخاض بالنسبة للشابة أماني حماد بمجرد أن احتضنت طفلها البكر "سعد"، الذي جاء من نطفة مهربه من سجن نفحة الإسرائيلي، في الأشهر الأخيرة من العام الماضي 2016.
وداخل إحدى غرف قسم الولادة في مجمع الشفاء الطبي، غربي مدينة غزة، أمس، راحت الشابة أماني تستقبل المهنئين رغم أنها خضعت لعملية ولادة قيصرية للتو.
وانشغل ذوو الأسير إيهاب أبو نحل (28 عاماً) في توزيع الحلوى مع التضرع لله وشكره على حفيدهم الجديد، الذي خرج لنور الحياة رغم أنف السجان وقيود المحتل.
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أبو نحل في السابع والعشرين من شهر يوليو/تموز 2015 من معبر بيت حانون "إيرز"، شمال القطاع بعد زواجه بنحو تسعة أشهر، وذلك بتهمة العمل لصالح فصائل المقاومة في غزة.
وفي تفاصيل حكاية سفير الحرية الجديد، تحدثت الزوجة حماد لـ"فلسطين" قائلة بكلمات مفعمة بالسعادة "كان حلم الإنجاب ورؤية أطفالنا يمرحون حولنا يسيطر علينا منذ الأسابيع الأولى لارتباطنا، وبعدما اعتقل الاحتلال إيهاب خشيت أن يصبح تحقيق ذلك الحلم المنتظر ضربا من الخيال".
"وكيف تحول الحلم إلى واقع؟"، تجيب حماد بعدما أثنت وحمدت لله على كرمه، "عندما علم رفاق إيهاب في الأسر تفاصيل حكايته وأنه لم يمض على زواجه سواء تسعة أشهر، صاروا يحدثونه عن تهريب النطفة وكيف نجح عدة أسرى في تحقيق حلم الإنجاب من خلف القضبان وتحقيق غريزة الأبوة مثل باقي البشر".
ذلك الحديث الذي سمعه الأسير إيهاب نقله بدوره إلى زوجته، والتي تشجعت بدورها على الفكرة ووافقت عليها، بعدما رأت فيها انتصارًا معنويا وإنسانيا للأسرى في وجه الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحاول بمختلف السبل سلب كل صور الحياة من الأسرى وتقييد أحلامهم وآمالهم بين أربعة جدران قاتمة اللون.
ويعد مهند الزبن، أول "سفير للحرية" من "نطفة مهربة" لوالده الأسير الفلسطيني عمار الزبن من الضفة الغربية المحتلة والقابع في سجون الاحتلال منذ عام 1998، حيث رزق بطفله عام 2012.
وفي غزة، نجح الأسير تامر الزعانين عام 2013 في تهريب أول نطفة إلى زوجته، وقد اعتقل الاحتلال الزعانين أثناء اجتياحه لبلدة بيت حانون شمال القطاع، عام 2006 وحكم عليه بالسجن 12 عاما.
والدة الأسير إيهاب "أم أشرف" عبرت عن سعادتها برؤية الطفل الأول لابنها، قائلة "عندما علمنا عن عزم إيهاب تهريب نطفة إلى غزة عشنا في أجواء مليئة بالتوتر والخوف خشية أن يعيق الاحتلال عملية التهريب أو تتأخر ساعة نقل النطفة إلى العيادة فتفسد، ولكن الحمد الله على فضله".
وتضيف لصحيفة "فلسطين": "بقينا نترقب ساعة وصول النطفة عند معبر بيت حانون، لحظة بلحظة .. وبمجرد أن وصلت انطلقنا بالسيارة بسرعة البرق نحو عيادة الطبيب الخاص، الذي حصلنا منه بشكل مسبق على التعليمات اللازمة لسلامة العينة، وبعد الفحص تبين أنها سليمة وتصلح لعدة سنوات".
وترى أم أشرف أن نجاح الأسرى بتهريب النطف إلى زوجاتهم بمثابة كسر للقيد وإثبات حقهم في الحياة، كونهم يتمتعون بإرادة فولاذية تمكنهم من تجاوز كل القضبان والحدود والإجراءات الأمنية المعقدة التي تفرضها إدارة سجون الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين.