تقول قناة "كان" العبرية إن من الإجراءات التي اتخذها رونين بار رئيس "الشاباك"، ونفذها وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت، سحب بطاقات الــــ "V.I.P"، التي بموجبها يمكن لحاملها التحرك بِيُسر على أرض الضفة الفلسطينية المحتلة وفي القدس، وكذلك داخل فلسطين المحتلة عام 1948.
صحيح أن القرار الذي تم تداوله بداية كان يقضي بسحب هذه البطاقات ووقف تلك الامتيازات عن جميع رؤوس سلطة التخابر في مقاطعة صك إذعان رام الله المحتلة، ولكن المزيد من التدارس للآثار السلبية لقرار جامع مانع يشمل جميع فريق المتعاونين مع الأجهزة الأمنية للاحتلال، فقد تم التوصل إلى نتيجة مؤداها قصر العقوبة على من قام بزيارة المحرر كريم يونس في قرية عارة في المثلث المحتل شمال فلسطين، الذي أُطلق سراحهُ منذ أسبوع، بعد سجن استمر 40 عاماً متواصلة، وكذلك محاسبة المؤسسة التي رفعت الطلب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لمخاطبة محكمة العدل الدولية في لاهاي لإصدار فتوى بشأن ماهية احتلال فلسطين، وتعريف ذلك وفقاً للقانون الدولي.
لقد حاز هذا الطلب بدعم عربي ودولي صديق على الأغلبية عند التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأصبح نافذاً، وتقوم "محكمة العدل الدولية "بمهمتها تلك الآن، وهذا يُذَكِّرُ بما أنجزته "المحكمة "أيضاً بإصدار فتواها القانونية بشأن جدار الفصل الاستيطاني العنصري، الذي أدانته وطالبت بإزالته لكونا مخالفا للشرائع الدولية.
وإجراءات قيادة العدو الأمنية والعسكرية والسياسية، ومنذ التوقيع المشؤوم على صك إذعان أوسلو عام 1993، سحبت في مرات عدة هذه التصاريح بعدما وُضعت بعض هذه "القيادات "في الزاوية وبعد تغول الاحتلال الفاشي في الدم الفلسطيني بارتكاب المجازر، فيصدر بعضها تصريحات نارية أحيانًا لحفظ ماء الوجه وللاستهلاك المحلي.
وجاءت التصاريح من حيث المبدأ عنواناً لكيفية فرض القيود على حركة أبناء الشعب الفلسطيني، لأن منحها يخضع لشروط الاحتلال، ومحاولات الابتزاز التي لا ولن تتوقف على طالبيها سواء كانت لأغراض سياسية أو تجارية أو إنسانية، خاصة تلك المتعلقة بالمرضى أو الطلبة أو للزيارات العائلية.
ولبطاقات من تُسمى "الشخصيات المهمة جداً" الــــــ "V.I.P " استحقاقات محددة تماماً، ومرهونة بالتعاون التام مع أجهزة أمن العدو، وهناك جداول لجميع المستويات تُحدد فيها المهام التي تناقش في الاجتماعات الدورية، وحدّها الأدنى أسبوعي، وجوهرها أمني لحماية أمن الكيان الفاشي صراحة ودون أدنى رتوش، وهذا ما صرّح به بوضوح "فاجع "رئيس سلطة المقاطعة حين أكد علناً أنه يقدس التخابر مع الاحتلال، وأن هذا التعاون سيستمر وفقاً لما تفرضه التطورات الميدانية.
وكان قادة الأجهزة الأمنية الصهيونية يعلنون وتحديداً خلال المنعطفات الدموية الحادة، أن اللقاءات بين الجانبين الصهيوني والمتخابر "الفلسطيني"، تجري وبوتائر عالية وبتعاون تام.
كما أن وزير الجيش النازي السابق بيني غانتس، كان قد شكر محمود عباس على تعاون أجهزته الأمنية التي من غيرها ما كان لجيشه وأجهزته الأمنية إعادة أسر أبطال سجن جلبوع الستة الذين يعانون اليوم كل صنوف التنكيل من عدو دموي مجرم.
وتكرر ذلك مع كل فرسان المقاومة الذين قاموا بعمليات بطولية أثخنت قتلاً وجرحاً في جنود العدو ومستوطنيه على مدار سنوات خَلَت، ولم يزل يستمر فصولاً حتى الغد، ما بقيت هذه السلطة قائمة على ساقين بدعم هذا الاحتلال الظالم.
وحين يفرض الاحتلال بعض الإجراءات على سلاسة تَحَرُّك هذه "الشخصيات" إنما هي "فركة أُذن "ليعودوا إلى "رُشد التخابر"، وهذا ما يفعلونه عادة، وكم اتخذ الاحتلال من إجراءات "لتقويم" سلوكهم، ثم عاد لمنحهم كل "الامتيازات" المُذِلّةَ التي يطمحون للوصول لها بأثمان كارثية تتعلق بالتنازل عن الثوابت الوطنية الفلسطينية المعلومة للقاصي والداني.
وعباس يُصَرّحُ أيضاً، ودون خجل بأن المقاومة فوضى وإرهاب، وأنه سيقاتلها، وهذا ما كان ولم يزل، ويؤكد العدو المحتل هذه الوقائع التي يراها الجميع بأم العين، وها هم الورثة يتصارعون على من يكون أكثر "وفاءً" لِإرث عار التخابر وسَفكِ الدم الفلسطيني والسمسرة على ما تبقى من الأرض، وتهويد قدس الأقداس ومسجدها الأقصى المبارك، وجوهر القضية الوطنية المتمثل بعودة اللاجئين إلى ديارهم التي اقتُلعوا منها وتعويضهم مادياً ومعنوياً عن كل ما واجهوه من عسف وعن الجرائم والمجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية المسلحة بكل مُسَمّياتها، وهي التي تشكل اليوم مؤسسة جيش الاحتلال الذي لم تتوقف مجازره لحظة بحق الشعب الفلسطيني.
وعلى الجبهة الأخرى، يؤكد عباس أيضاً، ورغم كل هذا الغرق في مياه التخابر الآسنة، فإن أجهزة العدو الأمنية تمنعه إن أرادت من الوصول إلى بيتونيا، وأن يعيش تحت "جزمة الاحتلال"، بل –وبتعاونه الأمني– فإنه احتلال بـــ 5 نجوم، ويبدو أن حسين الشيخ "أبو جهاد "، يعمل جاهداً و "يجاهد "حتى يرتقي الاحتلال إلى 7 نجوم.
ويُلاحَظُ أن العدو –ودون مداورة– يقول إنه تَمَنَّعَ عن سحب بطاقات الـــــ "V.I.P" من محمود عباس، وحسين الشيخ، وماجد فرج لأنه لا يُريد لهذه السلطة الرديفة لأجهزة الاحتلال الأمنية، وهي التي تعيش تداعياً سيأخذها نحو الهاوية، بأن تسقط وتذهب ريحها، وكذلك يسعى لإسنادها حتى تقوم بدورها الأمني على أكمل وجه، ومن تحت الطاولة، على الرغم من الإجراءات المالية التي اتُّخذت بشأن أموال الضرائب التي يجبيها الاحتلال من المنافذ البرية والبحرية والجوية نيابة عن سلطة المقاطعة، حين قرر مجلس الوزراء الصهيوني فرض 5 عقوبات، بسبب توجهها إلى المؤسسات الدولية لملاحقة المستوطنات.
ومن بين العقوبات اقتطاع نحو 40 مليون دولار من أموال المقاصّة لصالح عائلات "تضررت" من عمليات فلسطينية، واقتطاع مبالغ مالية تعادل ما يُدفع مخصصات شهرية لعائلات الأسرى والشهداء، وتعادل نحو 171 مليون دولار.
ومن العقوبات تجميد مخططات بناء فلسطينية في المنطقة "ج"، وملاحقة منظمات أهلية فاعلة في المجال القانوني، إلى جانب سحب البطاقات.
إن الرد على هذا الاستهداف الإجرامي الجديد يفرض على كل قوى المقاومة العمل الفوري لمواجهة التحديات القادمة باللقاء وتحديد برنامج المواجهة، فقد بدأت هذه الحكومة اليمينية خطواتها الفاشية الهادفة إلى تصفية حقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة بثوابته المقدسة وغير القابلة للتصرف، ويتطلب تجاوز عجز هذه السلطة بحصارها وإسقاطها وتسلم زمام القيادة لشعب يلتف حول مقاومته الباسلة ومستعد للدفاع عن حياض الوطن وتقديم كل التضحيات، فالعدو يخطط لضم الضفة، وقد أعلن منذ زمن بعيد أن القدس الموحدة عاصمته الأبدية، إنها خطوات تذهب نحو الإبادة العرقية بقانون.
انعكاسات خطيرة وحتمية لحكومة عنصرية متطرفة قوامها قتلة فاسدون، ونحن أمام مرحلة جديدة، لمعارك تحتدم، والرد هو الوحدة والصمود والمقاومة.