يُمثل إعلان الأسرى "التعبئة والتحشيد" داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي حراكًا أوليًّا يسبق بدء تنفيذ الخطوات التصعيدية، رفضًا لإجراءات الاحتلال القمعية والعنصرية، وتحقيقًا لمطالب تحسين ظروفهم داخل قلاع الأسر.
وأعلنت الحركة الأسيرة، أول من أمس، حالة التعبئة الشاملة في السجون كافة، استعدادًا لمواجهة واسعة ضد الإجراءات التي تنوي حكومة المستوطنين الفاشية العنصرية فرضها، والتصعيد من عمليات القمع والتنكيل بحقهم.
اقرأ أيضًا: الحركة الأسيرة تعلن حالة التعبئة الشاملة في كافة السجون
هذا الإعلان الذي جاء عقب زيارة وزير ما يسمى "الأمن القومي" في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير وتهديده بتشديد ظروف اعتقال الأسرى في السجون، لم يكن الأول، بل اتخذته الحركة الأسيرة منذ سبعينيات القرن الماضي، خطوة تسبق الخطوات التصعيدية، وأبرزها حل التنظيمات الإدارية والإضراب المفتوح عن الطعام.
وكان إجراء "التعبئة العامة" في عام 1970، خطوة استباقية لتهيئة الأسرى لمواجهة مع إدارة السجون، وحينها لم تستجب إدارة السجون لمطالب الأسرى بتحسين أوضاعهم، ما دفعهم للجوء إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، ارتقى فيه الشهيد عبد القادر أبو الفحم.
وكرر الأسرى الخطوة ذاتها في سنة 1976، داخل سجن "عسقلان" الإسرائيلي، للمطالبة بتحسين ظروف الحياة الاعتقالية، وتطور الأمر حينها وخاضوا إضرابًا عن الطعام استمر 45 يومًا، حتى استجابت إدارة السجون لعددٍ من المطالب.
وفي عام 1980، أعلنت الحركة الأسيرة "التعبئة والتحشيد" في سجن "نفحة" الصحراوي رفضًا لخطوة الاحتلال عزل الكادر التنظيمي عن الحركة الأسيرة، وحدثت الخطوة نفسها في السجن ذاته عام 1991.
وفي خطوة خطيرة أيضًا بدأها الأسرى عام 2000، بالتعبئة والتحشيد، احتجاجًا على عزل 80 أسيرًا في سجن "هداريم"، والقيود التي فرضتها إدارة السجون على زيارات الأهالي، إذ انتهى بها المطاف بإضراب مفتوح عن الطعام استمر قرابة شهر.
وفي عام 2012، ظهر أثر التعبئة العامة حين تطورت الخطوة وخاض 1500 أسير إضرابًا مفتوحًا عن الطعام للمطالبة بإلغاء ما عُرف حينها بـ"قانون شاليط"، وإغلاق ملف العزل الانفرادي، وتكرر الأمر نفسه في 17 نيسان/ إبريل عام 2017.
مرحلة خطيرة
ويقول مدير مكتب إعلام الأسرى أحمد القدرة: إنّ الاحتلال يحاول فرض معادلات جديدة على الأسرى وسحب إنجازاتهم السابقة، بسلسلة من التهديدات التي أطلقتها حكومته المتطرفة وخاصة "بن غفير".
وأوضح القدرة لصحيفة "فلسطين"، أنّ التطرف الذي تُنفّذه حكومة الاحتلال عبر وزيرها "بن غفير" وزيارته لسجن "نفحة"، "مؤشر على أنه مُقبل على ما توعد به الأسرى"، لذلك أقدموا على التعبئة العامة لمواجهة هذا التطرف وكل السيناريوهات مفتوحة.
اقرأ أيضًا: الحركة الأسيرة: جاهزون لحرب مفتوحة مع الاحتلال
وبحسب قوله، فإنّ "التعبئة العامة" هي عبارة عن تعبئة نفسية وتهيئة الأسرى والأجواء لمواجهة الاحتلال بكلّ الطرق تدريجيًّا، بدءًا من إرجاع الوجبات، وإغلاق الأقسام وغيرها من الخطوات الأخرى.
وعدّ أنّ وصول الأسرى للإضراب المفتوح عن الطعام خيار أخير، ويُمثّل حربًا حقيقية شاملة، ولكن تحتاج إلى مساندة من الشعب الفلسطيني بجميع فئاته خارج السجون.
من جانبه، يرى المختص في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، أنّ التعبئة والتحشيد دليل على أنّ "الحركة الأسيرة أمام مرحلة صعبة، والأوضاع على صفيح ساخن قد تنفجر في أيّ لحظة، لذلك تسعى لتهيئة جميع الأسرى".
وبيّن فروانة لصحيفة "فلسطين"، أنّ التعبئة إجراء "قديم جديد" خطوة أولية للاستعداد لمواجهة إدارة السجون، ويكون أعلى درجاتها الإضراب الشامل عن الطعام الذي قد يعمُّ كل السجون.
وأوضح أنّ التعبئة والتحشيد تمثل عاملًا أساسيًّا لتهيئة الأجواء في السجون وخارجها، واختيار الوقت المناسب لتنفيذ الخطوات التصعيدية، وهي رسالة للاحتلال والجهات المعنية في الخارج.
وشدد فروانة على أنّ "هذه المرة تختلف عن سابقاتها، إذ تبدو الحركة الأسيرة أكثر تماسكًا ووحدة من الماضي"، عادًّا المرحلة الراهنة "الأخطر في تاريخ الحركة الأسيرة" نتيجة تطرف حكومة الاحتلال الحالية ومحاولتها التضييق على الأسرى.