فلسطين أون لاين

تقرير "أموال المقاصة".. السلطة تعجز عن مواجهة اقتطاع الاحتلال أموال شعبنا

...
صورة أرشيفية
رام الله-غزة/ يحيى اليعقوبي:

بطريقة ممنهجة يبطش الاحتلال الإسرائيلي بأبناء شعبنا باقتطاع حقوقهم من جهة، والضغط عليهم من جهة أخرى، الأمر الذي يُثير التساؤلات حول أسباب عدم ذهاب السلطة إلى المحاكم الدولية أمام القرصنة الإسرائيلية المستمرة.

وقررت سلطات الاحتلال، أول من أمس، اقتطاع نحو 190 مليون شيقل إضافي من أموال المقاصة، منها 139 مليون شيقل بذريعة دفعها لذوي جنود ومستوطنين قُتلوا في عمليات بطولية فلسطينية، و50 مليون شيقل تضاف إلى الاقتطاعات السابقة من مخصصات أُسر الأسرى والشهداء، التي بلغت حتى نهاية العام الماضي ملياري شيقل، بواقع 50 مليون شيقل تُقتطع شهريًا منذ عام 2019.

اقرأ أيضاً: حماس: مصادرة الاحتلال جزء من أموال المقاصة جريمة سطو

إضافة إلى تلك المبالغ التي تُقتطع بحجة دفع مخصصات أسر شهداء وجرحى، اقتطع الاحتلال مليار ونصف المليار شيقل بصورة جائرة عن فواتير الكهرباء والمياه والمستشفيات.

و(المقاصة) هي أموال ضرائب وجمارك على السلع الفلسطينية المستوردة، تجبيها وزارة المالية في حكومة الاحتلال، وتحولها شهريًا إلى السلطة بعد خصم جزء منها، بدل ديون كهرباء ومشافٍ وغرامات.

وفي يوليو/ تموز 2022 صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) على اقتطاع 600 مليون شيقل (176 مليون دولار) من أموال المقاصة، وفي شهر شباط/ فبراير 2019، قرر (الكابينت) اقتطاع 500 مليون شيقل من أموال (المقاصة) عن الأموال التي دفعت لمخصصات الأسرى وذوي الشهداء عام 2018.

ورأى الخبير الاقتصادي ثابت أبو الروس أن الاقتطاع الإسرائيلي يأتي في إطار ابتزاز الاحتلال لحقوق شعبنا، خاصة أن إيرادات أموال المقاصة تمثِّل ثُلثي إيرادات السلطة.

وعلى الرغم من أن سياسة الاقتطاعات يستخدمها الاحتلال بين الفينة والأخرى منذ عام 2019، ويَخصم قيمة الأموال التي تدفع لعائلات "أسرى وشهداء" من المقاصة، إلا أن أبو الروس يقدِّر في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال اقتطع من أموال المقاصة منذ عام 2002 قرابة 20 مليار شيقل، وهي سياسة ممنهجة يختلف أسلوبها في كل مرحلة.

وعدّ أن ما قام به الاحتلال ابتزاز سياسي يهدف إلى الضغط الاقتصادي على شعبنا.

أضرار اجتماعية

وبحسب الخبير الاقتصادي طارق الحاج فإن اقتطاع الأموال يحدُّ من القدرة على دفع الرواتب والالتزام تجاه الموظفين، وهذا ما يخلف آثارا نفسية واجتماعية عديدة.

وشكك الحاج بأرقام المقاصة الحقيقة، مبينًا أن الاحتلال هو من يتحكم بـ"فاتورة المقاصة"، وبالتالي هناك إخفاء للأرقام، إضافة إلى أن الاقتطاع سيمتد إلى قضايا أخرى بزعم وجود ضرر على المستوطنين في الضفة والمستوطنات المحاذية لغزة، تمهيدًا للتحكم الكامل بمفاصل الحياة الفلسطينية.

"ردَّة فعل صامتة"

لم تُبدِ السلطة ردَّة فعل حقيقية تجاه استمرار اقتطاع أموال (المقاصة)، وفي كثير من الأحيان فضَّلت الصمت وعدم خوض مواجهة قانونية دولية من أجل هذه الملايين التي يحرم الاحتلال منها أبناء الشعب الفلسطيني.

ويرى المحلل السياسي عمر عساف أن تحرك السلطة ليس بالمستوى المطلوب، مشددًا على أن المطلوب منها أن تضع خطة واضحة تؤثر على السلوك الإسرائيلي الذي يُعاقب كل الشعب، عبر العودة لقرارات الأمم المتحدة المتخذة، ووقف التعاون الأمني، وسحب الاعتراف بـ (إسرائيل)، والتحلل من كل الاتفاقيات "المجحفة" بحق شعبنا.

اقرأ أيضاً: الاحتلال يخصم 597 مليون شيكل من أموال المقاصة

وقال عساف لصحيفة "فلسطين": المطلوب العودة إلى الشعب لتجسيد وحدة وطنية على قاعدة الشراكة، وإجراء الانتخابات العامة للمجلس الوطني، بهذا يمكن التأسيس لتضامن عربي وإسلامي ودولي مع القضية.

ويعتقد أن الاحتلال يمارس كل وسائل الضغط على الرغم من كل ما تقدمه السلطة من خدمات في التعاون الأمني، إلا أنه يسعى للمزيد من التنازلات، وإشعار السلطة أنه يتحكم بكل صغيرة وكبيرة، وأن رقابته عالية.

ولفت عساف إلى أن هذا سيشكل مزيدًا من المعاناة على المواطن الفلسطيني، مشددًا على ضرورة الخروج من حالة "الفساد والبذخ" في الأوساط الرسمية، والتأسيس لحالة صمود فلسطينية بدعم عربي وإسلامي.