فلسطين أون لاين

الاحتلال استخدم شعار "التشجير" ستارًا للتهجير

تقرير "هبَّة النقب".. حراك جماهيري أفشل مخططًا استيطانيًّا ضخمًا

...
هبة النقب
النقب المحتل - غزة/ يحيى اليعقوبي:

في يناير/ كانون الثاني عام 2022 اندلعت "هبَّة النقب"، بعد قرار ما تسمى "دائرة الأراضي" التابعة للاحتلال الإسرائيلي الشروع بتنفيذ مشروع "تشجير" أراضي النقب، وخاصة في قرية الأطرش، وقرية سعوة البدويتين الفلسطينيتين، والتهمت الجرافات مساحات واسعة من الأراضي.

واستخدم الاحتلال شعار "تشجير الصحراء" ستارًا لتهجير الفلسطينيين، وتجريف أراضيهم، وبعثرة قراهم وبيوتهم، ومن ثم طمس هويتهم الوطنية، بهدف تنفيذ مشروع استيطاني ضخم.

ورفض أهالي القريتين الإجراء الإسرائيلي، ونظَّموا احتجاجات سلمية، واجهتها قوات الاحتلال بقمع غير مسبوق، واعتقلت العشرات من الفلسطينيين، من بينهم فتيات وأطفال.

اقرأ أيضاً: الأعسم: "هبة النقب" ستصل لكل أراضي الـ 48 إذ استمرت الاعتداءات

ما أجَّج الأوضاع حينها هو ما أعلنته وزيرة داخلية الاحتلال السابقة إيليت شاكيد التصديق على تنفيذ عدة مخططات استيطانية، لإقامة نحو 20 بلدة يهودية ومصانع للفوسفات، ومشاريع سكك حديدية على المساحة التي يقيم عليها الفلسطينيون في النقب.

وبعد مرور عام على الهبَّة، يعيش أهالي قرية الأطرش البالغ عددهم 7 آلاف نسمة فصولًا من الهواجس، خوفًا من التهجير والتشريد في توجهات حكومة الاحتلال المتطرفة، وذلك مثل سكان 35 قرية مسلوبة الاعتراف في النقب، في محطات جديدة تعيد مجددًا إلى الواجهة الصراع مع سلطات الاحتلال على أكثر من 800 ألف دونم بملكية سكان هذه القرى، البالغ عددهم 150 ألف نسمة من أصل 300 ألف فلسطيني يقطنون في النقب.

وتُعيد أحداث هبَّة النقب الأذهان إلى أحداث "يوم الأرض"، ففي 30 آذار/ مارس عام 1976 هبَّ فلسطينيو الداخل المحتل ضد استيلاء الاحتلال على أراضٍ بالجليل، وصاحبه إعلان الإضراب العام، لكن الاحتلال حاول كسره بالقوة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات، أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات.

ويعيش في النقب الذي تبلغ مساحته ما يزيد على 14 ألف كيلو متر مربع، نحو مليون نسمة، بينهم 32% فقط من الفلسطينيين يقيمون على أقل من 5% من أراضيه، في 45 قرية تريد (إسرائيل) تهجيرها، وتجميع سكانها بأقل مساحة ممكنة لمصادرتها.

تفاعل جماهيري

وقال رئيس المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف في النقب عطية الأعسم: إن التحرك الجماهيري الذي حدث بالنقب غيّر نظرة الاحتلال لأهالي النقب، من نظرة قومية مدنية في السابق حاولت فصلهم عن قضيتهم الفلسطينية، إلى نظرة عداء.

وأضاف الأعسم لصحيفة "فلسطين": إن "التفاعل الجماهيري في أثناء أحداث هبة النقب، هو دفاع عن الأرض والوجود والقرى وتحرك من أجل البقاء، للتصدي لمخطط السيطرة على الأراضي".

وأكد أن التحرك الجماهيري أربك مخططات الاحتلال، وساهم التحرك الشعبي الموحد في إفشال المخطط وتجميده حتى الآن، لافتًا إلى أن الأطماع الإسرائيلية ما زالت قائمة بالاستيلاء على الأراضي بالقوة، مع قدوم حكومة إسرائيلية متطرفة.

ومع قدوم حكومة إسرائيلية تضم المتطرفين إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش يتوقع الأعسم حدوث صدام مع أهالي النقب، في ضوء مخططات عديدة تعمل حكومة الاحتلال على تنفيذها في النقب.

اقرأ أيضاً: قاسم: هبة النقب كشفت عجز الاحتلال وأدواته الاستعمارية عن حسم الصراع مع الفلسطينيين

ولفت إلى أن الاحتلال يعمل حاليًا على التخطيط لإنشاء مستوطنات واقعة بين بئر السبع، و"ديمونا" في النقب، ومستوطنة لليهود المتدينين إضافة إلى مخطط تحريش لم يحددوا موقعه، مؤكدًا أن النضال والمقاومة مستمرة من أجل الحفاظ على ما تبقى من الأرض.

وبحسب الأعسم، فإن القرى غير معترف بها تواجه خطر الأطماع الإسرائيلية الساعية للاستيلاء على الأرض.

تخوفات قائمة

من جانبه قال رئيس لجنة التوجيه العليا لأهالي النقب جمعة الزبارقة: إن "التحريش" كان وسيلة للوصول إلى هدف أكبر بالاستيلاء على الأراضي.

وبعد مرور عام على "هبة النقب"، يُعرب زبارقة لصحيفة "فلسطين" عن تخوفهم من سياسة حكومة الاحتلال المتطرفة تجاه فلسطينيي النقب، ما يشير إلى أن الصراع سيتجدد، وسيعود إلى المواجهة بعدما استطاع أهالي النقب تجميد المخطط قبل عام، والهادف إلى حصر الفلسطينيين في أقل رقعة جغرافية.

وبيَّن أن الاتفاقات بين الائتلاف الحكومي الإسرائيلي تكشف عن وجود خطط وأموال لاستهداف النقب، وأن المتطرف "ابن غفير" يريد تولِّي ملف فلسطينيي النقب وبناء المستوطنات، مشيرًا إلى سعي الاحتلال لإنشاء مستوطنة لليهود المتدينين خصصوا لها ميزانيات وأُدخلت إلى "لجنة التخطيط والبناء القُطرية"، ستقام على بُعد 40 كم عن مدينة بئر السبع، ما يشير إلى نوايا الاحتلال تجاه أهالي النقب.

وأشار إلى وجود تطوير هائل من الاحتلال، واستثمار بالنقب تحت مسمى "مشاريع قومية"، من: سكك حديدية، وشارع رقم "6"، وخطوط كهرباء الضغط العالي، وكلها تُقام على أراضٍ فلسطينية، بهدف التضييق عليهم، متمِّما: "هم لديهم مخطط، ونحن لدينا إرادة صمود على الأرض".

وعلى الرغم من كل السياسات الإسرائيلية الهادف إلى ترحيل أهل النقب، عبر الهدم والاستيلاء على الأراضي، يؤكد زبارقة أن الأهالي متمسكون ببيوتهم، مردفًا: "نحن نتحدث عن فلسطينيين تُهدم بيوتهم فينصبون خيامًا على رُكامهم، لأن علاقتنا مع الأرض وليس المنزل، ولا يمكن ترك هذا الحيز للاحتلال".