لا تضع الأزمات العقابية المفتعلة سياسياً حداً فاصلاً بين الفئات العمرية في قطاع غزة، حتى لأولئك الذين خرجوا من رحم أمهاتهم قبل أوان ميلادهم لم ينجوا من سيف الأزمات، فمنذ أن ضرب رئيس السلطة القطاع بطوق عقابي طال كافة مناحي الحياة، قضى ثمانية خدج خلال الشهرين الماضيين، وفقاً لمصادر طبية.
ويؤكد رئيس قسم الحضانة في مجمع الشفاء الطبي د. علام أبو حمدة، أن الأطفال الخدج (حديثي الولادة غير مكتملي النمو)، من أكثر الفئات تضرراً من الأزمات التي فرضت على القطاع الصحي، حيث "فقدنا" خلال شهري يونيو ويوليو الماضيين ثمانية أطفال "بسبب عدم منحهم تحويلات علاجية للسفر للضفة الغربية أو دولة الاحتلال".
وأوضح في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن قسم الحضانات مزدحم بالأطفال الخدج، إذ يرفع عدد المواليد إلى الضعف (60 مولداً) مقارنة بعدد الحاضنات المتوفرة في المشفى (30 حضانة).
وأشار أبو حمدة، إلى أن الازدحام الشديد دفع القائمين على القسم لوضع طفلين في الحاضنة الواحدة، مما يزيد من العبء الملقى عليهم.
وقال: "حالياً توجد حالة في مرحلة الخطر الشديد ومهددة بالموت، رغم إرسال طلب الحصول على تحويلة علاجية إلا أن رام الله لم ترد على الطلب حتى الآن".
وبين أن جميع الحالات التي يتم طلب توفير تحويلات علاجية لهم "لم تتمكن مستشفيات القطاع من علاجها، إما بسبب نقص الأدوية أو حاجتهم إلى تدخل جراحي عاجل لا يمكن إجراؤه في القطاع".
وذكر أبو حمدة أنه في الفترات الماضية عانت المستشفى من نقص في الأدوية التي يحتاجها الأطفال الخدج، الأمر الذي أثر على حياتهم وزاد من المضاعفات، منوهاً إلى أن المواد التي تساعد الأطفال على التنفس الصناعي كانت من أبرز النواقص.
وصعوبة التنفس تعد أحد أهم المشاكل التي يعاني منها حديثو الولادة نظراً لعدم استكمال نمو الرئتين.
وطبقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية فإن التحويلات العلاجية لمرضى قطاع غزة تراجعت بنسبة 80%، وهو ما أدى إلى تقليص التحويلات من 2200 تحويلة قبل عقوبات عباس لتصل إلى 420 تحويلة بعدها.
واستنكر أبو حمدة تلكؤ المؤسسات الدولية المعنية بالجانب الصحي في التدخل "بشكل حازم وسريع، بما يضمن تسريع الحصول على التحويلات العلاجية للخارج خاصة للحالات الخطيرة".
إمكانات محدودة
من جانبها، أوضحت د. رضا أبو عاصي العاملة في قسم الحضانة بمستشفى النصر أن خمسة من حديثي الولادة ممن هم بحاجة إلى رعاية طبية جرى تحويلهم إلى مستشفى الشفاء.
وقالت لصحيفة لـ"فلسطين" "الأطفال الخدج يحتاجون لرعاية خاصة جداً، وذلك بسبب ولادتهم المبكرة، وعدم قدرة أجسادهم على مقاومة الأمراض والتقلبات البيئية التي يولدون فيها"، مؤكدة أن المستشفى تعمل على تقديم الخدمة المثالية لهم في حدود إمكانياتها.
وأضافت أبو عاصي:" لكن في ظل الظروف التي تعاني منها المستشفيات يتأثر الأطفال الخدج بها، خاصة نقص الأدوية وقلة الإمكانيات التي تمكن القائمين من توفير الخدمات على أكمل وجه لهم".
وأشارت إلى أن مستشفى النصر المخصص للأطفال يواجه نقصاً بالأدوية الخاصة بتحسين عملية التنفس والتي "إن وجدت في يوم تفقد في أيام عديدة"، منوهةً إلى أن المشفى يفتقد حالياً بعض العلاجات الخاصة بالخدج في صيدليته الخاصة.
وأردفت أبو عاصي: "يعاني قسم حضانة الأطفال الخدج من نقص قلة الكوادر العاملة فيه، الأمر الذي يؤثر على الخدمات المتوفرة في ظل ضغوط العمل الشديدة والحاجة الماسة لزيادة أعمال الممرضين في القسم".
وبينت أن "الخديج" يكون عرضه للكثير من الأمراض في حال عدم توفر العلاج المناسب له، يتسبب غيابها بعدد من المضاعفات التي قد تؤثر على عملية النمو والتنفس, الأمر الذي يؤدي في النهاية للوفاة.
وأكدت أن الإمكانيات المتوفرة للأطفال الخدج في المستشفى محدودة وتراجع مستواها في ظل الحصار المفروض وفي ظل التضييق الممارس على القطاع الصحي وحرمانه من الأدوية والحصول على تحويلات للمرضى.

