فلسطين أون لاين

مع كتائب الأنصار في مناورة عسكرية

حضرتُ شخصيًا مناورة عسكرية لكتائب الأنصار التابعة لحركة الأحرار، وكان من ضمن الحضور قادة غرفة العمليات المشتركة، وقادة التنظيمات، وعدد من الوجهاء والشخصيات الوطنية.

المناورة العسكرية لم تكن دفاعية، فلم يشهد المتابعون للمناورة أي صمود داخل الأنفاق، أو أي تكسر للعدوان على بوابات الموقع، المناورة كانت هجومية بالكامل، مناورة عسكرية تحاكي الواقع، أو تحاكي الأحلام والأماني الفلسطينية، مناورة تقوم على قصف موقع عسكري، ثم الخروج من النفق، والتقدم لاقتحام الموقع، والاشتباك مع العدو، ومن ثم تفجير الموقع بعبوات ناسفة، والسيطرة على آلية للعدو، وأسر جندي إسرائيلي بكامل سلاحه وعتاده.

نتحدث عن مناورة عسكرية، وليس عن معركة حقيقية، ولكن المناورة العسكرية هذه تتحدث عن وجدان غزة، وتخترق تفكير رجالها، فإذا كان هذا الفصيل التنظيمي الصغير، والذي لم يتجاوز عمره عدة سنوات، استطاع أن ينشئ له قاعدة جماهيرية، وقاعدة عسكرية، وقاعدة إعلامية، فذلك يعني أن غزة هي الحضن الآمن للمقاومة، وأنها خزان العطاء الذي لا ينضب.

المناورة العسكرية لم تعكس حال التنظيم الذي أشرف ودرب ونظم مسار المناورة، بل تعكس حالة عامة للتنظيمات الفلسطينية، وتعكس مزاج الشارع الفلسطيني في قطاع غزة، فالتنظيمات الفلسطينية كبيرها وصغيرها لم تعد تفكر في الدفاع عن غزة، والصمود في وجه الدبابات، ومواجهة الطائرات، غزة وأهلها ومقاومتها تفكر في الهجوم، والاقتحام، وتحرير الأرض، غزة لم تعد صغيرة لتدافع عن وجودها، غزة التي حافظت على شرفها الوطني خلال عدة حروب، وانتصرت في معارك المواجهات، غزة هذه ستخرج من أنفاقها، ستركب البحر، وتعتلي السماء، وترتقي بصواريخها التي ستغطي أرض فلسطين المغتصبة كلها، وهذه هي حدود دولة فلسطين، حيث تصل الصواريخ، إنها غزة التي تدافع عن شرف الأرض الفلسطينية كلها؛ عن المسجد الأقصى، وعن الضفة الغربية، وعن كل المقدسات الإسلامية والمسيحية.

حضور قادة غرفة العمليات المشتركة في المناورة العسكرية تعكس أرقى حالات التنسيق الأمني المقاوم بين التنظيمات الفلسطينية، هذه التنظيمات التي غيبوها عن حوارات المصالحة، ولم يسمح لها بالمشاركة في لقاءات الجزائر، هذه التنظيمات لها قاعدة عسكرية، وشاركت في كل الحروب الدفاعية عن غزة، ولها مجموعات مقاتلة، ولها قواعد شعبية تملأ الشوارع والحارات، هذه التنظيمات لها الحق أن تكون جزءًا من لقاءات المصالحة، ولا سيما أن قوة حضورها في الشارع الفلسطيني تفوق حضور عدة تنظيمات اعترفت بـ(إسرائيل)، وأخص تلك التنظيمات المنضوية تحت لواء منظمة التحرير، والممثلة داخل اللجنة التنفيذية، تنظيمات بالاسم فقط، تنظيمات تعيش على ذكريات الماضي، تنظيمات تقود السياسة الفلسطينية، ولا حضور ميدانيًّا لها داخل الشارع الفلسطيني، تنظيمات تأكل من أموال المقاصة الإسرائيلية، وتتنفس آليًّا بغرفة الإنعاش، التي تشرف عليها الرباعية الدولية.