أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى، اليوم الاثنين، أنّ سلطات الاحتلال واصلت خلال العام 2022 استهداف الأطفال الفلسطينيين بالاعتقال والتنكيل، معلنًا رصد (865) حالة اعتقال بحقّ قاصرين بعضهم جرحى بحالات خطرة، وبعضهم لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات.
وأفاد المركز، في بيان صحفي، أنه على الرغم من أنّ الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، شدَّدت على ضرورة توفير الحماية للأطفال ومنحهم فرص التعليم والنمو بشكل آمن وسليم، إلا أنّ قوات الاحتلال و بتعليمات مباشرة من أعلى المستويات السياسية والأمنية في الكيان جعلت من اعتقال الأطفال الفلسطينيين هدفًا أوليًّا، ومارست التعذيب المحرم دوليًّا بحقّهم منذ اللحظة الأولى للاعتقال.
اقرأ أيضًا: تقرير الأسرى الأطفال.. ظروف حياتية صعبة ونقص حاد في الملابس
وقال الباحث "رياض الأشقر" مدير المركز: إنّ "الاحتلال يتعمد تكثيف اعتقال القاصرين بهدف ردعهم عن المشاركة في المواجهات مع الاحتلال أو التفكير في تنفيذ أعمال مقاومة، وتدمير مستقبل الأطفال وخلق جيل ضعيف وخائف، لذلك أعطى الضوء الأخضر لجنوده لاستهدافهم بالقتل والاعتقال والحبس المنزلي والإبعاد وغيرها من الجرائم".
وتابع: إنّ "قوات الاحتلال اعتقلت خلال العام 2022 عددًا من الأطفال بعد إطلاق النار عليهم وإصابتهم بجراح بعضها خطيرة وتعرضوا لعمليات تحقيق واستجواب داخل المستشفيات بشكل غير إنساني وجزء منهم جرى نقله إلى مراكز التحقيق بعد فترة وجيزة قبل إتمام شفائه".
وبيَّن أنّ من بين الأطفال الجرحى المعتقلين: الفتى محمد رجب أبو قطيش (16 عامًا) من بلدة عناتا تم اعتقاله بعد إطلاق النار عليه وإصابته بجروح خطيرة قرب التلة الفرنسية بحيِّ الشيخ جراح بالقدس ، والطفل محمد عبد الله الساحر (15 عامًا) تم اعتقاله بعد إطلاق النار عليه في بلدة سلواد شرق رام الله، وإصابته بجراح ووُصفت إصابته بالخطيرة، والطفل مقداد سرور (16 عامًا) تم اعتقاله قرب بلدة نعلين شمال غرب مدينة رام الله، ، بعد إطلاق النار عليه وإصابته بجراح في ساقيه قرب حاجز الاحتلال العسكري المقام قرب نعلين بحجة إلقاء الحجارة على مركبات الاحتلال.
واسترسل: إنّ "الأطفال المعتقلين خلال العام الماضي (45) طفلًا لم تتجاوز أعمارهم الثانية عشر، بعضهم لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات فقط، بل وصل الأمر لاعتقال طفل لا يتجاوز عمره 3 سنوات، وهو الطفل "يوسف سند كبها" خلال مروره مع والدته على حاجز عسكري جنوب جنين، وأجبروه قبل الإفراج عنه على خلع قميصه بحجة أنه يحمل صورة بندقية، كما اعتقلت الطفلين "حمزة شراونة" و"محمد سنقرط" ويبلغ كلٍّ منهما (9 سنوات) من مدينة القدس المحتلة".
وأضاف: "كذلك لجأت سلطات الاحتلال لاعتقال أطفال مرضى وذوي احتياجات خاصة في ظروف قاسية منهم الطفل المريض بالسرطان شمس الدين عازم (16 عامًا) من قرية قريوت بنابلس تم اعتقاله بعد تقييده والتنكيل به رغم مرضه، والفتى عبد الرحمن عبد الله (17 عامًا) من مخيم نور شمس بطولكرم، وهو يعانى من الإصابة بسرطان الدم "اللوكيميا"، والطفلان أحمد نوح " (15 عامًا) من نابلس، و "محمد شويكي" (15 عامًا) من الخليل وهما من ذوي الاحتياجات الخاصة ".
وبيَّن أنّ الاحتلال صعَّد العام الماضي من إصدار الأوامر الإدارية بحقِّ الأطفال فقد أصدرت محاكم الاحتلال 19 أمرًا إداريًّا بحقّ قاصرين بين جديد وتجديد، عددٌ منهم أمضي فترات في الحبس الإداري وتحرَّر وعددٌ آخرَ تجاوز سنّ الطفولة داخل الأَسر، بينما لا يزال (4) أطفال قيد الاعتقال وهم: عبد الرحمن الخطيب من بلدة حزما، وعبادة حسام حمّاد من بلدة سلواد، وجهاد بني جابر من بلدة عقربا، وصهيب سلامة من جنين.
وأشار إلى أنّ محاكم الاحتلال واصلت خلال العام 2022 فرض الغرامات المالية على الأطفال بجانب الأحكام الفعلية، بهدف استنزاف ذويهم، حيث أصبحت الغرامات تُشكّل عبئًا ماليًّا كبيرًا على الأهالي وعقابًا تعسُّفيًّا يُمارسه الاحتلال بحقّهم، بهدف إرهاق كاهلهم، حيث أصدرت محكمة عوفر غرامات مالية بما يُوازى (137 ألفَ دولار) بحقّ قاصرين.
وأصدرت سلطات الاحتلال خلال العام 2022 ما يزيد عن (240) أمرَ حبسٍ منزليٍّ بحقّ قاصرين غالبيتهم من مدينة القدس المحتلة، رغم تأثيره النفسي القاسي على الأطفال، وأصدرت أكثر من 135 قرارَ إبعادٍ لقاصرين سواءً عن المسجد الأقصى أو عن منازلهم لفترات مختلفة تصل إلى عدة شهور.
ونوَّه الأشقر إلى أنّ الاحتلال اعتقل ما يزيد عن (50.000) طفل فلسطيني، ذكورًا وإناثًا، منذ عام 1967 دون مراعاة لصغر سنهم وبراءة طفولتهم وضعف بُنيتهم الجسمانية، ودون توفير الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية والإنسانية، منهم (10 آلاف) حالة اعتقال، تم رصدها منذ هبَّة القدس في أكتوبر عام 2015 حتى اليوم.
وحتى نهاية العام وصل عددُ الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال نحو (160) طفلًا يقبعون في أقسام خاصة بسجون (عوفر، ومجدو، والدامون)، وعددٌ من مراكز التوقيف، بينهم طفلتان تقبعان في سجن "الدامون"، وهنَّ: نفوذ حمّاد (16 عامًا) من القدس، وزمزم القواسمة (17 عامًا) من الخليل.
اقرأ أيضًا: "واعد": دعوة مسؤولين أمميين إطلاق سراح الأسرى الأطفال فورًا خطوة مُقدَّرة
ولفت إلى أنّ الاحتلال يُمعن في انتهاك حقوق الأطفال ويتعامل معهم كإرهابيين لذلك فإنّ غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال الإهانة والتعذيب الجسدي والنّفسي، عبر جملة من الأدوات والأساليب الممنهجة المُنافية للأعراف الدولية، والاتفاقيات الخاصة بحقوق الطّفل، وتبدأ هذه الانتهاكات فعليًّا منذ اللحظة الأولى للاعتقال، وتستمر خلال فترة التحقيق والاحتجاز.
وتحتجز إدارة سجون الاحتلال الأطفال في مراكز توقيف وسجون تفتقر للحد الأدنى من المقوّمات الإنسانية، حيث تحرم العشرات من الأطفال من زيارة ذويهم أو من زيارة المحامي الخاص بهم وتحرمهم من حقّهم في التعليم والعلاج الطبي، ومن توفير الاحتياجات الأساسية لهم كإدخال الملابس والأغراض الشخصية، والكتب الثقافية.
وعدَّ ما جرى مع الطفل الأسير أحمد مناصرة هو تجسيدٌ واقعيٌّ وشاهدٌ حيٌّ للجريمة التي ترتكب بحقّ الأطفال، من عمليات تعذيب نفسيٍّ وجسديٍّ حيث أُصيب بمرضٍ نفسيٍّ صعب "يُشكّل خطورة على حياته، ويُعاني من أعراض الاكتئاب والعُزلة والانطواء، وأصبح لا يتعرف على أحد، ولا زال الاحتلال يرفض إطلاق سراحه بل ومدَّد وجوده في العزل الانفرادي أكثر من مرة.
وطالب مركز فلسطين المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الطفل أن يتحمل مسؤولياته، تجاه أطفال فلسطين، وما يتعرضون له من جرائم فاقت كلّ الحدود، وإلزام الاحتلال بتطبيق المواثيق والاتفاقيات الخاصة بالأطفال لوضع حدٍّ لمعاناتهم المتفاقمة بشكل يومي.