فلسطين أون لاين

بالصور الفنانة قعدان.. تعيد تدوير المخلفات لأشكال فنية مفيدة

...
طولكرم/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

شغف نجلاء قعدان بجمع المواد التي يمكن أن يتم تحويلها لمشغولات يدوية رافقها منذ الطفولة، فكانت تنتظر الإجازة الصيفية بفارغ الصبر لكي تشرع في تحويل ما جمعته من كرتون وقماش لتصاميم جديدة يمكن الانتفاع بها، وبعد انتقالها للعيش في مصر وجدت الفرصة لصقل تلك الموهبة بالدورات التدريبية.

ففي مصر التحقت قعدان بدورة تدريبية في صنع الإكسسوارات أضافت لها قواعد علمية في الفن الذي تهواه، حيث تعشق كل ما يمكن صناعته يدويًّا، تميّزُها في تلك الدورة أهلّها لتكون من القلة المنتقلين لدورة أكثر تخصصية في فن "الأركت" (حفر وتفريغ الخشب) ثم الحصول على هدية من شركة مصرية تشمل المعدات اللازمة لصنع الاكسسوارات يدويًّا.

وتبين أنّ تلك الدورات كانت أولى الخطوات في طريقها لتحويل هوايتها إلى مشروع، حيث أصبحت تمتهن الأشغال اليدوية التي أصبحت لها مصدر رزق، وصار لها زبائن، كما أنها كانت تدرب فتيات أخريات على هذا الفن.

وبعد انفصالها عن زوجها وعودتها للضفة الغربية، أصبح مشروعها الفني هو مصدر دخلها الوحيد لكن تعريف الناس بنفسها وبعملها لم يكن أمرًا سهلًا واستغرق كثيرًا من الوقت حيث بدأت ذلك بصفحة لتسويق منتجاتها عبر "الإنترنت" ثم المشاركة في معارض محلية جعلت هناك علاقة معرفة بينها وبين الجمهور.

تدوير المواد

وحازت مشغولاتها على إعجاب رواد تلك المعارض ما أهلها للفوز بالجائزة الأولى في مهرجان الإبداع الثاني للأشخاص ذوي الإعاقة، (حيث تعاني حاليًا من إعاقة حركية بعد أن زرعت مفاصل في قدميها خمس مرات دون فائدة) وكانت مشاركتها الأخيرة في معرض دير الغصون للأشغال اليدوية.

قعدان (4).jpeg
 

وبأدواتٍ بسيطة جلبتها معها من مصر تعكف قعدان على إعادة تدوير المواد من كرتون وقماش وغيرها لتحف وهدايا ومشغولات تراثية للأفراح، إما بتصاميم ذاتية من بنات أفكارها أو وفقاً لما يطلبه الزبون، ولا يقف عملها عند إعادة التدوير بل هي قادرة على التطريز والخياطة.

وتقول قعدان إنها احترفت مهنة الأشغال اليدوية مثل المعلقات والمطرزات اليدوية منذ فترة طويلة وعملت على إنتاج تجهيزات الأعراس المتنوعة حسب الطلب مثل: طاقية العروس والعريس، والفخارة، وسخان القهوة، والثوب البدوي مع الفناجين والصينية المخصصة له، وإناء الحنة وسلال بأحجام مختلفة.

وتشير إلى أنها تهوى صناعة الإكسسوارات منذ الصغر وبدأت بإنتاجها فعليًّا على الأرض منذ 3 سنوات وتميزت في إنتاج الإكسسوارات بكافة أشكالها، أحجار كريمة، خرز عادي، بجودة عالية، أنتيكات، ومزهريات بأسعار معقولة بحيث تناسب القدرة الشرائية للمواطنين، لافتة إلى أن منتجاتها مميزة بالشكل والخامات، لكي تراعي كافة أذواق المستهلكين قدر الإمكان.

وتقضي قعدان أوقات متفاوتة في تصميم وصناعة كل قطعة، "كل تصميم له وقت مختلف، فمثلاً لصناعة أشياء من الكرتون والورق أحتاج إلى استعمال دهان وغراء وعازل، ثم أكسوها بالقماش للحصول على التصميم النهائي، وأحياناً أضيف مواد من الطبيعة كسنابل القمح، والمعكرونة المطحونة، وهناك مشغولات أصنعها من الاسمنت والجبص والأحجار".

ومن الأشياء التي تصنعها قعدان منظم للإكسسوارات وأغراض المطبخ، أو مفاتيح لأدراج المطبخ، أو أغطية للعلب، بأشكال مختلفة سواء على شكل وردة أو هرم، "وأكثر شكل ترغبه السيدات خاصة صغار السن منهن شكل العروس، وتحته أدراج للأشياء المختلفة كالخيطان والدانتيل والاكسسوارات، حيث يكون لكل شيء منها درج مخصص".

لا حدود للأفكار

وتشير إلى أنه لا حدود للأفكار لديها، فهي منفتحة دائماً على الأفكار الجديدة وتحاول دائماً أن تجدد في مشغولاتها، "ولكوني لا أعتمد في عملي على الأشياء الجاهزة فإن هذا يستغرق مني وقتاً أطول، فمثلاً في صناعة سلة لفرح فإن أغلب من يعمل في مجال الأشغال اليدوية يشتري سلة جاهزة ثم يزينها بالقماش وغيره وفق ذوقه فيمكنهم أن ينجزوا أكثر من سلة في اليوم".

وتستدرك بالقول: "لكن أنا أصنع السلة من الكرتون، ثم أدهنه بطبقة عازلة لتحميه من الرطوبة، فأتركه ليلة كاملة على الأقل لتجف تلك الطبقة، ثم أشرع بتزيينها بالقماش وغيرها من الزينة، التي ألصقها بالغراء فأترك كل طبقة لنصف ساعة تقريباً لتجف".

قعدان (2).jpeg
 

وتنجز قعدان العمل بحذافيره وبما يحتاجه سواء من تطريز أو خياطة، "فلديّ القدرة على الخياطة، حيث أن ملابس ابني وابنتي على الأغلب من صنع يدي، حيث أقوم بتحويل ملابسي القديمة وأي قطعة ملابس لدى أحد من معارفي لتصميم جديد، وأحيكها بنفسي بواسطة ماكينة الخياطة، وقد صممتُ ملابساً لعدد من صديقاتي قبل ذلك".

وتتمنى قعدان أن تتمكن في المستقبل من إنشاء معرض دائم يمكنها عرض منتجاتها فيه باستمرار، وسأتيح الفرصة لكل الحرفيين مثلي لكي يعرضوا منتجاتهم فيه، فهذه المشاريع الصغيرة بحاجة لمن يدعمها، "وبعيداً عن الجهات الرسمية المقصرة بحقنا، فإننا نتلقى دعماً معنوياً من عائلاتنا هو الذي يحفزنا على الاستمرار في ظل قلة فرص العمل".