فلسطين أون لاين

مستوطنون يسيطرون على "أرض الحمراء"

تقرير "سلوان".. خاصرة الأقصى الجنوبية في مهبِّ التهويد والاستيطان

...
بلدة سلوان المتاخمة للمسجد الأقصى
القدس المحتلة- غزة/ أدهم الشريف:

تلجأ سلطات الاحتلال والجمعيات الاستيطانية في مدينة القدس إلى تصعيد الاستهداف لبلدة سلوان؛ جنوبي المسجد الأقصى المبارك، من خلال مشاريع التهويد والتوسع الاستيطاني على حساب المقدسيين.

وحسبما علمت صحيفة "فلسطين" من مصادر، فإنّ قوات الاحتلال زادت في الأيام الأخيرة من وتيرة عمليات الاقتحام ومداهمة منازل المقدسيين في سلوان.

وتخلّل ذلك اعتداءات واعتقالات طالت عددًا من سكان البلدة وعمليات عربدة نفّذها مستوطنون بعدما استباحوا منطقة أرض الحمراء في سلوان وسيطروا عليها لصالح البناء الاستيطاني.

وفي تفاصيل السيطرة على هذه الأرض، إحدى المعالم المهمة في سلوان وتتملّكها كنيسة الروم الأرثوذكس، فوجئ المقدسي المسنُّ آدم سمرين، صباح 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بشروع مستوطنين بتسييج الأرض التي زرعها وحرسها منذ سنوات شبابه.

وكانت قوات الاحتلال اعتقلت سمرين (80 عامًا) وقررت مؤخرًا إبعاده عن أرض الحمراء 15 يومًا، وهو على يقين أنّ ذلك القرار لم يأتِ بالصدفة بقدر ما كان مخطط له بهدف منح المستوطنين فرصة السيطرة عليها وبمجرد أن تَحقّق ذلك، بدأت آليات الاحتلال الحفريات فيها، بزعم جعلها "منطقة أثرية".

اقرأ أيضًا: تقرير استيلاءُ المستوطنين على "أرض الحمراء".. تهديدٌ خطيرٌ للمسجد الأقصى

وتبعد أرض الحمراء عن سور القدس الغربي قرابة 300 متر، وتقع على مفترق طرق مهم يؤدي إلى وادي حلوة والربابة في سلوان، وتُعدُّ من أخفض الأراضي في القدس التاريخية، وتبلغ مساحتها 5 دونمات.

تهويد سلوان

وفي هذا الصدد، قال عضو لجنة الدفاع عن بلدة سلوان الباحث المقدسي فخري أبو دياب: إنّ الاحتلال يُركّز على سلوان لأنها ملاصقة للأقصى، وهي خط الدفاع الأول عن جنوب المسجد المبارك وتُشكّل خاصرته الجنوبية.

وأضاف أبو دياب لـ"فلسطين": إنّ تهويد المسجد الأقصى يمر عبر تهويد سلوان أولًا، وهذه البلدة علاوة على قربها من الأقصى فهي تُعدُّ من المناطق المكتظة بالمقدسيين، وهذا مالا يريده الاحتلال ومستوطنيه، وقد تنبَّهوا لذلك وشرعوا في تنفيذ خطط التهويد والتهجير.

وتابع أنّ الاحتلال يعدُّ الوجود المقدسي في المدينة المحتلة حماية قوية للمسجد الأقصى أمام خططه، وقد نجح المقدسيون في كثير من الأحيان في إفشالها والحيلولة دون تنفيذها.

وبيَّن أنّ الاحتلال يستهدف سلوان بهدم المنازل ومنع التراخيص للراغبين في البناء، والاستيلاء على الممتلكات.

وتتمتع سلوان بأنها تضم العديد من القطع والأماكن الأثرية التي تدل على حضارات سابقة؛ ومنها: السور الجنوبي للمسجد الأقصى، وقصور أموية، ومنطقة البستان، وعين سلوان، وآثار كنعانية ورومانية وعثمانية أيضًا.

وأكد أبو دياب أنّ الاحتلال والجمعيات الاستيطانية يريدون طمس الآثار وتزييف الهوية الحقيقية لمدينة القدس، لتحاكي أساطير وروايات مزورة من صنع الاحتلال، في محاولة منه لإثبات أحقية وجود حضارة سابقة له كما يزعم.

وبيَّن أنّ الاحتلال يعمل بكلّ الوسائل لتغيير التركيبة السكانية، وتعزيز وتكثيف الاستيطان والمستوطنين، وتضييق الخناق على المواطنين وطردهم عبر التهويد وتنفيذ حملات ضريبية وإفقادهم الأمان النفسي والروحي والاجتماعي والاقتصادي، تنفيذًا لأهدافه وخططه الرامية إلى إفراغ محيط المسجد الأقصى.

وتابع أبو دياب: إنّ "المسجد الأقصى في عين العاصفة، وقد بدأ الاحتلال في خطوات تفريغ محيطه من المقدسيين للانقضاض عليه".

 

أوامر بالآلاف

وبيّن أنّ سلطات الاحتلال سلمت 7 آلاف أمر هدم إداري وقضائي، لمنازل في سلوان، ما يعادل أكثر من 40 بالمئة من منازل البلدة، بينها أحياء كاملة، منها؛ البستان، وادي حلوة، بطن الهوى، وادي الربابة، وعين اللوزة، وهذا يجعل من أصحاب هذه المنازل مهددين بالطرد والتهجير.

ولفت إلى أنّ الاحتلال يسعى بقوة إلى تغيير شكل المنطقة ووجهها الحضاري، ولذلك يستهدف الإنسان والتاريخ والمقدسات، ويعمل على وضع بصماته التهويدية على كل شيء.

وذكر أنّ أوامر الهدم القضائية تحتاج إلى قرارات من محاكم الاحتلال، ويسبق هذا النوع من الأوامر مخالفات وإخطارات وإجراءات في المحاكم.

وبيَّن أنّ أهالي بلدة سلوان لوحدها، خلال 2021، دفعوا قرابة 14 مليون شيقل مخالفات بناء، بينما بلغت قيمة المخالفات التي فرضها الاحتلال على أهالي القدس خلال السنة نفسها، 58 مليون شيقل.

أما الأوامر الإدارية لهدم منازل المقدسيين؛ يلزمها لتصبح جاهزة للتنفيذ، فقط توقيع رئيس بلدية الاحتلال في القدس.

اقرأ أيضًا: الهدمي: الاحتلال يهدف لانتهاك سلوان باستيلائه على "أرض الحمراء"

وأفادت معطيات أوردها دياب لـ"فلسطين"، بأنّ عدد المنشآت التي هدمتها سلطات الاحتلال منذ احتلالها القدس بالكامل سنة 1967 وحتى 31 أغسطس/ آب 2022، بلغ 5695 منشأة، 87 بالمئة منها منازل مواطنين مقدسيين، مبينًا أنّ عدد المنشآت المقدسية التي هدمها أصحابها مُرغَمين من الاحتلال بلغت 579، ونتج عن كلّ ذلك تضرر 75,214 مواطنًا مقدسيًّا.

وذكر أن عدد المنشآت التي هدمها الاحتلال في بلدة سلوان وحدها، 2041 منشأة، بينها 134 هدما ذاتي، نتج عنها جميعها أكثر من 15 ألف مقدسي متضرر.

واستند أبو دياب لتوثيق هذه الأرقام، إلى تقارير صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، وجمعيات ومنظمات أهلية وحقوقية، محلية ودولية.