بينما تتصاعد الإدانات المحلية والدولية الصادرة عن مؤسسات رسمية وحقوقية وأهلية، لانتهاكات وجرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين، تُصعِّد هذه السلطات بواسطة ما تعرف بـ"إدارة السجون"، من سياساتها العنصرية الهادفة إلى كسر إرادة وعزيمة الأسرى، الذين يزيد تعدادهم على 4700 أسير وأسيرة، موزعين على أكثر من 20 سجنًا ومعتقلًا ومركز تحقيق إسرائيليًّا، تجثم جميعها على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
اقرأ أيضاً: هيئة رسمية: سبب استشهاد الأسير طقاطقة إهمال طبي
وأدت جرائم الاحتلال بحق الأسرى في 2022، إلى استشهاد 5 أسرى، نتيجة عمليات تصفية واغتيال علني تخللها إهمال طبي متعمد.
شهداء الحركة الأسيرة
وتفيد معطيات رسمية بأن عدد شهداء الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال ارتفع إلى 233 شهيدًا منذ سنة 1967.
ففي 15 مايو/ أيار 2022، أُعلن عن استشهاد الأسير الجريح داود الزبيدي (42 عامًا) من مخيم جنين، متأثرًا بإصابته برصاص جيش الاحتلال في أثناء اقتحام المخيم.
واعتقلت قوات الاحتلال الزبيدي من جنين بعدما أصابته في بطنه، وأبلغت عائلته أنه محتجز لديها بحالة صحية خطرة، حتى أُعلن استشهاده، ما أثار ردود فعل غاضبة في الأراضي المحتلة.
وداود الزبيدي هو شقيق الأسير زكريا الزبيدي قائد كتائب شهداء الأقصى في جنين، وأحد أبطال عملية نفق "جلبوع" في سبتمبر/أيلول 2021، وكانت والدتهما سميرة الزبيدي وشقيقهما طه، استشهدا في اجتياح مخيم جنين نيسان/أبريل 2022.
ويوم 25 يونيو/ حزيران 2022، استشهد الطفل محمد عبد الله حامد (16 عامًا)، من بلدة سلواد في مدينة رام الله، بعد اعتقاله متأثرًا بإصابة بالغة بنيران قوات الاحتلال، الأمر الذي عدَّته مؤسسات حقوقية "جريمة تضاف إلى قائمة طويلة من الجرائم التي يواصل الاحتلال تنفيذها، وتشمل إطلاق النار بهدف القتل واعتقال المصاب بعدها كما حصل مع مئات الجرحى بهدف تصفيتهم، والتنكيل بهم، وقهر عائلاتهم".
وبتاريخ 2 يوليو/ تموز 2022، استشهدت الأسيرة سعدية مطر، من بلدة إذنا بمدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، نتيجة سياسة الإهمال الطبي بحقها في سجن "الدامون".
ومطر البالغة (68 عامًا)، كانت أكبر الأسيرات في سجون الاحتلال، وهي أم لثمانية أبناء، إذ اعتقلها جنود الاحتلال بتاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر 2021، بعد الاعتداء عليها بالضرب قرب الحرم الإبراهيمي بالبلدة القديمة في الخليل، ووجهت لها نيابة الاحتلال العسكرية تهمة محاولة تنفيذ عملية طعن ضد أحد الجنود.
وعلَّق نادي الأسير على استشهاد الأسيرة مطر في بيان صحفي، بأنها "تعرضت لجريمة القتل البطيء بالإهمال الطبي، التي مثلت السياسة الأبرز في السنوات الماضية، وأدت إلى استشهاد العشرات من الأسرى".
ومنتصف أكتوبر/تشرين الأول 2022، استشهد الأسير الجريح محمد ماهر السعيد غوادرة (17 عامًا)، من مخيم جنين شمال الضفة الغربية، بعد استهدافه بنيران الاحتلال وإصابته بجروح بالغة ومن ثم اعتقاله.
وقد خضع غوادرة لاحقًا لعملية جراحية بترت فيها يده اليُسرى، في مستشفى "تل هشومير" الإسرائيلي، في إثر معاناته من حروق شديدة وعميقة بنسبة 90 بالمئة في جسده، ما أدى إلى استشهاده نتيجة تفاقم حالته الصحية.
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت غوادرة مع عمه الجريح محمد وليد غوادرة (22 عامًا)، بتاريخ 4 سبتمبر/أيلول الماضي، بعد تنفيذهما عملية فدائية في منطقة الأغوار، ومدد اعتقالهما غيابيًا عدة مرات.
أما آخر شهداء الحركة الأسيرة لسنة 2022، فهو الأسير ناصر أبو حميد (50 عامًا)، إذ أعلن عن استشهاده يوم 20 ديسمبر/ كانون الأول، بعد إصابته بمرض السرطان داخل سجون الاحتلال، وتعرضه للإهمال الطبي المتعمد لتصفيته.
والشهيد أبو حميد كان محكومًا بالسجن المؤبد 7 مرات و50 سنة، وتعرض للاعتقال الأول قبل انتفاضة الحجارة عام 1987 وأمضى 4 أشهر، وأعيد اعتقاله مجددًا وحكم عليه بالسجن سنتيْن ونصف وأفرج عنه.
وأعادت قوات الاحتلال اعتقاله للمرة الثالثة عام 1990، وحكم عليه بالسجن المؤبد، إذ أمضى من حكمه 4 سنوات ثم أُفرج عنه مع قدوم السلطة، إلا أن الاحتلال أعاد اعتقاله لاحقًا إلى أن أُعلن استشهاده.
اقرأ أيضاً: هيئة الأسرى: إهمال طبي متعمد بحق أسيرين في سجن "إيشل"
ولا تتوقف جرائم الاحتلال عند سياسة الإهمال، وتتنوع، لتشمل العديد من الانتهاكات التي تطال الأسرى والمعتقلين القدامى منهم والجدد أيضًا.
وتفيد معطيات رسمية بأن عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال يزيد على 4700 أسير، بينهم 33 أسيرة، ونحو 160 قاصرًا، و820 معتقلًا إداريًّا منهم ثلاث أسيرات، وأربعة أطفال.
معطيات وإحصائيات
وأفاد مدير الإعلام في وزارة الأسرى والمحررين بغزة إسلام عبده، بأن عدد عمليات الاعتقال التي نفذها الاحتلال في 2022 سجلت ازديادًا كبيرًا مقارنة بالسنوات الماضية، وزاد عددها على 7 آلاف عملية اعتقال في الأراضي المحتلة.
وأضاف عبده لصحيفة "فلسطين"، أن عمليات الاعتقال هذه استهدفت الأطفال، والنساء، والرجال، والشيوخ، وخضع جميعهم لوطأة الانتهاكات والجرائم التي يمارسها الاحتلال بحق الأسرى.
وأشار إلى تصاعد سياسة الاعتقال الإداري، إذ نتج عنها اعتقال عدد كبير من المواطنين إداريًا في 2022 مقارنة بـ 2021 التي وصل فيها عدد الإداريين إلى نحو 400.
وذكر أن عدد المعتقلين الإداريين في السنة الماضية زاد عن 800 معتقل، دفع ذلك العديد منهم إلى خوض معارك أمعاء خاوية ضد إدارة السجون، رفضًا لاعتقالهم دون تهمة أو محاكمة، أبرزهم خليل عواودة، من الخليل، إذ استمر إضرابه أكثر من 170 يومًا على مرحلتيْن.
وقد رفض الإداريون أيضًا المثول أمام محاكم الاحتلال جميعها، لاعتقادهم بأنها "محاكم صورية تحاول تجميل الاعتقال الإداري"، بحسب عبده.
وأشار أيضًا إلى الزيادة الكبيرة التي طرأت على عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، وصل إلى أكثر من 700 أسير وأسيرة يعانون أمراضًا مختلفة، أشدها وطأة السرطان ويقدر عدد المصابين به 25 أسيرًا، وكذلك الأمراض المزمنة.
ونبَّه إلى حاجة هذه الفئة من الأسرى من متابعة ورعاية صحية يومية، لكنهم في الحقيقة يتعرضون إلى الإهمال الطبي المتعمد وعمليات قتل بالبطيء.
وفيما يتعلق بالاقتحامات اليومية وعمليات القمع داخل السجون، أفاد عبده بأن إدارة سجون الاحتلال صعدت من هذه العمليات تصعيدًا كبيرًا وغير مسبوق، ومارست سياسة التنقلات بين الأقسام والسجون بحق عددٍ من الأسرى أصحاب المؤبدات، ومن يصنفهم الاحتلال بأنهم خطيرون.
كما لفت إلى معاناة الأسيرات نتيجة انتقاص إدارة السجون من حقوقهن، في الوقت الذي يواصل الاحتلال منع زيارة أهالي الأسرى خاصة ممن ينتمون لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وحذَّر من مغبة وتداعيات حملة التحريض التي ينفذها وزير "الأمن القومي" في حكومة الاحتلال "إيتمار بن غفير"، بحق الأسرى، إذ يسعى لفرض واقع اعتقالي جديد عليهم بإلغاء الهيئات التنظيمية، وتقليص وجبات الطعام، ومناقشة قانون إعدام الأسرى منفذي العمليات الفدائية ضد أهداف الاحتلال، عادًا أن جميع الخطط والعمليات الممنهجة ضد الأسرى هي للنيل من صمود وثبات الحركة الأسيرة.