لم تدخر سلطات الاحتلال وأذرعها الأمنية والقضائية والعسكرية، جهدًا لتنفيذ المزيد من مشاريع التهويد والتوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة في 2022، بهدف تزوير الجغرافيا السكانية لمصلحة المستوطن اليهودي.
وحسبما يؤكد مختصون في شؤون الاستيطان، فإنّ مشاريع التهويد والاستيطان الإسرائيلية شملت القدس والضفة الغربية المحتلتين.
وقال الاختصاصي محمد غُنْمة: إنّ تفكير حكومات الاحتلال المتعاقبة وخططها وإستراتيجياتها مبنية على المشاريع الاستيطانية مشيرًا إلى أنّ أحزاب "اليمين" المتطرف من أشد الأطراف في كيان الاحتلال التي تؤيد ذلك، وهي تتخذ من المستوطنات مكانًا للانطلاق لتنفيذ مشاريعها بحراسة مشددة من قوات الجيش.
"تبييض المستوطنات"
وأضاف غُنْمة لصحيفة "فلسطين" أنّ الاحتلال ينطلق في تنفيذ خططه الاستيطانية وفق ما يسمى (قانون تبييض المستوطنات)، أو قانون التسوية الصادر في 2017م، والذي يتعامل بأثر رجعي مع وضع المستوطنات الموجودة في الضفة الغربية بهدف تشريعها.
ونبَّه غُنْمة إلى أن هذه الخطط والمشاريع الاستيطانية قوبلت بتصدي المواطنين في إطار فعاليات المقاومة الشعبية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، وتحديدًا عند بؤرة "حومش" المقامة قرب بلدة سيلة الظهر، جنوب جنين، في شمال الضفة الغربية، وذلك انطلاقًا من أن الأرض هي أساس الصراع مع الاحتلال.
اقرأ أيضاً: اتفاق يميني إسرائيلي على توسيع البؤرة الاستيطانية في الخليل
وذكر المختص في شؤون الاستيطان، أن (إسرائيل) تعمل بقوة من أجل استئناف مشاريع الاستيطان في منطقة جنين ومحيطها، بعد أن غادرها العديد من المستوطنين في عهد رئيس وزراء حكومة الاحتلال السابق "أرئيل شارون".
وبيَّن غُنمة أنّ الصراع مع الاحتلال يشتد في محافظة نابلس ومحيطها، وتحديدًا في منطقة بيت دجن، وجبل صبيح، وقرية بيتا، إذ يقف الأهالي هناك بقوة في وجه مخططات الاحتلال.
وبالانتقال إلى مدينة القدس، حسبما يقول غُنْمة، فإنّ سلطات الاحتلال تُصعّد من عمليات الهدم والتهويد بهدف إحلال المستوطنين بدلًا من المقدسيين، وهي تكثف بناء المستوطنات في منطقة شعفاط، وعناتا، وسلوان، وفي الأماكن التي يزعم اليهود أنها تحتضن أماكن دينية أيضًا.
ولأجل ذلك، يعمل الاحتلال على جمع أموال طائلة لدعم الاستيطان داخل المستوطنات في القدس خاصة، وفي الضفة الغربية أيضًا، وهذا يُمثّل حلم "إيتمار بن غفير" الذي تولى حقيبة ما تسمى "وزارة الأمن القومي" في حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، وذلك بعد أن كان يُعدُّ أشد النشطاء السياسيين اليمينيين تطرفًا ضد الفلسطينيين، والقول هنا للمختص في شؤون الاستيطان، غُنْمة.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بحسب قوله، بل امتد إلى تسمين المستوطنات بأعداد ضخمة من الوحدات الاستيطانية الجديدة، وشملت بناء أكثر من 1400 وحدة استيطانية حول مدينة القدس وحدها، إضافة إلى إنشاء نفق "عناتا"، وغيرها من المشاريع التهويدية.
وكانت وزيرة داخلية الاحتلال المنتهية ولايتها أييليت شاكيد، قد أنهت أخيرًا جميع المراحل التخطيطية اللازمة لإنشاء حيٍّ استيطاني وتجاري ضخم على أراضي مطار القدس الدولي أو ما يعرف بـ"مطار قلنديا" التاريخي شمال القدس المحتلة، والذي يعد الأقدم في فلسطين.
ومن شأن هذا المخطط أن يفصل القدس عن الضفة الغربية.
تنافس إسرائيلي
من ناحيته، قال المختص في شؤون الاستيطان عبد الله أبو رحمة: إنّ السباق الانتخابي بين الأحزاب الإسرائيلية اشتد في 2022، وكان الاستيطان هو العنوان الرئيس للمنافسة، وقد انعكس ذلك على الأراضي المحتلة ببناء المزيد من الوحدات الاستيطانية.
وأضاف أبو رحمة لـ"فلسطين" أن رؤساء الأحزاب الإسرائيلية استخدموا الاستيطان لكسب المزيد من المقاعد في انتخابات "الكنيست" التي جاءت مجددًا بنتنياهو إلى المشهد السياسي.
وبيَّن أنّ 65 بؤرة استيطانية رعوية منتشرة في الضفة الغربية، يطمع الاحتلال إلى السيطرة الكاملة على الأراضي المُنشَأة عليها من أجل تشريع هذه المستوطنات وتطويرها وإبقائها في تلك المناطق.
وأشار أبو رحمة إلى الزيادة الواضحة في الميزانية المخصصة للتوسع الاستيطاني، بدلالة مخططات الاحتلال المعلنة لإنشاء المزيد من المشاريع في القدس والضفة.
اقرأ أيضًا: الشعبيّة تحذّر من تسريع وتيرة الاستيطان خاصّة في مدينة القدس وبلداتها
ولفت إلى عمليات الهدم المتكررة في القدس، حتى وصلت إلى مرحلة أن يهدم المواطن المقدسي بيته بيده؛ لعدم قدرته على دفع الغرامات الباهظة التي يفرضها الاحتلال في حال تنفيذه عملية هدم البيوت التي أخطرها سابقًا، واستنفد أهلها جميع المحاولات للحيلولة دون ذلك، إضافة إلى مشاريع تهويدية تتمثل في جسور وطرق، تُسهّل وصول المستوطنين إلى أعماق القدس والمستوطنات المحيطة بها.