في زنزانة ضيقة ومتسخة، تُرك باسل فليان (24 عامًا) تسعة أيام واقفًا على قدميه، يتنقل بين غرف التحقيق ليُمارس بحقه شتى ألوان التعذيب الوحشي بالضرب المبرح، والشبح، والسب، والشتم، دون رحمة في مقر جهاز المخابرات العامة التابع للسلطة.
واختطفت عناصر من جهاز المخابرات "باسل" وشقيقه "بهاء" مساء 13 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، ضمن حملة نفذتها بحق كوادر حركة المقاومة الإسلامية حماس، عشية ذكرى انطلاقتها الـ35، قبل أن تفرج عن الأخير بعد ثلاثة أيام من اعتقاله.
اقرأ أيضاً: محامون من أجل العدالة: تسجيل 73 حالة اعتقال سياسي بالضفة
وتواصل أجهزة أمن السلطة حملة اعتقالات واسعة بحق أنصار وناشطي حركة حماس في الضفة الغربية، طالت مئات المواطنين، منهم طلبة جامعات ومحررون وأكاديميون.
ضرب مبرح
وتخشى عائلة "فليان"، وفق شادي شقيق المعتقل "باسل"، أن يصاب ابنها بمكروه في سجون السلطة، إذ مورست عليه شتّى صنوف العذاب في الأيام الثلاثة الأولى من اعتقاله.
وقال "فليان" لصحيفة "فلسطين": إن عائلته علمت بتعرض شقيقه للتعذيب بعد الإفراج عن "بهاء" -شقيقه الأصغر- وأخبر بأن "باسل" تعرض للضرب بعد أن رفض فتح هاتفه الشخصي ليطَّلع المحققون عليه.
وحمّل أجهزة أمن السلطة المسؤولية الكاملة عن حياة شقيقه، الذي تعرض للتعذيب في عدد من الاعتقالات السابقة كما هذا الاعتقال، كاشفًا أن السلطة تمنع عائلته ومحاميه من الزيارة، وهو ما يزيد من مخاوفهم على مصيره.
وبيَّن "فليان" أن شقيقه تعرض في الأيام التسعة الأولى للاعتقال على ذمة المحافظ، قبل أن تمدد محكمة الصلح في رام الله يوم الخميس الماضي اعتقاله مدة 15 يومًا، غير مستبعد أن توجه السلطة تهمًا باطلة لشقيقه، منها: جمع وتلقي أموال بطريقة غير مشروعة، أو قدح مقامات عليا، أو الانتماء لجماعات محظورة، أو إثارة نعرات طائفية.
مخالفة قانونية
وأردف "فليان" أن أمن السلطة يحقد على شقيقه "باسل" منذ أيام دراسته الجامعية التي تخرج منها قبل عامين، إذ كان ناشطًا نقابيًا وعضوًا في الكتلة الإسلامية، وأحد أعضاء مجلس اتحاد الطلبة.
وبين أن شقيقه في مرحلة دراسته الجامعية تعرض للاعتقال أكثر من مرة من أجهزة أمن السلطة، والاحتلال، لنشاطه في الكتلة الإسلامية، لافتًا إلى أن التحقيق الذي جرى معه في مقر الأمن الوقائي أُعيد عليه في سجون الاحتلال.
ولفت إلى أن شقيقه "باسل" بات مهددًا بفقدان عمله في إحدى المحالّ التجارية في رام الله، بسبب اعتقاله، داعيًا الفصائل والمؤسسات الحقوقية إلى العمل لإنهاء الاعتقال السياسي.
اقرأ أيضاً: 340 حالة اعتقال سياسي لدى السلطة خلال عام 2021
وأكد عضو مجموعة "محامون من أجل العدالة" المحامي ظافر صعايدة أن محكمة الصلح في رام الله أوقفت "فليان" لاستكمال التحقيق معه مدة 15 يومًا، بعد أن اعتقلته 9 أيام على ذمة المحافظ.
وعدَّ صعايدة في حديث لصحيفة "فلسطين" أن هذا الإجراء يخالف القانون، فلا يعقل توقيف شخص 9 أيام دون مسوّغ قانوني، ومن ثم عرضه على المحكمة.
ورأى أن التهم التي توجه للمعتقلين غالبيتها تكون على خلفيات الانتماء السياسي، ودون التزام قواعد القانون، مؤكدًا أن "باسل" تعرض للشبح والضرب في أقبية التحقيق بحسب شقيقه "شادي". ولفت إلى أن السلطة ترفض السماح للمحامين بزيارته والاطلاع على أوضاعه.