أوصى برلمانيون وقادة فصائل بضرورة تنظيم حملة دولية تُجرِّم سياسة الاحتلال الإسرائيلي بإبعاد القيادات الوطنية والإسلامية الفلسطينية، مستذكرين عملية الإبعاد إلى "مرج الزهور" جنوبي لبنان في 17 ديسمبر/ كانون الأول 1992م.

جاء ذلك في ندوة سياسية أمس، عقدتها هيئة الثوابت في حركة المقاومة الإسلامية حماس، بالتعاون مع مركز التأريخ والتوثيق الفلسطيني، بعنوان "مرج الزهور.. ذكريات ودروس"، وذلك بمناسبة مرور 30 عامًا على جريمة إبعاد "مرج الزهور".

وشارك في الندوة: رئيس المجلس التشريعي د. عزيز دويك، والنائب الأول لرئيس المجلس د. أحمد بحر، ورئيس الهيئة د. محمود الزهار، ورئيس دائرة شؤون اللاجئين د. محمد المدهون، والقيادي في حركة الجهاد الإسلامي د. طاهر اللولو، ونواب وقيادات ونخب سياسية وأكاديمية، وعائدون من الإبعاد.

وأكد المتحدثون في الندوة أن المخاطر والتداعيات الناتجة عن جريمة الإبعاد تستوجب المساءلة الدولية؛ لمنع تكرارها، وذلك مع استمرار سياسة الفصل العنصري التي ينتهجها الاحتلال، موصين بـ"منح الرواية الشفوية عناية واهتمامًا كبيرين من صناع القرار؛ لتوثيق روايات مهمشة لا يذكرها التاريخ، وكذلك الاهتمام بالمذكرات الشخصية التي تعد عمودًا أساسيًا في التاريخ والتوثيق في مسيرة النضال الفلسطيني".

وحثّوا الجامعات على تأسيس وإنشاء مراكز تُعنى بالتاريخ الشفوي، ودعم جهود الباحثين في هذا المجال ماديًا ومعنويًا، عادين هذا النوع من التاريخ جزءًا لا يتجزأ من التراث الإنساني، والذاكرة المحلية والوطنية.

بدوره استعرض دويك تجربته مع الإبعاد، إذ كان الاعتقاد أن هذه المِحنة لن يعود المبعدون منها، لكنها تحولت إلى "منحة"، مضيفًا أن عقله ما زال يحمل ذكريات "مرج الزهور"، التي يُعد المبعدون فيها أعلى منبر إعلامي في تاريخ القضية الفلسطينية، وكان صوتهم يصل سريعًا إلى الجميع.

وأشاد دويك باستقبال لبنان وسوريا للمبعدين، لافتًا إلى أن العائدين من "مرج الزهور" حولوا حياة الاحتلال جحيمًا، وقد صنع هؤلاء تاريخًا له آثاره في الصراع مع المحتل.

من جهته أشار بحر إلى بعض الفعاليات المهمة التي أُعدت في أثناء الإبعاد، ومنها: مسيرات العودة، ومرج الزهور، والمشاعل، وتنكيس علم الأمم المتحدة، وغيرها.

وتطرق بحر إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم (799)، القاضي بعودة المبعدين جميعًا إلى بيوتهم آمنين، بعد تخلي السلطة عن تعهداتها التي قطعتها على نفسها بعدم الذهاب إلى المفاوضات إلا بعودة المبعدين، وتناست الجامعة العربية ووزراء الخارجية العرب دورهم في دعم قضيتهم.

تدويل القضية

من ناحيته طالب الزهار السلطة بتكثيف تواصلها مع المحكمة الجنائية الدولية، وإحالة ملف الإبعاد إليها؛ لمساءلة الاحتلال وملاحقته على ما يمارسه من جرائم إبعاد، التي تعد إحدى صور جرائم الحرب ضد الإنسانية.

وأكد رئيس هيئة الثوابت أهمية التواصل مع مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الفاعلة، وحثها على التحرك الجاد والفاعل لإجبار سلطات الاحتلال على الانصياع لقواعد القانون الدولي.

وقال: إن الإبعاد والترحيل سياسة خطيرة وجريمة مارستها سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين، وقد وجدت العصابات الصهيونية فرصتها لارتكاب المجازر بحقهم، وهدم قراهم، وترحليهم بعد هزيمة الجيوش العربية سنة 1948م.

واستعرض الزهار تجربة الإبعاد التي طالت 415 ناشطًا، غالبيتهم من قيادات حماس والجهاد الإسلامي، ومدى المخاطر التي واجهها المبعدون في بيئة حياتية صعبة تكسوها الثلوج، مشيرًا إلى أن المقاومة استطاعت قبل الإبعاد إلحاق أضرار كبيرة بالاحتلال، ما دفعه إلى اتخاذ قرار الإبعاد بحق كوادر وقيادات وطنية وإسلامية.

وتحدث اللولو عن عملية الإبعاد التي شملته، واستهدفت شخصيات قيادية لإبعادهم عن فلسطين، مضيفًا أن الاحتلال حاول كسر إرادة القياديين المبعدين، إلا أنه في المقابل أصبحت منطقة "مرج الزهور" مزارًا للمتضامنين والصحفيين وأحزاب سياسية، ووجدوا هناك خيرة الشباب والشيوخ، الذين أُبعدوا من أطباء ومهندسين ومدرسين وغيرهم.

وأشار إلى حالة الصمود والثبات التي تمتع بها مبعدو "مرج الزهور"، وحافظوا عليها، على الرغم من صعوبة الإبعاد عن الأهل والوطن.

واستعرض عائدون تجربتهم مع الإبعاد الذي استمر قرابة سنة كاملة، وأنجز العديد منهم دراساتهم العليا، ودورات تدريبية في مجالات ولغات مختلفة، قدمها قياديون أبعدهم الاحتلال.