تناقش الباحثة الفلسطينية د. أشجان عجور في كتاب بحثي دور الإضراب عن الطعام في تشكيل الذات الثورية للأسرى المضربين في ضوء مقاومتهم آليات السلب.
وتجادل الأكاديمية في علوم الاجتماع في جامعة "جولد سمث" البريطانية، في أن المضربين عن الطعام يقاومون آليات السلب بابتكار تقنيات وإستراتيجيات تتحدى الآلة الاستعمارية، لتشكيل ذواتهم الثورية.
استعادة الإنسانية
وتبين عجور أن فكرة كتاب "استعادة الإنسانية في تجربة الإضراب عن الطعام في فلسطين: الذات الثورية وإنهاء استعمار الجسد"، نبعت من الواقع السياسي الذي عاشته في فلسطين، ومشاركتها الدائمة في مسيرات التضامن مع الأسرى ولا سيما المضربين عن الطعام، قبل الانطلاق إلى الحياة البحثية.
وتشير عجور في حديثها لـ"فلسطين" إلى أنها واجهت غياب الدراسات الأكاديمية التي تتناول هذه الظاهرة بوصفها أحد أهم أشكال المقاومة في فلسطين، "وجدتُ بعض الأدبيات المحدودة باللغة العربية عن الإضرابات الجماعية، لذا قررت التركيز على إضرابات عن الطعام لسد الفجوة في الأدبيات الأكاديمية".
وتلفت إلى أنها أمضت رحلة طويلة في البحث والإعداد للكتاب منذ عام 2014 حتى عام 2021، أجرت خلالها 85 مقابلة، لدراسة الظاهرة مع محررين خاضوا تجربة الإضراب عن الطعام، ومع عائلاتهم والمحامين الذين مثلوهم، إضافة إلى ممثلين عن الحركة الأسيرة من الأحزاب السياسية.
وتضمنت الدراسة تفاعل الأسرى مع عمليات السلب والتجريد من الإنسانية التي تقوم بها سلطات الاحتلال ممثلة بإدارة السجون، وكيف أن مقاومة الإضراب هي عملية استعادة للإنسانية التي يهدف مشروع المستعمر إلى مصادرتها، وفق الباحثة.
14 فصلًا
وبحسب عجور فإن الدراسة "تجادل في أن المضربين عن الطعام يقاومون آليات السلب، وابتكروا تقنيات للمقاومة وإستراتيجيات لتحدي الآلة الاستعمارية، لتشكيل ذواتهم الثورية".
وتنبه إلى أن الكتاب يسعى لتوضيح فلسفة المضربين الخاصة بتسليح الجسد، ويقدم سردًا تحليليًا تفصيليًا لعملية المقاومة، وكيفية مواجهة آلة الاستعمار من خلال تحويل أجساد الأسرى إلى سلاح.
ويقع كتاب د. عجور في 14 فصلا، تتطرق إلى تسليح الجسد، وتقنيات المقاومة التي طورها الأسرى لمقاومة عمليات السلب، واستخدام الجسد في المقاومة، وتشكل الذات الثورية في التجربة، وصمود الأسرى، ومفهوم الانتصار والسيادة على الجسد، وعلاقة الذات الفردية بالجماعية، والمفاوضات التي عدَّتها الكاتبة معركة داخل معركة الإضراب.
ومطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، توج الكتاب بجائزة "البحث الأكاديمي" ضمن "جوائز كِتاب فلسطين"، التي تُمنَح سنوياً، منذ عام 2012، لأفضل الكُتب الصادرة باللغة الإنكليزية عن فلسطين والشعب والفلسطيني.
ولدى سؤالها عما يعنيه الفوز، تجيب: "الفوز يعني أنه تم تقدير عملي الأكاديمي عن موضوع مهم، وهو تجربة الإضراب عن الطعام، التي تعد من أهم أشكال المقاومة الفلسطينية، وأداة مقاومة تاريخية ومركزية".
وتضيف عجور: "هذا التقدير يعود للإضافة الخاصة التي قدمها الكتاب، حيث وضح وألقى الضوء على فلسفة المضربين في الحرية وتسليح الجسد، وقدم جدليات مهمة عن انهيار الجسد المادي وتفجر قوة روحية في هذه التجربة السياسية والإنسانية".
تكريم للأسرى
وتتابع: "الفوز أيضا هو تكريم للعمل ولتجربة الأسرى كما قالت لجنة التحكيم إنها دراسة رائدة، ووصفت بحجر الأساس لهذا الشكل من المقاومة".
وتهدي عجور الجائزة للأسرى الذين شاركوا معها في هذه الرحلة "فهم فلاسفة المعركة والكتاب، بنقل أصواتهم، والتعمق في رواياتهم، ومفاهيمهم، وفلسفتهم في الحرية والتحرر، وأتمنى أن أكون قد نقلت صوتهم كما يريدون".
وتعبر عن سعادتها بأن أصبح للمضربين عن الطعام مرجع أكاديمي، لأنها عندما بدأت في البحث وجدت أدبيات عالمية على مستوى نظري ومنهجي لحالات دراسية كثيرة على مستوى العالم، "ولكني لم أجد دراسات أكاديمية عن الحالة الفلسطينية، وعليه فإن هذا البحث هو امتداد للنضال العالمي ضد الأسْر المبني على النضال الوطني والحق في تقرير المصير".
ويذكر أن الباحثة عجور حصلت على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة بيرزيت، ودرجة الماجستير أيضا في دراسات المرأة والنوع الاجتماعي، وتم نشر رسالتها في كتاب صدر عن معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان في عام 2014. بعنوان "تمثيلات القوة والمعرفة في خطاب المنظمات النسائية غير الحكومية".
وحصلت عجور على درجة الدكتوراة من جامعة "جولد سمث" البريطانية في عام 2019، ودرست في جامعة "ورك"، وأجرت العديد من الأبحاث ضمن منحة ما بعد الدكتوراة في جامعة "براون" الأمريكية.