فلسطين أون لاين

اعتداء قيد بالمشفى ضد "مجهول"

تقرير "رنين الهور".. حافلة مخابرات السلطة دهست قدمها ومنعت إسعافها 15 دقيقة

...
"رنين الهور".. حافلة مخابرات السلطة دهست قدمها ومنعت إسعافها 15 دقيقة
الخليل-غزة/ يحيى اليعقوبي:

"رجلي.. رجلي" صرخاتٌ متألمة متتابعة انطلقت من الفتاة رنين الهور (22 عامًا) في أثناء صعقها بالكهرباء من أحد عناصر مخابرات السلطة، أدت إلى سقوطها على الأرض، علقت قدمها أسفل إطار حافلة المخابرات ما حال دون قدرتها على سحبها للخارج، ثم تحركت للأمام ودهستها على الرغم من تنبيه أحد الأشخاص السائق بوجود قدم الفتاة في الأسفل.

بدأت الحادثة الساعة الثالثة من فجر الثلاثاء الماضي، حين استيقظت "رنين" من بلدة صوريف شمال الخليل على قرعٍ متواصل لباب المنزل، نظرت من النافذة لتجد البيت مُحاطًا بعدد من المركبات الأمنية، ترجل منها أكثر من ثلاثين عنصرًا ملثمًا، لم تفتح باب المنزل قبل أن يعرِّفوا عن أنفسهم، صمت الجميع باستثناء أحدهم: "احنا مخابرات".

تلف قدمها الجبيرة، ممددة على سرير منزلها لا تقوى على الحركة، تعيد رنين رواية الحدث لصحيفة "فلسطين" يوخز الألمُ صوتها: "فتحت الباب، فسألوا عن أخي أمير ووالدي حسام، ونزل الاثنان، فطلبوا اعتقالهم، لكن عندما قال لهم أبي: "أبقوا واحدًا منا مع النساء هنا، وعندما تنتهون من التحقيق معه بإمكانكم القدوم واعتقال الآخر"، انهالوا عليه ضربًا مُبرحًا من جراء تلك الكلمات".

تحت العجلات

لم تستطِع الفتاة الصمت على رؤية والدها يُضرب بهراوات وأقدام أفراد أمن السلطة، فحاولت إفلاته من بين أيديهم في أثناء اقتياده إلى الحافلة، إلى أن قام أحد العناصر بصعقها وسقطت على الأرض، تحاول التغلب على وجع قدمها وهي تسرد بقية التفاصيل: "عندما سقطتُ شعرت وكأن جسدي متخدرٌ من أثر الصعقة، ثمّ شعرت بتحرك إطار الحافلة قليلًا على قدمي فعلقت تحته، فبدأت في الصراخ وطلبت الاستغاثة: ساعدوني.. ساعدوني".

تعيد وصف ما عاشته: "من شدة الألم كنت أنهض وأعاود النوم على ظهري مرارًا وأضرب بيدي الأرض، لكني لا أستطيع سحب قدمي العالقة أسفل الإطار، حتى انتبه أحد عناصر الشرطة فأخبر السائق، لكن بدلًا من التحرك للخلف لإعطائي مجالًا لسحب قدمي، تحرك للأمام فصعدت العجلة فوق قدمي فزدت في الصراخ والألم".

وعلى الرغم من تحرك الحافلة، بقيت سيارات ومركبات أخرى لأفراد أمن السلطة تحيط بالمنزل، وتغلق بوابته الرئيسة، لم يلتفت أحد منهم لصرخات رنين ولا لدمها النازف على الرغم من السير أمامها.

 للحظة ظنّت أن هؤلاء هم جيش الاحتلال وليسوا أفراد أمن من بني جلدتها، "لمدة ربع ساعة منعوا أهلي وجيراني الخروج لإسعافي، كانت قدمي تنزف وتؤلمني كثيرًا، لم أرَ شيئًا وكأنَّ الدنيا مظلمةٌ، حتى فتحوا البوابة واتصل الجيران بالإسعاف"، تقول الهور.

أجرت الفتاة صورة أشعة بالمشفى، وأظهرت الصور وجود تمزق في الأوتار وتجلط بأحد أصابع القدم، ومنعها الأطباء التحرك لحين المراجعة الثانية كي يقرروا إن كانت بحاجة لعملية جراحية أو لا.

ضد مجهول

عند إسعافها استغربت الفتاة طلب أجهزة أمن السلطة مرافقة الإسعاف للمشفى، وإظهار خوفهم عليها، على الرغم من أنهم ضربوها، ولم تستطِع فهم شيء، حتى سلمها الطبيب التقرير الطبي في أثناء تسجيل الخروج، ووجدته مقيَّدًا ضد "مجهول"، فعرفت الهدم من القدوم.

تعلق بقهر انفجر معه صوتها: "فتاة نائمة في منزلها في الثالثة فجرًا، من سيعتدي عليها لولا أنهم قاموا بالاعتداء؟ وعلى الرغم من الاعتداء والضرب قاموا بالتغطية على الجريمة، ذهبتُ للطبيب وسألته لماذا قام بتغيير التقرير الطبي؟ وما القانون الذي يسمح للمشفى بتغيير الاعترافات على الرغم من وجود شهود عيان".

قبل كتابة التقرير، طرح عليها أحد العناصر أسئلة وصفتها بالتعجيزية، عن لون الحافلة واسم السائق، أجابته ساخرةً: "كلكم ملثمون كيف سأعرف السائق؟".

لم يكن هذا الاعتداء الأول الذي تتعرض له الفتاة، فدائمًا تقتحم عناصر أمن السلطة منزلهم لاعتقال والدها وشقيقها، قبل ثلاثة أشهر رفض جدُّها فتح الباب لهم، فقاموا بضرب الباب بمطرقة كبيرة (مهدَّة) أصابتها رضوض عندما حاولت فتح الباب لهم، فارتطمت بها الأداة.

تصف حياتهم: "دائمًا نعيش في رعب خوفًا من الاعتقال، ولا يأتون سوى بالليل عند الواحدة أو الثالثة فجرًا، لماذا كل هذا الإجرام؟ ما الذي فعلناه لهم؟".