بعد الأمطار الأخيرة، في ريف الضفة الغربية تزينت الجبال بلوحة خضراء مكبرة؛ لما تحويها من أعشاب، ونباتات برية وفيرة تقطفها نساء الضفة، ويبعنها في المدن، وسط فرحة وسعادة بتخفيف الفقر عنهن، وسداد الديون، وتعزيز دخلهن والاقتصاد المنزلي.
وتتزيَّن جبال الضفة الغربية بنباتات عشبية كثيرة، من بينها: الزعمطوط والعجرم والعكوب واللسينة والحُمَّيظ واللسينة والسليقة والخرفيش والبقلة والخبيزة وغيرها من الأعشاب والنباتات البريَّة التي تنمو بوفرة، لكنَّ جزءًا كبيرًا منها يُحرم على الفلسطينيين؛ بسبب المستوطنات والجدار والمحميات الطبيعية واعتداءات المستوطنين.
وعلى الرغم من أنه ليس جميع النباتات البرية قد نمت بعد، فإن نبتة الفطر أو ما يُعرف بالفقع، قد نما وأصبح وفيرًا في جبال الضفة، فهو يحتاج لمناطق رطبة وتربة غنيَّة بالمواد الطبيعية، وفق المزارعين.
المزارعة فايزة حويطات من بلدة ترمسعيا شمال رام الله، تقول: "الله مَنَّ علينا بأمطار، ونقطف بعض الأعشاب، مثل: المريمية والزعمطوط وغيرها، ثم نبيعها بأسعار وفيرة؛ لارتفاع أسعار الخضراوات في الضفة، إلا أن نبتة الفطر واللون الأبيض خاصة، نقطفها ونبيعها بسعر يصل أحيانا إلى ٢٥ شيقلا، لكونه ناضجًا الآن، وهو متوفر أكثر من النباتات الجبلية الأخرى".
ومع الأجواء الدافئة على الرغم من اقتراب ما يعرف بالمربعينية _ذات البرد القارس_ بعد أيام في ٢١ كانون الأول، نمت هذه الأعشاب بسرعة.
المواطن ناصر أبو جمعة من بلدة دير استيا غرب سلفيت، يسارع في صباح كل يوم إلى قطف نبتة الفطر، وبيعها بسعر٣٠ شيقلًا للكيلو غرام الواحد، إذ يقول: "نجمع نبتة الفطر من وادي قانا على الرغم من خطر اعتداءات المستوطنين؛ لبيعها في سوق رام الله ونابلس، وكل من يريد من الزبائن".
وتابع: "الزبائن يفضِّلون الفطر الطبيعي على فطر المَزارع والبركسات، وأحيانًا يكون البيع لهم بالتواصل المسبق".
وعلى الرغم من الإقبال على الفطر نبتةً ومنتجًا فلسطينيًا، إلا أن الفطر القادم من الاحتلال _المنتج الإسرائيلي_ يغزو أسواق الخضار، ويعدُّ منافسًا كبيرًا، إذ يقول تاجر الخضار صبحي زكارنة من جنين: إن منتجات الاحتلال تنافس حتى الخضار والفواكه؛ بسبب عدم دعم قطاع الزراعة الفلسطيني، ولأن ناتج الأرياف من الجبال محدود، ويتقلص مع الوقت بسبب توسع الاستيطان.
لكن المزارعة وصفيَّة جرادات، تستغل السعر الجيد للفطر، وتقول:" نبتة الفطر مطلوبة كثيرًا، وهي أكثر بيعًا من جميع النباتات البريَّة الأخرى، والزبون دائمًا يفضِّل البلدي، وما ينبت بين الجبال بطريقة طبيعية دون تدخل الإنسان أو المستخدم فيه كيماويات ".
بدوره يقول الاقتصادي تامر دويكات من رام الله: إن تعزيز الاقتصاد المنزلي في ريف الضفة مهم جدًا لشريحة الفقراء، والأعشاب والنباتات البرية المختلفة تعزِّز الاقتصاد المنزلي، لكن تبقى النِسبة المئوية ومعدلها صعبة القياس لعدة عوامل.
وتُشاهد النسوة في أسواق الخضار في رام الله والقدس ونابلس والخليل وبقية مدن الضفة، وهن يبعن منتجات من قراهن ومن بينها الفطر، وهو ما يعزز دخلهن.
وتقول الناشطة النسويَّة عبير سوالمة من رام الله: إن أكثر من يقوم بالتجوال بين الجبال، وقطف الأعشاب البرية ومن ثم بيعها في أسواق المدن الكبرى في الضفة، هن من النساء الفقيرات في الريف الفلسطيني، اللواتي يُعِلنَ أسرًا فقيرة وأيتامًا غالبًا.
وتابعت: إن نسبة الفقر في الأرياف كبيرة، والمزارعات يُشاهدنَ وهنَّ موجودات في سوق رام الله ونابلس والأسواق الشعبية في مدن الضفة الغربية كثيرًا، التي تمتلئ بالنباتات البرية، منها نبتة الفطر.