فلسطين أون لاين

بالعربي الفصيح مشوار العرب بدأ ولن ينتهي

وضع المنتخب المغربي أمس صفحة مشرقة في تاريخ كأس العالم باحتلاله المركز الرابع بعد أن خسر مباراته الأخيرة أمام كرواتيا في مباراة تحديد المركز الثالث، وهي الصفحة التي حملت كلمات أفضل مشوار عربي في تاريخ البطولة.

فمنذ النسخة الأولى لكأس العالم عام 1930 وحتى النسخة الثانية والعشرين، لم يتحقق للعرب والمسلمين أفضل مما حققه المنتخب المغربي في مشاركته السادسة بعد الأولى عام 1970.

فقد نجح "أسود الأطلس" في إعادة رسم الخارطة الكروية العالمية بعدما كان أكبر مفاجآت المونديال منذ 92 عاماً، ففتح باب الحلم العربي والإسلامي واسعاً أمام إنجاز غير مسبوق استند إلى الثقة بالنفس والقدرات وهو ما كان مفقوداً في العقود الماضية.

فالمشاركة السادسة شهدت تحقيق العديد من الأهداف والإنجازات التي كانت في السابق مجرد حدث عابر وحلم غير واقعي، باحتلاله قمة مجموعته للمرة الثانية بعد الأولى في مونديال 1986، حيث كرر الأمر بفوزين وتعادل، ووجه للعالم رسالة واضحة وصريحة بأنه لا مجال بعد اليوم للاستهانة بالعرب واعتبار مشاركتهم في المونديال مجرد مشاركة شرفية لا أكثر.

فقد تعادل مع كرواتيا وفاز على بلجيكا ثالثة مونديال 2018، ومن ثم على كندا، ليصعد لدور الـ16 للمرة الثانية في تاريخه وحقق خلالها أولى المفاجآت الضخمة عندما أطاح بإسبانيا بطلة 2010 وصعد لربع النهائي الذي صدم فيه بحرمان كريستيانو رونالدو من أمل مواصلة المشوار نحو أول لقب عالمي أول في تاريخه، وتأهل إلى نصف النهائي لأول مرة في تاريخ العرب والمسلمين والأفارقة.

وكان بإمكان المغرب أن يُحقق المعجزة الكروية والوصول إلى النهائي لولا المؤامرة التحكيمية التي اغتالت الحلم الكبير بعدم احتساب ركلتي جزاء واضحتين، وذلك من خلال عدم التوجه لتقنية الفيديو للتأكد من صحتهما، وهو ما أكد وجود المؤامرة، ففقدت المغرب فرصة الوصول للنهائي والمنافسة على اللقب، وذهب لمباراة المركز الثالث الشرفية مع كرواتيا، إلا أن العديد من الأسباب أدت إلى عدم القدرة على تحقيق ذلك أبرزها الإجهاد وغيره.

ولعل المدرب العربي المغربي وليد الركراكي وجد نفسه أمام ضرورة التغيير على التشكيلة بسبب الإصابات، فدفع للمرة الأولى بلاعب الوسط اليافع بلال الخنوس (18 عاماً و221 يوماً) المولود في بلجيكا والذي خاض مباراته الدولية الأولى في الحدث الكبير ليصبح الأصغر تمثيلاً للمغرب في مشاركاتها السابقة.

وعلى الرغم من تقدم كرواتيا فإن المغرب أعاد لنا الأمل بالحصول على المركز الثالث من خلال تسجيل هدف التعادل مبكراً، ولكن الأمر لم ينتهِ هنا، فتعرضت الشباك المغربية لهدف ثانِ لم يستطع تعويضه.

وبعيداً عن نتيجة المباراة الأخيرة التي تتعدى مجرد مباراة في تاريخ قادم، فإن التفكير في القادم هو الأهم وهو ما قاله المدرب الركراكي الذي رفع سقف الأمل والحلم عالياً حتى بعد الخسارة في المباراة السابعة، حيث قال بالحرف الواحد: "هدف المغرب والأفارقة في يوم من الأيام الفوز بكأس العالم. لقد تعلمنا كثيراً من هذه التجربة. نحن لسنا بعيدين. خسرنا بسبب تفاصيل صغيرة.. مع تسعة مشاركين (في مونديال 2026) سنتعلم. في 15، 20 سنة، أنا متأكد من تتويج منتخب إفريقي لأننا سنكون قد تعلمنا".

كما ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول: "أعتقد أننا من بين أفضل أجيال إفريقيا، لكننا لسنا الأفضل. قلت للاعبيّ أنه يجب عليهم الفوز بكأس أمم إفريقيا القادمة لنكون الأفضل في القارة. قبل أن تكون ملكاً في العالم يجب أن تكون ملكاً في بيتك".

الخلاصة أن الحلم المغربي سيستمر ولن ينتهِ بالحصول على المركز الرابع في مونديال 2022، وأن السنوات الأربع القادمة الفاصلة عن المونديال القادم كفيلة بالتخطيط والإعداد ليس لاستكمال الحلم، بل لتحقيقه.

المصدر / أ ف ب