رام الله-غزة/ يحيى اليعقوبي:
حملة اعتقالات سياسية مكثفة في جميع مدن الضفة الغربية تشنها أجهزة أمن السلطة، بحقّ عشرات الطلبة والأسرى المحررين والكوادر المحسوبة على حركة حماس، عشية الذكرى الخامسة والثلاثين لانطلاقتها.
تُمثّل هذه الاعتقالات ضربة لجهود الجزائر في تحقيق المصالحة التي تكلّلت بـ"إعلان الجزائر" منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بحسب شخصيات وقيادات فلسطينية تحدثت إليهم "صحيفة فلسطين".
وبينما كانت حركة فتح تُحيي الشهر الماضي، ذكرى استشهاد زعيمها الراحل الرئيس ياسر عرفات في مناخ من الأمن والحرية في مهرجان بغزة، رفعت فيه صورة كبيرة لرئيس السلطة محمود عباس، تستمر أجهزة أمن السلطة في "رسم صورة سوداء تهدف إلى تفتيت الوحدة المجتمعية"، وِفق المراقبين أنفسهم.
وبحسب القيادي في حركة حماس عبد الرحمن شديد، فقد نفّذت السلطة أكثر من 70 حالةَ اعتقال واستدعاء طالت أبناء حماس والكتلة الإسلامية خلال الـ48 ساعة الماضية، إضافة للتعميم على جميع المطابع بعدم طباعة أيّ بوستر للحركة في ذكرى انطلاقتها.
خدمة للاحتلال
وقال القيادي في حماس بالضفة الغربية مصطفى أبو عرة: إنّ "هذه الاعتقالات تعمل على تفتيت البنية والوحدة الاجتماعية الفلسطينية"، مضيفًا أنّ السلطة اعتادت طيلة سنوات الانقسام، تصعيد الاعتقالات بالتزامن مع ذكرى انطلاقة حماس.
وتابع أنّ هذه الاعتقالات تُقدّم خدمة للاحتلال وتتساوق مع جرائمه المتصاعدة ضد أبناء الشعب بالفلسطيني.
وعلى الرغم من عدم وجود توجُّه حقيقي لدى حماس بعدم إقامة مهرجانات بالضفة لإحياء ذكرى الانطلاقة نتيجة الوضع الأمني "الذي لا يسمح بذلك"، أكد أبو عرة أنّ السلطة تستمر في اعتقالاتها، وتُحقّق مع المعتقلين بشأن تاريخهم، خاصة الكوادر الشبابية، خوفًا من انخراطهم في المقاومة المتصاعدة وخشية من توسُّع رقعتها، لكون ذلك يُؤثّر في مكانة وسمعة السلطة التي "تُشكّل حارسًا للاحتلال".
اعتقالات لم تتوقف
وأشار الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، إلى أنّ الاعتقالات السياسية لم تتوقف منذ قدوم السلطة، إلا جزئيًّا إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ثم عادت مكثفةً بعد 2007م، بوصفها جزءًا من سياق عام في تعامل السلطة مع حماس، وضمن سياستها الأمنية بالتعامل مع المجتمع الفلسطيني.
ورأى عرابي أنّ استهداف ذكرى انطلاقة حماس يندرج ضمن السياق العام للسلطة، بمنع الحركة إقامة أيّ فعالية لها بالمجال العام، كما يحدث في مداهمة القرى واقتحام البيوت لإنزال الرايات الخضراء وفي أثناء استقبال الأسرى المحررين.
وأضاف أنّ هذه الملاحقات تتكثف في ذكرى انطلاقة حماس؛ لأنّ السلطة معنية بتثبيت حضورها الأمني.
استهداف الطلبة
وعشيّة ذكرى الانطلاقة، باتت الجامعات الفلسطينية مسرحًا للاعتقالات السياسية، إذ تتركّز الهجمة بوجه التحديد على جامعة "بيرزيت".
ووِفق الناشطة الحقوقية والطالبة بالجامعة أسماء هريش، فإنّ 9 من طلبة الجامعة اعتقلتهم أجهزة أمن السلطة، على حين قرّر مجلس الطلبة إقامة اعتصامٍ مفتوح داخل أسوار الجامعة إلى حين الإفراج عنهم.
وأشارت هريش إلى أنّ الاعتقالات السياسية بحقّ طلبة الجامعة تكثّفت منذ مايو/ أيار الماضي، حتى اليوم، والذريعة هي عضوية المعتقلين في مجلس الطلبة الذي تترأّسه الكتلة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة حماس بعد فوزها بانتخابات المجلس في دورته الأخيرة.
وأوضحت أنه يتم التحقيق معهم عن عملهم النقابي على الرغم من أنه حقهم الطبيعي الذي كفله القانون، وهو ما ترفضه أجهزة أمن السلطة فتشنُّ حملة اختطاف واعتقالات للطلبة من أمام بوابات الجامعة.
ونبّهت إلى أنّ أجهزة أمن السلطة حاولت اختطاف رئيس مجلس الطلبة وممثل الكتلة بالجامعة أول من أمس لكنها فشلت.
ولفتت إلى أنّ السلطة تهدف من هذه الحملة المكثفة، منع طلبة الكتلة من إقامة مهرجان إحياء ذكرى انطلاقة حركة حماس، وتهديدهم بالاعتقال في حال إحياء الذكرى، ولبثّ الخوف بين طلبة الجامعة لمنعهم من المشاركة.