فلسطين أون لاين

تقرير "الدامون".. مشروع يعيد بناء ذاكرة القرية المنسية حسيًّا وحركيًّا

...
"الدامون".. مشروع يعيد بناء ذاكرة القرية المنسية حسيًّا وحركيًّا
غزة/ مريم الشوبكي:

الذكريات المحملة بالمشاعر لأهالي قرية الدامون المهجرة جنوب شرق عكا، ترجمتها المهندستان المعماريتان دينا أبو شملة ومريم الوحش إلى معانٍ معمارية تروي تفاصيل الحياة قبل النكبة وبعدها، بطرق حسية وحركية، في إطار مشروعهما الذي يهدف إلى إعادة إعمار القرى المهجرة عام 1948م.

اختارت أبو شملة والوحش "24 عامًا" بمعاونة مشرفهما د.مها السمان، أن يقام المشروع على أرض الدامون، وتحديدًا البلدة القديمة، التي كانت يومًا مأهولة بالسكان قبل تدميرها إبان النكبة.

تقول أبو شملة التي تنتمي لمدينة جنين، وتعمل في شركة "اركو": "بعد البحث الذي أجريناه خلال أربعة أشهر وعمل مقابلات عبر الإنترنت؛ بسبب عدم القدرة على الوصول إلى الأراضي المحتلة عام 48، اعتمدنا على المقابلات المسجلة سابقًا والتاريخ الشفوي المسرود لبناء التصور المعماري للمكان".

وتابعت: "توصلنا إلى أن هناك شيئًا وحيدًا لا يزال يربط أهالي الدامون بكل فئاته من صغار، وشباب، وكبار سن، وهو الذاكرة، لذلك ارتكزت فكرة المشروع على مفهوم الذاكرة بأنواعها، إذ هي الشيء الوحيد الذي لا يزال حاضرًا معهم، وشكلت نقطة ربط بين الأجيال".

وتردف أبو شملة: "يتفاوت مخزون الذاكرة بين الجميلة تحمل داخلها حياتهم اليومية وقيمهم التي عاشوها بصفتهم مجتمعًا فلسطينيًّا قبل النكبة، والذاكرة السيئة التي رافقتهم لكونهم لاجئين في المهجر، وأحداث النكبة وما حدث خلال مسار رحيلهم من قصص وأحداث كان لها أثر قوي ترك بصمة سيئة داخلهم".

وترجمت المهندستان هذه الذكريات إلى معانٍ معمارية، فالمشروع يمثل "مَحكى" (مكانًا) مترجمًا معماريًّا ليروي تفاصيل الحياة قبل النكبة وبعدها، بطرق حسية أو حركية.

وتبين أن هذا "المحكى" ركز على خلق فراغات مخصصة لكل الفئات العمرية، فقد كان مخصصًا لكل فئة منطقة تعمل على استقطابه ليكون هناك تواصل مستمر بينه وبين هذا "المحكى" الذي أقيم على أنقاض البلدة القديمة.

أقسام المشروع

وعن هيكلية المشروع، توضح أبو شملة أنه يتكون من قسمين رئيسين يربطهما قسم ثالث، القسم الأول يروي الحياة اليومية والقيم التي كانت موجودة قبل النكبة، من تعاون، ومشاركة، وتسامح ديني، إلخ، ويتكون هذا القسم من ساحة العين، ومسار رئيس يشكل شريانًا يربط هذه الساحة بعدة مناطق يتم من خلاله التنقل بينها.

وتذكر المهندسة "الوحش" أن هذا القسم يبدأ بساحة صُمِّمت لتكون عين الدامون هي المحطة الرئيسة فيها وهي معلم مهم كان وما زال يربط أهالي الدامون بأرضهم قبل النكبة وبعدها، وهُيئت لتستوعب عدة فعاليات وأنشطة، وهذه الساحة هي أشبه بمسار يمثل شريط حياة يربط عدة مناطق بعضها ببعض دون أن يلغي خصوصية كل منطقة، ويستشعر الزائر بحواسه هذا الجو الخاص للمكان.

وعن القسم الثاني تشرح أنه يعرض الذكريات المؤلمة التي مر بها اللاجئون في أثناء الهجرة، ويضم ساحة كبيرة من جداريات حجرية منقوش عليها بعض الرسومات، وأسماء العائلات التي هجرت من القرية، المتمثلة بـ20 عائلة.

وذكرت أن هذه الجداريات وُزعت عشوائيًا لتعكس الأثر الذي تتركه الحرب وعمليات التخريب التي نفذتها العصابات الصهيونية لطمس ومسح القرى الفلسطينية.

وتلفت "الوحش" إلى أن هذه الساحة تصل إلى برج يأخذ شكل الغيمة الانفجارية، وهو يصور ما حدث في أثناء النكبة من أحداث، وطرق ترهيب السكان وزرع الخوف في قلوبهم وكان سبب كبير دعاهم للهرب وترك بيوتهم.

وفي أعلى البرج مطلة تطل على عدة قرى مهجرة مجاورة للدامون مثل البروة، والرويس، وعبر هذا البرج يتم الانتقال إلى الجسر الذي يروي جميع ما حصل من أحداث خلال مسار الرحيل، الجسر يحتوي على محطات متنوعة كل محطة تروي وتصف حدثًا أو شعورًا معينًا شعر به اللاجئون خلال هجرتهم.

ويستمر هذا الجسر مخترقًا هضبة توجد داخل البلدة القديمة، وهي أعلى نقطة في أراضي الدامون، وتضم متحفًا يروي ما حصل في النكبة، ويسلط الضوء على اللاجئين ومعاناتهم في المهجر.

إحقاق حق العودة

وعن الهدف من المشروع تقولان إنهما تريدان تسليط الضوء على موضوع اللاجئين وإحقاق حق العودة والقرى المهجرة التي يحاول الاحتلال طمسها بكل الطرق، والجزء الأهم هو محاولة الخروج بعدة نماذج تصميمية للقرى الفلسطينية المهجرة لتكون جاهزة لاستقبال أهاليها المهجرين.

وتلفت الوحش لـ"فلسطين" إلى أنهما واجهتها العديد من المعيقات بدءًا من الحصول على تصريح للدخول إلى الأراضي المحتلة 1948م، وزيارة قرية الدامون وعمل مقابلات مع أهاليها المهجرين الموجودين في البلدات المجاورة لها وصعوبة الحصول على أي مخططات هيكلية لأراضي الـ48.