فاز المغرب على البرتغال فوزًا لم يترجح عند المخمنين قبل البدء في المباراة. الفوز الكبير الذي حققه أسود الأطلس أدخل الفرحة لكل بيت في المغرب، ولكل بيت عربي في كل البلاد العربية. فلسطين كانت الأكثر فرحًا واحتفاء بفوز المغرب. مشاهد الفرح في غزة ورام الله نقلتها وسائل الإعلام مباشرة عديدة وقوية وعفوية، وكأن الدولة الفائزة هي فلسطين.
الفوز كان للمغرب، والعلم المرفوع كان لفلسطين. فلسطين كانت الشريك غير المباشر للمغرب في فوزها. فلسطين كانت الوجه السياسي للعبة كرة القدم. الوجه السياسي الذي حضر في مدرجات المشجعين، ثم في توشح الفائزين بعلم فلسطين، يقول : إنه لا يمكن فصل السياسة عن الرياضة، لا سيما في لقاءات المونديال، لأن العاطفة الكروية تلتقي مع العاطفة السياسية، حين تكون المنافسة دولية.
فلسطين لم تتأهل للمشاركة في المونديال من خلال (الفدائي)، ولكنها كانت الدولة الأكثر تأهلًا وحضورًا في الملعب، وخارج الملعب. كانت الأكثر حضورًا في الهتافات، وفي الشعارات المرفوعة. وكانت الأكثر احتلالًا لمساحات الإعلام الرياضية، والأكثر حصولًا على إهداءات المونديال، وكانت ألمانيا الأكثر خسارة في المونديال في كل المستويات، وربما تليها دولة الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
حين خرج رونالدو باكيًا متألمًا بسبب فوز المغرب، خرجت دولة الاحتلال أكثر بكاء وألمًا، ليس بسبب فوز المغرب، بل بسبب فوز فلسطين بقلوب كل من في المونديال، وبقلوب من هم يشاهدون المونديال (القطري٢٢) في العالم. رأينا بكاء رونالدو على الهواء، ورأينا بكاء الإعلام العبري في تقارير الصحافة الإسرائيلية.
كان مونديال قطر مونديالًا فلسطين، أكان بتخطيط من قطر، أم دون تخطيط منها، لأن الحق أبلج، و محبو كرة القدم لهم روح رياضية، ومن ملك هذه الروح ملك الحرية، ومن يملك الحرية يعبّر عن الحقيقة، أكانت الحقيقة فلسطينية أم عربية، أم إنسانية. وستبقى كرة القدم على عشق مع السياسة، ومع المظلومين، رغم قوانين الفيفا التي تنزع الملعب من عواطفه الإنسانية.