"نحن العرب مهد الديانات ورسالات السماء، نحن العرب التاريخ والمستقبل نحن الثقافة والحضارة، نحن بيت الشعر والقصر، نحن ممّن تعلمتم منهم، نحن من علمكم واسألوا شارلمان عن ساعة هارون الرشيد.. كانت هذه مقدمة المذيع الرياضي في قنوات بي إن سبورتس الرياضة في افتتاح مونديال قطر 2022، وما هي إلا أيام قليلة على افتتاح المونديال حتى غزت كلمته معظم مقاطع مواقع التواصل الاجتماعي، سيما مع التقدم الذي أحرزه المنتخب المغربي في المونديال، وفوزه على منتخبات غربية وأوربية عريقة.
"فلسطين أون لاين" تضعكم في أصل القصة، سيما اسم شارلمان وساعة هارون الرشيد.
بداية فإن شارلمان أو كارل الكبير هو ملك الفرنجة وحاكم إمبراطوريتهم بين الأعوام 768 و800 للميلاد، وهو إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة بين الأعوام 800 و814 ميلادية، والابن الأكبر للملك بيبين الثالث من سلالة الكارولنجية.
كان ملك شارلمان في زمان هارون الرشيد خليفة المسلمين، وقد أرسل الرشيد إلى شارلمان إمبراطور الإمبراطورية الرومانية آنذاك ساعة مائية من النحاس الأصفر بارتفاع نحو أربعة أمتار وتتحرك بواسطة قوة مائية.
قيل أن الساعة هدية هارون الرشيد لشارلمان ها أول ساعة عرفتها أوروبا، وهي تحفة فنية لا مثيل لها في ذلك الوقت، فقد كانت ساعةً ضخمة يبلغ ارتفاعها أربعة أمتار، مصنوعة من النحاس الأصفر، تتحرك بقوة مائية مع قوة الجاذبية.
عند تمام كل ساعة يسقط من الساعة عدد من الكرات المعدنية يتبع بعضها البعض الآخر بحسب عدد الساعات فوق قاعدة نحاسية فتحدث رنينا جميلًا في أنحاء القصر الإمبراطوري، كما كانت الساعة مصممة بحيث يفتح باب من الأبواب الأثنى عشر المؤدية إلى داخل الساعة ويخرج منه فارس يدور حول الساعة ثم يعود إلى المكان الذي خرج منه وعندما تحين الساعة الثانية عشرة يخرج اثنا عشر فارسًا مرة واحدة يدورون دورة كاملة ثم يعودون من حيث أتوا وتغلق الأبواب خلفهم.
كانت الساعة للملك شارلمان وحاشيته شيئا رهيبا مثارا للتعجب والخوف، إذ اعتقد رهبان الملك أن بداخل الساعة شيطانا أو جنًا يسكنها ويحركها فجاءوا إلى الساعة ليلا محضرين معهم فؤوسا، وحطموها من أجل أن يقضوا على الشياطين بداخلها.
ومن حاشية الملك من قال إن خليفة المسلمين هارون الرشيد كان يهدف من هديته االساعة إلى القضاء على شارلمان وسلب ملكه.
بعد تحطيم الساعة الثمينة هدية هارون الرشيد "حتى يخرج الشيطان منها"، كانت المفاجأة التي أصابتهم بالصدمة، ووصمتهم بالخيبة، إذ لم يجدوا بداخلها سوى آلاتها التي صنعت منها، فحزن شارلمان حزنًا شديدًا، واستدعى الخبراء والعلماء وأمهر الصناع بهدف إصلاحها، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل.
عرض عليه مستشاروه أن يخاطب خليفة المسلمين هارون الرشيد، كي يرسل فريقًا عربيًا ليصلح ما أفسدوه، فرفض شارلمان هذا المقترح وقال: أشعر بخجل شديد أن يعرف ملك بغداد أننا ارتكبنا عارًا باسم فرنسا كلها.