لم يعد سلاح "الأمعاء الخاوية" يقتصر على الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بل انتقلت ذات التجربة بين المعتقلين السياسيين في سجون أجهزة أمن السلطة، وخاصة "مسلخ أريحا"، في سبيل نيل الحرية والحياة بكرامة.
وشرع ثمانية معتقلين سياسيين، أخيرًا، في الإضراب المفتوح عن الطعام في سجون السلطة، وفي مقدمتهم المُطارد مصعب اشتية، للمطالبة بالإفراج عنهم بعد حصولهم على قرارات قضائية بذلك، وبذلك يرتفع عدد المضربين إلى 14 معتقلًا.
وتضرب أجهزة أمن السلطة القرارات القضائية المتعلقة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين بعرض الحائط، وتواصل تعنتها بإبقائهم قيد الاعتقال السياسي "بلا تُهم" واضحة، ما يثبت أنها تدوس القوانين الفلسطينية، وتُصر على الهيمنة والتفرد والاستعلاء على المواطنين.
اقرأ أيضاً: 50 أسيرًا يواصلون معركة الأمعاء الخاوية رفضًا للاعتقال الإداري
يقول عاكف اشتية والد المعتقل والمطارد "مُصعب"، إن نجله أبلغه خلال زيارته أول من أمس، بالشروع في الإضراب المفتوح عن الطعام، رفضًا لمماطلة مخابرات السلطة في أريحا، بتنفيذ قرار الإفراج عنه الصادر عن محكمة الصلح.
وأوضح اشتية لصحيفة "فلسطين"، أن نجله والمعتقلين معه، حصلوا على قرار قضائي بالإفراج عنه، ووعود أخرى بنقلهم إلى سجن آخر غير "أريحا"، "لكن مخابرات السلطة لم تنفذ أيًّا منها".
وأضاف: "ليس لدى المعتقلين أي خيارات، سوى الشروع في الإضراب المفتوح عن الطعام، كخطوة على طريق الإفراج عنهم"، مشيرًا إلى أن المعتقلين مُصرون على مواصلة الإضراب حتى نيل مطالبهم والحصول على الحرية.
ولفت إلى أن خطوة الإضراب "صعبة" وتُنذر بتردي الأوضاع الصحية لمصعب، معربًا عن خشيته من تكرار ما حدث معه خلال إضرابه عن الطعام لمدة 5 أيام خلال مدة اعتقاله.
وشدد على "أجهزة أمن السلطة ترى نفسها فوق القانون ولا تنفذ القرارات القضائية"، مؤكدًا أن عائلته ستواصل تحركاتها الرامية للإفراج عن "مُصعب".
وكانت محكمة أريحا قررت خلال جلستها التي عُقدت في 4 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الإفراج عن المطارد اشتية والشاب عميد طبيلة الذي اعتقل برفقته، إلا أنَّ النيابة العامة قدمت استئنافًا ضد قرار الإفراج، لكن محكمة الاستئناف ردت استئناف النيابة وأكدت قرار الإفراج.
بدورها، تؤكد الناشطة في الدفاع عن المعتقلين السياسيين سهى جبارة، أن المعتقلين يلجؤون "للإضراب عن الطعام"، كخيار للإفراج عنهم بعد حصولهم على قرارات بالإفراج من المحاكم.
وأوضحت جبارة لـ"فلسطين"، أن أجهزة أمن السلطة لا تنفذ القرارات القضائية، ما يجعل خيار الإضراب عن الطعام الوحيد أمام المعتقلين السياسيين، حتى ينال حريته وكرامته.
اقرأ أيضاً: لليوم العاشر.. 30 معتقلاً فلسطينياً إدارياً يواصلون معركة الأمعاء الخاوية
وشددت على أنه "لا يوجد فصل بين السلطة التنفيذية والقضائية، إذ تُهيمن أجهزة السلطة على كل مفاصل الحكم"، متوقعةً أن يُقدم معتقلون آخرون على هذه الخطوة في قادم الأيام، في سبيل نيل الحرية.
واستبعدت أن تتوقف أجهزة السلطة عن مواصلة الاعتقالات السياسية، "لكونها جاءت كورقة بيد الاحتلال للضغط على الشارع الفلسطيني".
من ناحيته، أكد المحامي مصطفى شتات، أن المعتقلين الثمانية شرعوا في الإضراب عن الطعام بسبب امتناع اللجنة الأمنية في أريحا عن تنفيذ قرارات الإفراج الصادرة بحقهم.
وعدَّ شتات خلال حديثه مع "فلسطين"، امتناع اللجنة الأمنية في أريحا عن الإفراج عن المعتقلين "جريمة موصوفة حسب القانون الأساسي الفلسطيني وقانون العقوبات النافذ".
وعدّ عدم تنفيذ قرارات المحاكم من السلطة "رسالة للشعب الفلسطيني أن من يحكم الضفة هي الأجهزة الأمنية وليس هناك سلطات قضائية أو تشريعية أو تنفيذية"، واصفًا ذلك بأنها "رسالة خطيرة تهدد السلم المجتمعي".
وجدد شتات، رفضه لاستمرار الاعتقال السياسي، لأن الشعب الفلسطيني لا يزال يرزح تحت الاحتلال ومن حقه أن يقاومه بكل الطرق والوسائل "ولا يجوز معاقبته أو محاسبته على هذا الأمر".
إلى ذلك، تؤكد المتحدثة باسم لجنة أهالي المعتقلين السياسيين أسماء هريش، أن قرار الإضراب عن الطعام "ليس سهلًا"، لكن يأتي في ظل تخاذل أجهزة أمن السلطة عن تنفيذ القرارات القضائية.
وتقول هريش لـ"فلسطين"، إن المعتقل يتعرض للتعذيب في سجون السلطة، لذلك يُقدم على خطوة الإضراب لإنقاذ حياته والمطالبة بحريته.
وأضافت: "معركة الأمعاء الخاوية تحولت من سجون الاحتلال إلى السلطة، بفعل ممارسات الأخيرة العنصرية ومماطلتها بتنفيذ قرارات الإفراج"، لافتةً إلى أن المعتقلين يتعرضون للتهديد من أجهزة السلطة عند شروعهم في الإضراب.