فلسطين أون لاين

تقرير توصيات بتعديل اتفاق باريس وتنفيذ مشاريع تنموية وإصلاحات مالية

...
توصيات بتعديل اتفاق باريس وتنفيذ مشاريع تنموية وإصلاحات مالية
غزة/ رامي رمانة: 

أكد مسؤولون في القطاع الخاص، ومراقبون اقتصاديون، أهمية انعتاق الاقتصاد الفلسطيني من براثن التبعية الاقتصادية الإسرائيلية، وتعديل بنود اتفاق باريس الاقتصادي، وتوسيع آفاق التعاون التجاري مع الخارج، وحث الممولين على تنفيذ برامج إغاثية وتنموية للحد من معدلات الفقر والبطالة خاصة في قطاع غزة.

وبينوا في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين"، أنه على الرغم من حدوث تحسن في المؤشرات الاقتصادية في فلسطين، فإن الواقع الاقتصادي مازال يعاني، إذ إن الاحتلال يواصل فرض حصاره على قطاع غزة، ولم يتلقَّ المتضررون تعويضاتهم المالية عن الحروب السابقة، بيد أن أزمة الطاقة تراوح مكانها، والدعم الدولي لخزينة السلطة الفلسطينية في تقلص.

ويواجه القطاع الخاص تحديات جسامًا، تركزت في إعاقة التجارة البينية والخارجية، وارتفاع أسعار الطاقة، وضعف الاستثمار، إذ يوضح رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، نور الدين جرادات، بأن تقطيع سُلطات الاحتلال أواصل الترابط الجغرافي بين المدن الفلسطينية ببعضها بعضًا وعزل فلسطين خارجياً عن محيطها العربي والدولي، أسهم في تقويض التجارة البينية، من جانب والتجارة الخارجية من جانب آخر، ما تسبب ذلك في جعل فلسطين تعتمد في جل وارداتها على السوق الإسرائيلية.

وأضاف جرادات لصحيفة "فلسطين"، أن ارتفاع أسعار الطاقة يعد من أشد المعوقات التي تواجه أصحاب الصناعة والورش، ذلك أن الفلسطينيين يشترون الوقود من الاحتلال الإسرائيلي الذي يتحكم في السعر.

وحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، بلغت قيمة العجز التجاري الفلسطيني مع دولة الاحتلال نحو 705 ملايين دولار، خلال الربع الأول من العام الجاري 2022، بنسبة نمو بلغت 4.4% على أساس سنوي.

اقرأ أيضا: بقاء بروتوكول "باريس الاقتصادي" دون تعديل.. بين استفادة متنفذين وعجز السلطة

وأشار إلى أن الإجراءات الأمنية الإسرائيلية، المُعقدة على المعابر والحدود، تعوق إدخال المصنعين احتياجاتهم من الآلات والمعدات والمواد الخام اللازمة للصناعة، خاصة في قطاع غزة الذي يفرض الاحتلال عليه حصارًا منذ أكثر من 15 عاماً.

وانتقد جرادات غياب خطة وطنية شاملة للنهوض بواقع الاقتصاد الفلسطيني، والعمل على تنميته، تشارك فيها الحكومة والقطاع الخاص، والخبراء الاقتصاديون، مشيراً إلى خطط اقتصادية منفردة، متناثرة، نتائجها محدودة لا تغطي الفجوات الاقتصادية.

من جانبه قال الاختصاصي الاقتصادي د. بكر اشتية، إن معدلات النمو الاقتصادي في فلسطين لم تكن في المتوسطات المقبولة، إذ إن البطالة والفقر ما تزال معدلاتهما مرتفعة، كما أن التشوهات الهيكلية للاقتصاد الفلسطيني آخذة في التعمق.

وأضاف اشتية لصحيفة "فلسطين" أن الاقتصاد الفلسطيني ما زال يعتمد على القطاعات الخدمية والإنتاجية دون أن يتوسع في القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية.  

كما بين اشتية أن المؤشرات تُدلل أيضاً على تعميق التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، إذ إن (60%) من استهلاكنا للمنتجات المستوردة قادمة من السوق الإسرائيلية، كما أن (80%) من صادراتنا تذهب إلى السوق الإسرائيلية.

ولفت إلى أنه عقب انحسار وباء كورونا، تراجعت الإجراءات الاحترازية، وعليه عادت السياحة الداخلية والخارجية في فلسطين إلى الانتعاش الملحوظ، وحدث إشغال في الفنادق والمطاعم والأماكن السياحية والترفيهية، والمتوقع أن ترتفع مع نهاية العام الجاري.

ودعا اشتية إلى ضرورة الضغط الدولي على سلطات الاحتلال لتعديل بنود اتفاق باريس الاقتصادي خاصة في مسألة المقاصة، والغلاف الجمركي، والسماح للفلسطينيين بالتصدير دون أي عراقيل.

و"اتفاق باريس" هو أحد ملاحق اتفاقية غزة-أريحا، ووُقع في 1995، في حين ينص على أن تجمع دولة الاحتلال الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة للسلطة الفلسطينية، ثم تحولها إلى السلطة، إضافة إلى أنه يحدد غلافاً جمركياً، وكوتا للسلع المسموح باستيرادها من الخارج، إلى جانب أمور أخرى.

وحاول الفلسطينيون خلال السنوات الماضية تعديل الاتفاق المضر بالمصالح الاقتصادية الفلسطينية؛ باعتبار أن تل أبيب تتصرف في الأموال التي تجمعها بالشكل الذي تريد، وأن الكوتا المتعلقة بالاستيراد مجحفة.

بدوره، استعرض الاختصاصي الاقتصادي د. أسامة نوفل، متغيرات إيجابية وسلبية طرأت على الواقع الاقتصادي في قطاع غزة.

وبين نوفل لصحيفة "فلسطين" أنه طرأ خلال العام الجاري، تحسن في مدخولات الدخل القومي لقطاع غزة نتيجة تشغيل نحو (14) ألف عامل في الداخل المحتل، ما أسهم في تحسين القدرة الشرائية وتخفيض معدل البطالة بنسبة (4%).

وأضاف نوفل أن العام الجاري شهد استمرارًا في صرف المنحة القطرية لفقراء قطاع غزة، ما أسهم في التخفيف من وطأة الضنك المعيشي، وإعادة إعمار منشآت سكنية تعرضت للتدمير في العدوان الأخير، إلى جانب عودة الأنشطة الاقتصادية للعمل بعد جائحة كورونا، وتحسن العلاقة التجارية بين مصر وقطاع غزة.

اقرأ أيضا: اتفاق باريس.. شوه هيكلية الاقتصاد الفلسطيني وعزله عن الخارج

من جانب آخر، بين نوفل أن العام الجاري، شهد استمرار فرض الاحتلال حصاره على القطاع، وتعويقه إدخال المواد الخام بذريعة أنها مزدوجة الاستخدام، إلى جانب عدم تلقي المصانع المتضررة تعويضات عن أضرارها في الحروب السابقة، الذي نجم عنه انحسار نشاط بعضها وإغلاق البعض الآخر، ما أثر في العملية الاقتصادية برمتها.

وحسب مسح لمنصة المنقِّبون فإن نسبة البطالة في السوق الفلسطينية، وفق المعنى الخام لمفهوم البطالة، بلغ 35% خلال الربع الثاني 2022، 

من جهته، طالب الاختصاصي الاقتصادي د. سمير الدقران، السلطة الفلسطينية بأن تجري إصلاحات مالية واسعة؛ بأن تقلص من نفقاتها في وزاراتها ومؤسساتها، وأن تهتم أكثر بالقطاعات التنموية، وأن تعيد النظر في الموازنة التي تعطي لقطاع الأمن النصيب الأكبر.

وشدد الدقران في حديثه لصحيفة "فلسطين" على ضرورة عدم ترحيل الأزمات الاقتصادية من حكومة إلى أخرى، وأن يُستعان بأهل الاختصاص والكفاءة لخفض معدل الدين العام وإنشاء مشاريع تنموية.

وحسب وزارة المالية، صعد إجمالي قيمة الدين العام والمتأخرات المستحقة على حكومة رام الله الحالية والحكومات المتعاقبة، إلى (31.7) مليار شيقل، بنهاية 2021. وسجلت المنح والمساعدات الخارجية الموجهة إلى الميزانيات الفلسطينية خلال السنوات الماضية، سقوطا بدأ منذ عام 2014، وهي السنة التي أعقبت انضمام فلسطين عضوًا مراقبًا في الأمم المتحدة، بعامين.