فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

تقرير "يلا لفة".. مبادرة شبابية لدعم صمود تجار البلدة القديمة بالقدس

...
محلات البلدة القديمة في القدس المحتلة
القدس المحتلة/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

"أحب القدس كثيرًا، فهي مسقط قلبي وروحي.. أنتمي لها أكثر من أيّ مكان آخر في فلسطين". بهذه الكلمات عبّرت الفنانة الفلسطينية الشابة آية خلف عن شعورها تجاه المدينة المحتلة التي تسكنها منذ سنوات.

الارتباط الجغرافي حفّز خلَف على إطلاق مبادرة "يلا لفة بالقدس" رغبة منها في تعزيز صمود المدينة الاقتصادي والقائمين عليه.

وخلَف من مواليد قرية "جت" في المثلث، وهي تعيش في القدس المحتلة منذ عدة سنوات، وتعملُ مدرسة للموسيقى، بعد أن درست التربية الموسيقية والغناء الشرقي فيها.

تقول: "يؤلمني المشهد الصعب لأسواق القدس الخالية من الرواد إلا ما ندر، والخسائر النفسية والاقتصادية التي يتكبدها تجار المدينة في ظل إجراءات الاحتلال الإسرائيلي الظالمة بحقهم".

عرضت خلَف فكرة المبادرة على عدد من أصدقائها الذين يشاركونها مشوارها شبه الأسبوعي في البلدة القديمة، حيث يدخلون للمحال التجارية ويغنّون الأغاني التراثية، كنوعٍ من الدعم لهم ولتعزيز ثباتهم في ظلّ تضييق سلطات الاحتلال الكبير عليهم.

تقول: "مهما يفعل الاحتلال ستبقى القدس لنا وصوت الحقيقة لن يتم إسكاته. صوتنا سيظل يصدح من جنبات القدس العتيقة التي تعرف سكان هذه الأرض والأغيار عليها".

مسارات الأزقة

ويقطع المبادرون مسافات طويلة على أقدامهم متجولين بدءًا من باب العامود أحد أهم أبواب البلدة القديمة، مرورًا بطريقَي الواد وخان الزيت، وأزقة حارات السعدية والنصارى وعقبة الشيخ ريحان، وصولًا إلى أسواق الدباغة والخواجات والعطارين والقطانين واللحامين.

تضيف خلف: "ندخل للمحال التجارية ونتبادل الأحاديث مع مُلّاكها ونتعرف إلى تاريخها، ونُعزّز من صمودهم مبينين أنّ الجيل الفلسطيني الشاب يقف إلى جانبهم في ظل الظروف الصعبة التي يعانونها".

وتشير إلى أنّ فكرة "يلا لفة" راودتها عقب انقضاء "جائحة كورونا"، حيث البؤس يعلو وجوه التجار المقدسيين، بسبب الضرائب الباهظة على البضائع والأملاك، "شعرت بضرورة تنفيذ فكرة تُنعشُ الأجواء الاقتصادية والحركة التجارية".

وتمضي بالقول: "القدس مرت مؤخرًا بأحداث عظيمة كجائحة كورونا والمواجهات التي اندلعت بسبب محاولات الاحتلال إخلاء الشيخ جراح، ما زاد الوضع الاقتصادي سوءًا".

ومنذ فترة تنشر "خلَف" على صفحاتها في شبكات التواصل الاجتماعي أجواء القدس الاقتصادية، وكانت إحدى الناشطات في توثيق أحداث حي الشيخ جراح.

وبنت "خلف" على تجربتها تلك بإنشاء حساب "يلا لفة" على منصة الإنستغرام لمشاركة صور وفيديوهات التجار والحركة التجارية المقدسية مع محبي القدس وداعميها، وفيها تدعو الناس للمشاركة في جولات المبادرة.

ولاقى حساب المنصة تفاعلًا فاق توقعاتها، حيث أصبح يرافقها ما بين (10-25) شخصًا من الداخل الفلسطيني المحتل ومدن الضفة الغربية، "يقطعون مسافات طويلة ليكتشفوا إرث أجدادهم".

تقول: "ندعم التجار معنويًّا وماديًّا عبر الشراء منهم، ونمتع في الوقت نفسه أعيننا برؤية جمال القدس القديمة وآثارها ونلتقط الصور وننشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

إرث أجدادنا

وغالبًا ما تكون جولات المبادرين يوم السبت كلّ أسبوعين. ورغم أنّ الجولة تتكرر كثيرًا بالنسبة لـ"خلف" فإنها في كل مرة تكتشف شيئًا جديدًا وتفاصيل لم تك تعرفها، سواء عن تاريخ فلسطين، أو البلدة القديمة أو المحل نفسه.

وتشعر "خلف" بالسعادة لتفاعل التجار المقدسيين مع المبادرة، "حتى أنّ بعضًا منهم يهدوننا أشياء من محالهم، كالأثواب الفلسطينية العتيقة، والحطة والعقال، والسيف، والفخارة الأرمنية، كما أنّ الناس يتحلقون حولنا ويشاركوننا الغناء".

وترى "خلف" أنّ أيّ مبادرة لأجل القدس يمكن أن تساهم في دعم صمودها بالغة الأهمية، مبينة أنّ تاريخ القدس لا ينحصر في بُعدها الديني، بل إنّ أزقّتها وأسواقها القديمة جزء أصيل من تاريخها الكبير.