تبدي فئات واسعة في المجتمع الفلسطيني رفضها الشديد لإجراءات السلطة وسياساتها التي تطال المقاومة وتهدف إلى اجتثاثها من مدن ومحافظات الضفة الغربية المحتلة، عبر سلسلة ممارسات تشمل الاعتقال السياسي، والتنسيق الأمني.
وعبر مواطنون وأكاديميون ونخب سياسية ومجتمعية عن إدانتهم الشديدة لسياسات السلطة التي أصبحت تشكل انتهاكات في نظر المدافعين عن حقوق الإنسان، لما تلحقه هذه السياسات من أضرار أمنية واجتماعية واقتصادية بالمعتقلين وعائلاتهم.
اقرأ أيضاً: الناشطة "العواودة": تنامي المقاومة في الضفة بداية لانتفاضة التحرير
وبينما استغرب المواطن جميل أحمد من محافظة نابلس، سلوك السلطة هذا، عدَّ أنها من خلال عمليات الاعتقال المقاومين واستهدافهم المتعمد، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك انحيازها الواضح للاحتلال.
وأضاف أحمد لصحيفة "فلسطين" أنه كان معرضا للاعتقال على يد أفراد أجهزة أمن السلطة في أي لحظة خلال مشاركته في فعاليات المقاومة الشعبية، مشيرًا إلى اعتقال عدد ممن شاركوا في التصدي لانتهاكات المستوطنين المتكررة ومحاولاتهم المستميتة للاستيلاء على المزيد من الأراضي المحتلة بهدف إقامة البؤر الاستيطانية.
واعتبر أن اعتقال المقاومين ومنعهم من القيام بأي عمل يستهدف الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية "لا يصب إلا في مصلحة الاحتلال الذي يقدم للسلطة ترياق الحياة".
وطالب السلطة بالالتفاف حول خيار الشعب الفلسطيني الداعم والمؤيد للمقاومة، وإنهاء قبضتها الأمنية والسياسية عن المقاومة، مشددًا على ضرورة إطلاق العنان للمقاومة والانتفاض في وجه الاحتلال الذي يواصل جرائمه بحق شعبنا.
من جانبه، قال الناشط ثامر سباعنة، الذي يعمل مدرسًا وينحدر من بلدة قباطية في مدينة جنين: إنه من المؤسف أن تزيد أجهزة أمن السلطة وتيرة الاعتقالات والاستدعاءات السياسية، في الوقت الذي يتغول فيه الاحتلال ضد الفلسطيني بالضفة تزامنًا وتوعدات وتهديدات حكومة الاحتلال المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، ضد كل ما هو فلسطيني.
وأضاف سباعنة لـ"فلسطين" أن السلطة بدلاً من أن تلجأ إلى توحيد الجهود لحماية أبناء شعبنا وتجميع قواه، نجدها تلاحق المطاردين والنشطاء في الضفة وتسعى لإخماد صوت المقاومة.
وأشار إلى ارتفاع أعداد الاستدعاءات والاعتقالات السياسية، التي أصبحت تطال طلبة الجامعات والنشطاء.
وطالب السلطة بوقف الاعتقالات والاستدعاءات السياسية، والوقوف إلى جانب الشارع الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وتوفير الحماية للمواطنين في ظل الاستهداف الإسرائيلي.
اقرأ أيضاً: المقاومة في الضفة والقدس تسجل أرقاماً قياسية في عملياتها
وتابع الناشط سباعنة أن الاعتقال السياسي يستنزف طاقات الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، ويساهم في إفراغ ميادينها من المؤثرين.
وكان سباعنة، الأسير المحرر من سجون الاحتلال، تعرض لاستهداف أمن السلطة، حيث اعتقل واستدعي لديه عدة مرات، ومؤخرًا استدعته مخابرات الاحتلال للتحقيق معه، وهو كاتب معروف وأحد أبرز النشطاء في الدفاع عن قضايا الأسرى، أمضى سابقًا أكثر من 10 سنوات في سجون الاحتلال، وأفرج عنه قبل أقل من عام بعد اعتقال إداري دام 8 شهور.
بدوره، قال عبد الكريم عجور، الذي يعمل في مجلس العلاقات الدولية- فلسطين: إن محاولات السلطة العمل ضد النهج المقاوم في الضفة يأتي في إطار الرهان على نجاح مسار "التسوية"، الذي أثبت فشله خلال العقود الماضية، بل إن الاحتلال يستفيد من عملها ضد المقاومة وفي المقابل لا يعطيها شيئا.
وأضاف عجور لـ"فلسطين": "الاحتلال ينظر للسلطة بصفتها وكيل أمني يمارس العمل القذر نيابة عنه، والسلطة تنظر للتنسيق الأمني بأنه طريق النجاة الذي يحميها ويحافظ على امتيازاتها، لكن هذه الحسابات لا تصب في صالح الفلسطيني".
ووجه عجور رسالة للسلطة، قائلا: "عليها الاقتناع بفشل مسار التسوية والتوقف عنه، واللجوء إلى تحقيق الوحدة مع جميع مكونات شعبنا، ومواجهة الاحتلال بجميع الوسائل، وإلا فإن الوقت لا يخدم إلا الاحتلال الذي يستغله لترسيخ احتلاله".
وكانت سلسلة حملات إلكترونية انطلقت لتعبر عن رفض الشارع للاعتقال السياسي الذي يستمر في بعض الحالات أشهرًا وسنوات.
ونشر "علي أبو أشرف" على حسابه في "فيس بوك" فيديو للحظة اعتقال أفراد من جهاز الأمن الوقائي الشاب مثنى القواسمي، وعلَّق على ذلك ضمن منشوره: "الضابط كرم محمود عمرو (أبو المجد) هو من قام بالخروج من الباص والهجوم بالضرب على الطالب القواسمي ومن ثم اختطافه برفقة عدد من العناصر الأمنية".
وأضاف في تعليقه: "أسلوب الاختطاف يظهر من خلاله اتباع الأجهزة الأمنية طريقة عمل العصابات الخارجة عن القانون في تنفيذ عمليات الاعتقال السياسي الذي تنتهجه".
وفي كثير من الأحيان، يلجأ معتقلون سياسيون للإضراب المفتوح عن الطعام في سجون السلطة، بسبب استمرار اعتقالهم بتهم ملفقة، في مشهد يعيد للأذهان معارك الأمعاء الخاوية التي يخوضها معتقلون إداريون وأسرى فلسطينيون في سجون الاحتلال، بهدف انتزاع حريتهم.