يقول بلينكن وزير خارجية أميركا في مؤتمر (Street Nationl) تعليقا على حكومة نتنياهو القادمة والموقف الأميركي من (إسرائيل): "تركيزنا أقل على الشخصيات وأكثر على السياسات... لدينا التزام مطلق بأمن (إسرائيل)، وهذا لن يتغير، وكما فعلنا في الماضي سنتحدث مباشرة مع بعضنا البعض، واضحون للغاية بشأن ما نفكر فيه وما نؤمن به مع حلفائنا الإسرائيليين... الولايات المتحدة ستعارض أي أعمال تقوّض آفاق حلّ الدولتين، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر التوسع الاستيطاني، والوضع التاريخي الراهن في الأماكن المقدسة، وعمليات الهدم والإخلاء والتحريض على العنف".
إنك إذا تأملت بعمق هذه التصريحات تجد أن الخارجية الأميركية تقفز عن الأشخاص، أي لا تتعرض لسموتريتش ولا لابن غفير، لأنها ببساطة لا تستطيع التعرض لهما، كما تتعرض لغيرهما من غير اليهود، ومن ثمة لن تحظر الخارجية الأميركية التعامل من ابن غفير وسموتريتش بعد إعلان الحكومة، كما يطالب اليسار أو بعض الفلسطينيين. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية تجد في تصريحات بلينكن تكريرا لسياسات الديمقراطيين في عهد أوباما، وهي: (حلّ الدولتين، والتحذير من التوسع في الاستيطان، واحترام دور الأردن في رعاية المقدسات)، وهذه سياسات ورقية تملأ الإعلام، ويكررها المسؤولون في البيت الأبيض، وليس لها ما صدق في الواقع، أي لا إجراءات عملية لها في الواقع، في حين يمنع الاستيطان حلّ الدولتين عمليا الآن.
إنها وإن كانت سياسات ورقية ساكتة، وتحظى بترحيب السلطة الفلسطينية، إلا أنها تتعارض مع التركيبة الجديدة لحكومة نتنياهو، حيث تتشكل الحكومة على قاعدة إطلاق يد سموتريتش وابن غفير في الاستيطان، واقتحامات الأقصى، وإنهاء الرعاية الأردنية. هذا وكل المصادر العبرية تتوقع أن تتصادم سياسة نتنياهو ابن غفير مع سياسة الخارجية الأميركية، ويحذرون من هذا التصادم بشكل مبالغ فيه، ونحن لا نرى هذا التصادم بسبب نفوذ الصهيونية في أميركا، وإذا سأل الناس عن سياسة من ستنفذ في الميدان، وعلى الأرض: سياسة بلينكن أو سياسة ابن غفير؟! فإن الجواب عن سؤال التنفيذ يذهب لترجيح سياسة ابن غفير، لأنه جاد في تنفيذ سياسته، وبموجبها دخل للحكومة، في حين لا جدية في سياسة بلينكن خارج الورق والإعلام، ولن يتخذ بلينكن والبيت الأبيض عقوبات على حكومة إسرائيلية وإن خالفت رغبة البيت الأبيض، لأن البيت الأبيض محكوم بسياسة موروثة تقوم على: أمن (إسرائيل)، واستبقاء أي خلافات معها تحت الطاولة، وحمايتها من أدنى عقوبات قد يفكر فيها المختلفون معها.