تختلف تغطية الصحفي الفلسطيني لكأس العالم أو أي حدث رياضي عالمي عن تغطية الصحفيين الآخرين من كل الدول، فهو يحمل رسالة رياضية ووطنية على عاتقه، ويمثل "مونديال قطر" فرصة حقيقية لتعريف العالم على فلسطين التي وصفتها صحف برازيلية بأنها "المنتخب رقم 33".
على الرغم من أن منتخبها الرياضي لكرة القدم لم يتأهل لمنافسات كأس العالم في قطر، خطفت فلسطين بحضورها وعلمها وكوفيتها في مدرجات الملاعب وخارجها، الأنظار، ناصعة كالشمس تهاوى أمامها وهم تطبيع حكومات عربية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.
علاء شمالي، صحفي رياضي فلسطيني يتابعه على صفحتيه في "فيسبوك" أكثر من 25 ألف شخص، يركز في تغطيته على الإعلام الجديد وصناعة المحتوى والفيديوهات القصيرة التي تحظى بانتشار كبير على منصات التواصل الاجتماعي، إضافة للتركيز على نجاح قطر في تنظيم البطولة بشكل فريد، وإبراز القضية الفلسطينية ورفع العلم الفلسطيني أينما حل وارتحل في ظل وجود ملايين المشاهدين.
إلى جانب عمله، يظهر شمالي عبر العديد من القنوات العربية الرياضية برفقة صحفيين من جنسيات مختلفة وهو ما كان له الأثر في إبراز قدرات شباب وصحفيي فلسطين.
تفاعل كبير
"كانت الفرصة متاحة لتعريف العالم بقضية فلسطين بالمشاركة في الفعاليات الفلسطينية، والحضور بين آلاف الجماهير برفع علم فلسطين وكوفيتها، ووضع شارة الكابتن بألوان فلسطين على الكتف"، يقص شمالي شريط تجربته في التغطية لـ"صحيفة فلسطين".
تحدث ابن غزة في أكثر من مكان عن ازدواجية معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في التعامل مع قضية فلسطين وجرائم الاحتلال، على حين يفرض عقوبات على روسيا بسبب عمليتها العسكرية في أوكرانيا، مضيفًا: "هذا الأمر لمسنا فيه تفاعلًا كبيرًا من الجماهير العربية وحتى مشاركة من الجماهير الجنسيات الأخرى".
يقرب الصورة على حجم التفاعل، قائلًا إنه "لا يمر مكان أو تجمع أو فعالية أو مباراة إلا ورمزية فلسطين حاضرة، ونتفاجأ أحيانًا بكثير من الناس غير العرب يحملون كوفية فلسطين ويتفاعلون مع أهازيج الدبكة الفلسطينية بعد الفعاليات التي تقام خارج الملاعب وتستغل في دغدغة مشاعر الأوروبيين ولفت الانتباه".
ماذا أضافت لك تجربة تغطية كأس العالم؟ يفتح دفتر الحصاد مجيبًا: "تجربة كأس العالم أضافت لي الكثير على المستوى الشخصي والمهني، باكتساب مهارات التعامل مع البطولات الكبرى وبوجود أكبر تغطية عالمية بمشاركة آلاف الصحفيين من حول العالم، وهو ما يمكن أن يضيف الكثير للمسيرة المهنية في ظل تطور الإعلام وإنجاز العمل بأقل الإمكانات".
تختلف تغطية كأس العالم، وفق شمالي، عن بطولات أخرى مثل كأس العرب أو كأس العالم للأندية سواء بحجم البطولة والتفاعل معها والاهتمام بها والعمل خلالها واكتساب الكثير من الخبرات والتواصل مع جميع الجنسيات والتعرف إلى كثير من الثقافات.
صور مختلفة
يردف: "لدي قناعة أن الكاميرات ربما تنقل صورة الجماهير والمباريات والتغطيات، لكن الكاميرات أو الوصف أو المراسلة لن تنقل حقيقة أجواء المشجعين والملاعب والشعور بالبهجة بمجرد السير في أماكن وجود الجماهير".
أعطى حضور المباريات بين الجماهير "شمالي" صورة حقيقة عن تفاعل الجماهير، ببكاء بعضهم فرحًا أو حزنًا، وكيف يهتف المشجعون داخل أرضية الملعب، يتمم: "ربما يخرج الصوت عبر الكاميرات والبث المباشر لكن ليس في كل الأحيان ترى كيف يخرج التشجيع من القلب".
مواقف كثيرة، عايشها "شمالي" مع جماهير من جنسيات متعددة عرفهم على فلسطين، يقول: "قابلت الكثير من المشجعين يحملون الكوفية الفلسطينية والعلم الفلسطيني، وعند الاقتراب منهم والحديث معهم يتبين لك أنهم أجانب ومن جنسيات أوروبية، فتسألهم عن سبب ارتداء الكوفية وحمل العلم، معظمهم يجيب بأنهم عرفوا حديثًا عن قضية فلسطين ورفعوا علمها تعاطفًا مع شعبها وهذا كان في أكثر من موقف".
ما يلفته كذلك، أن جميع الملاعب تحتوي على مصليات خاصة بالجماهير محاطة بزجاج شفاف يقف حولها المشجعون الأوروبيون، فتمكنهم من مشاهدة صلاة المسلمين، ما كان له الأثر في التعريف بالدين الإسلامي الحنيف، إضافة لتخصيص ممرات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، ما يؤكد اهتمام قطر بهذه الفئة.
مكَّن المركز الإعلامي الذي جهزته قطر بتقنيات حديثة لـ"شمالي" وأكثر من 17 ألف صحفي من جنسيات مختلفة، العمل المتواصل، فيضم المركز أماكن التصوير والتسجيل وأجواء العمل لإنجاز المواد المطلوبة بسهولة ويسر، يعترف: "أصبحنا نفضل الجلوس في المركز الإعلامي ومتابعة المباريات والأحداث عن متابعة المباريات داخل الاستادات والملاعب".
على مدار 20 يومًا خلال وجوده في قطر، ظهر "شمالي" في حلقات مباشرة على كبرى القنوات العربية، لم تخلُ المقابلات خلالها من أسئلة حول فلسطين، وكيف يتابع الفلسطينيون كأس العالم، وأهمية دعم فلسطين في هذا المحفل الرياضي، معتقدًا أن "مونديال قطر سيبقى محفورًا في ذاكرة الأجيال، لأن فلسطين كانت الثابت الوحيد في كأس العالم".