فلسطين أون لاين

تقرير 15 عامًا من العزل شبه المتواصل.. أقعدت الأسير سرحان عن الحركة

...
15 عامًا من العزل شبه المتواصل.. أقعدت الأسير سرحان عن الحركة
حيفا/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

خمسة عشر عاماً والأسير عماد سرحان وحيداً بين أربع جدران في عزل انفرادي لا يرحم أبداً، وفي ظروف لا إنسانية بتاتاً، ما انعكس بآثار سلبية شديدة على صحته، فانتقل للعزل الانفرادي في "مشفى الرملة"، ليمضي حكمه الطويل بعد أن فقد والديْه والكثير من صحته الجسدية.

يقضي "عماد"، من مدينة حيفا، حكماً بالسجن أربعة مؤبدات. وقد سحبت سلطات الاحتلال منه الهوية الزرقاء عقاباً له على نشاطه المقاوم.

ومنذ أن وطئت أقدام "عماد" السجن يتعمد الاحتلال عزله انفرادياً، فلا يخرجه منه سوى عدة أشهر ثم يعيده للعزل؛ ما أدى لتدهور وضعه الصحي، تقول شقيقته لواحظ سرحان لـ"فلسطين".

وتضيف: "دخل شقيقي المعتقل وهو في "عز شبابه" أما اليوم ورغم أنه ما زال في الأربعينيات من عمره لكن صحته كأنه رجل عجوز".

وتشير إلى أن العزل أنهك جسد "عماد"، فأصبح يعاني صعوبة في الرؤية إذ لا يرى طوال 15 سنة تقريبا سوى جدران رمادية من حوله، وأقعدته قلة الحركة عن المشي، فأصبح قعيداً، "شقيقي يصل الليل بالنهار وهو جالسٌ على سريره لا يتحرك من مكانه فهو محروم من الشمس والهواء".

وتشعر لواحظ بالأسى كلما زارت شقيقها ورأته في حال يرثى له، "لقد مات والدي قهراً على حال عماد، عندما كان يزوره في آخر أيامه وهو مقعد على كرسي متحرك يعود إليها هو الآخر في حال صعب، يشعر بالألم لما رآه من صعوبة حاله".

تمضي إلى القول: "عندما شعر بدنو الأجل حملني أمانة زيارته والاطمئنان عليه بشكل دائم، وها أنا أعمل بوصيته وأزوره في كل ميعاد زيارة".

العزل أكل عماد

وتشير لواحظ إلى أن وفاة والدها أثر سلبًا في نفسية "عماد" وزادت من ألمه لكونه فقد أيضاً والدته قبل عشر سنوات.

تقول: "أحاول أن أبدو متماسكة كلما زرته، لا يوجد لديه ما يقوله، هو لا يختلط ببشر، ولا يمكث في الزنزانة العادية سوى عدة أشهر، ثم يعاد للعزل".

وكلما زارت لواحظ شقيقها يشتكي لها من الإهمال الطبي والمعاملة الصحية التي لا تليق بالآدميين أبداً، "يقول لي إنهم لا يقدمون له أي نوع من الرعاية الصحية، يضعونه فيما يسمى بمستشفى الرملة لكنه لا يتعدى كونه عيادة تُقدم فيه المسكنات فقط".

في آخر زيارة لـ"عماد" كان الاحتلال قد نقله للزنزانة العادية لثلاثة أشهر فقط، ثم أعاده للعزل، مشيرة إلى 15 عاماً أكل فيها العزل الانفرادي من صحة "عماد" ونفسيته ما أكل، متسائلة "كيف يمكن لنا أن نتخيل أن يظل إنساناً طوال هذه الأعوام دون أن يختلط بأي بشري؟! مجرد التخيل يُقرب لنا الحال الذي عليه شقيقي".

وفوق الظروف المأساوية التي يعيشها فهو محروم من زيارة أشقائه الذكور الثلاثة، وهم أسرى محررين بينما يعجز شقيقها الرابع عن زيارته لظرف صحي.

تقول لواحظ: "أنا شقيقته الكبرى، لا يوجد أحد يزوره غيري. أخاف أن يظل في السجن ولا يعود أحدٌ يطرق بابه إذا ما أصابني مكروه، أتمنى أن يُفرج عنه حتى لو أبعدوه لأي دولة في العالم".

وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين بينت أن سلطات الاحتلال عمدت لاتباع سياسة العزل الانفرادي لفترات طويلة بحق الأسير عماد سرحان (43 عاماً) من مدينة حيفا، والمعتقل منذ عام 2002م، بتهمة الانتماء إلى حركة فتح، وقتل جندي إسرائيلي وجرح آخر وحيازة أسلحة ومتفجرات، وقد أمضى حتى الآن 22 عاماً متنقلاً بين السجون.

وأضافت: "نتيجة لسنوات سجنه الطويلة والتعذيب القاسي الذي تعرض له الأسير، أصبح لديه مشكلة بالقلب والشرايين والأوردة، بالإضافة إلى دهون بالدم وضغط، ويتنقل اليوم على كرسي متحرك حيث لا يستطيع المشي على قدميه، كما يعاني من وجود نقطة سوداء في عموده الفقري، إلا أنه حتى اليوم لم يتلق العلاج اللازم".