أكد عضو اللجنة الوطنية العليا المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، المستشار أسامة سعد، أنّ السلطة في رام الله لم تُحِلْ أيًّا من ملفات الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح سعد في حديث لصحيفة "فلسطين" أنّ السلطة اكتفت بتقديم بلاغات شكاوى إلى الجنائية الدولية، وذلك خضوعًا للضغوط الأمريكية والإسرائيلية وتخليًا عن دورها الوطني.
اقرأ أيضًا: الاتحاد الأوروبي يعرب عن قلقه من تصاعد جرائم الاحتلال في القدس والضفة
وقال: إنّ "السلطة عليها أن تكون صادقة في توجُّهها إلى المحكمة الجنائية واستخدام حقها في إحالة كلّ الجرائم للمحكمة الدولية، وأن تستغلَّ الوثائق الدولية التي تدعم حقنا وتظهر جرائم الاحتلال بحق شعبنا، كتقارير منظمة العفو الدولية "Amnesty"، ومفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وغيرها من اللجان الدولية.
وأضاف أنّ "السلطة ليست عاجزة عن التوجه إلى الجنائية الدولية، لكنها غير راغبة بأن تُمثّل مصلحة الشعب بالتوجه إلى المحكمة، فكانت تُماطل وتُسوّف في نقل الجرائم للمحكمة، وتؤجّل الاجتماعات التي تعقدها اللجنة الوطنية المسؤولة عن المتابعة مع الجنائية الدولية بين الفينة والأخرى".
لجنة المتابعة
وأكد المستشار سعد أنّ اللجنة الوطنية لم تُعقَد منذ وفاة رئيسها صائب عريقات في 10 نوفمبر 2020، ولم يتم تعيين رئيس بديل له، ما يُدلّل على أنه حُل، خاصة بعد لقاء الرئيس محمود عباس، بوزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس، في بيت الأخير في ديسمبر عام 2021، والاتفاق على وقف عمل اللجان التي تُوثّق جرائم الاحتلال.
وبيَّن أنّ اللجنة كانت تعقد اجتماعات شهرية، "وفي كلّ اجتماع كنا نضغط من أجل إحالة القضايا إلى الجنايات الدولية، وكانوا يعرضون علينا نتائج اللقاءات مع المدعي العام، وكنا نتساءل: لماذا لا تتم إحالة ملف الاستيطان والأسرى والاعتداءات على القطاع إلى المحكمة؟
ولفت إلى أنّ وزارة الخارجية، ممثلة فلسطين في المحكمة، لا تعمل وفقًا لتوجهات اللجنة الوطنية، وإنما وفقًا لتوجهات الرئاسة في رام الله، حيث كنا في كل اجتماع نطلب بإحالة الملفات إلى المحكمة، وكنا نُصدم بالرفض ودعوتنا للانتظار حتى يقوم المدعي العام من تلقاء نفسه بممارسة اختصاصه.
وبيّن أنّ وزارة الخارجية حاولت إقناع اللجنة بواسطة بعض الخبراء الدوليين بانتظار المدعي العام كي يقوم من تلقاء نفسه بممارسة اختصاصه، حيث طالبت اللجنة باستشارة خبير، الذي قال لنا: "من العار ألا تقوم فلسطين بإحالة الملفات للجنائية الدولية"، وتساءل: لماذا تنتظرون المدعي العام؟".
ولا تستطيع اللجنة الوطنية، وفق سعد، التوجه مباشرة إلى المحكمة الجنائية لكونها تتعامل مع دول في قضايا الإحالة، بخلاف البلاغات التي يمكن للأفراد أو المؤسسات التقدم بها للمدعي العام للجنائية الدولية.
اقرأ أيضًا: الإسلامية المسيحية تُحذّر من مخاطر تصاعد جرائم الاحتلال
ووِفق سعد فإنّ البلاغ بمنزلة شكوى يستطيع أيّ شخص أو مؤسسة التقدم به للجنائية الدولية، ويخضع من قِبل المحكمة للدراسة الأولية وربما يتم إسقاطه في حال كانت المعلومات الواردة فيه غير واضحة أو غير دقيقة، والإحالة تقتصر على الدول الموقعة على اتفاق روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية.
ملف اغتيال أبو عاقلة
وعن إحالة السلطة ملف اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة للجنائية الدولية قال سعد: إنّ "السلطة أعلنت أنّ الملف أُحيل للجنائية الدولية، لكنها في حقيقة الأمر اكتفت بتقديم بلاغ"، معتبرًا ذلك تضليلًا للرأي العام من أجل امتصاص غضبه.
واستبعد أن تكون السلطة أحالت أيّ ملف للمحكمة الجنائية، متسائلًا: ما نتائج الملفات التي تدّعي أنها أحالتها؟ أين وصل التحقيق بها؟ ولماذا لم يتم إطلاع الشعب عليها؟".
وأردف: "لمسنا من السلطة رغبة في عدم التوجه للجنايات الدولية منذ نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في عهد ترامب، وتوجهها لمحكمة العدل الدولية في لاهاي وليس للجنايات الدولية.
وأردف: كلُّ تلك المؤشرات تدل على أنّ السلطة غير أمينة على مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه، وتُمارس علاقاتها مع العالم من خلال علاقات أمنية أو سياسية أو أخرى لها أبعاد تمنعها أن تكون ممثلًا للشعب الفلسطيني وحقوقه.
وبشأن الرسالة التي بعثتها 198 منظمة من مختلف أنحاء العالم إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم أحمد خان، للتحقيق في جرائم الفصل العنصري بحقّ الفلسطينيين، وصف سعد الخطوة بأنها "مهمة وجيدة" ومن شأنها أن تضغط على مكتب المدعي العام للتحقيق فيها.
اقرأ أيضًا: خاطر: جرائم الاحتلال في الأقصى تؤدي إلى تصاعد عمليات المقاومة
واستغرب عدم تحقيق المحكمة الجنائية في الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال بحقّ الفلسطينيين منذ 74 عامًا، في حين أرسلت 40 فريقًا للتحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، معتبرًا ذلك "دليلًا على الازدواجية الدولية في التعامل مع شعبنا".