المصائب تحط على رأس الشعب الفلسطيني كالصاعقة، في كل يوم قتلى وجرحى ومعتقلون في الضفة الغربية، وفي كل يوم اعتداء استيطاني على الأرض، وفي كل يوم هدم للبيوت، ومضايقات، فما العمل؟ المصائب على رأس الشعب كالغبار المتطاير في يوم خماسيني، ومع ذلك، لا أحد يحرك ساكنًا، لتعديل الحالة الفلسطينية، أو لتغيير الواقع.
فمن ينقذ الشعب الفلسطيني من سكين الجزار؟ من يوقف برنامج القتل الممنهج ضد الفلسطينيين؟ من يخلصهم من حبل المشنقة الإسرائيلي؟ ففي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني خمسة شهداء في الضفة الغربية، منهم اثنان شقيقان، شمال رام الله، وفي اليوم التالي شهيدان، كل ذلك إضافة إلى عدة اعتداءات في مناطق متفرقة، ثم مئات المعتقلين، وعشرات الجرحى.
وإذا كان الموت مصيبة، فإن العدو الإسرائيلي يصب علينا الموت من فوهات الرشاشات التي يستخدمها الجيش تارة، ومن فوهات الرشاشات التي يستخدمها المستوطنون تارة أخرى، ومن فوهات الرشاشات التي تستخدمها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مرة ثالثة، ومن حرس الحدود والأمن الداخلي، وعشرات الأسماء لقوات خاصة، كلها تفتح النار على الفلسطينيين لمجرد الحركة أو التنقل على شوارع الضفة الغربية.
فما العمل؟ وأين القرار الفلسطيني المسؤول؟ أين الموقف الموحد من عدوان موحد؟ أين المخطط الفلسطيني الهادف إلى تعزيز الوجود الفلسطيني الآمن، ليواجه المخطط الصهيوني الهادف إلى تهجير الفلسطينيين، وطردهم من بلادهم.
الوضع الذي يعيشه أهلنا في الضفة الغربية لا يمكن السكوت عنه، مهمة الشعب الفلسطيني لا تقف عند حدود ذرف الدموع، وتشييع الجنازات، مهمة الشعب الفلسطيني لا يقف عند حدود إصرار البيانات، والاكتفاء بالمناشدات الدولية، المطلوب خطوات عملية، خطوات موجعة للاحتلال على كل المستويات، خطوات ميدانية تفرض على العدو أن يعاود قراءة الواقع بشكل جديد، المطلوب خطوات فلسطينية توقف القتل، وتوقف العدوان، وتصعد من حالة الرفض الجماهيري للاحتلال، وترد بالقوة على المحتلين بشكل عملي ومتواصل ومتكافئ.
استمرار هذه الحالة من القتل اليومي مثير للمشاعر الوطنية، ولكنه مؤلم للنفس الفلسطينية، والاستمرار اليومي في عد الشهداء، فيه استخفاف بالنفس البشرية، الفلسطينيون ليسوا أرقامًا، ليتجاوز عدد الشهداء منذ مطلع العام الحالي 160 شهيدًا في الضفة الغربية.
هذا الوضع المقلق يجب أن يتغير، يجب أن تتغير المعادلة، على العدو أن يدفع ثمن جرائمه في الميدان، وقد دللت الأيام أن كل بيانات الشجب والإدانة لم تعترض طريق رصاصة، وكل بيانات التنديد لم تعرقل طريق امرأة يهودية تبصق على وثائق الأمم المتحدة.
الشعب الفلسطيني استجاب للإضراب العام الذي دعت إليه قيادة عرين الأسود، بقي أن تدعو التنظيمات الفلسطينية المقاومة إلى اجتماع يضم كل القوى السياسية، لاتخاذ موقف ميداني ضد الممارسات الإسرائيلية، وقد أكدت الأحداث أن صمت القيادة الفلسطينية على القتل اليومي مثل الحاضنة الآمنة للإرهاب الإسرائيلي.