قد يبدو هذا العنوان غريباً لمن يتعامل مع الأمر بشكل سطحي، ولا أعتقد أن من بين الشعب الفلسطيني والشعوب العربية من يُفكر بسطحية مع هذا العنوان، لمعرفتهم التامة بمكانة فلسطين في قلوبهم ومعرفتهم بحجم معاناتها على مدار 75 عاماً من العذابات تحت نير الاحتلال الصهيوني وسط سكوت العالم بأسره من خلال دفن رؤوسهم في التراب كالنعام.
لقد فازت فلسطين بكأس العالم 2022 دون أن تلعب مباراة واحدة، بل دون أن يتواجد أي من لاعبي منتخبها على الأرض القطرية، لقد فازت بقلوب وحناجر آلاف العرب والمسلمين والأصدقاء من خلال إصرارهم على تواجدها في قطر وبين المشاركين برفع علمها عالياً خفاقاً بين أعلام الدول.
لقد فازت فلسطين بكأس العالم 2022 بأيدي قطرية وسعودية وتونسية ومغربية ممن رفعت جماهيرها علم فلسطين في المدرجات وفي الساحات القطرية، وشاركهم في رفعه كل أبناء الدول العربية المتواجدين على الأرض القطرية من الجزائر وليبيا ومصر والسودان واليمن وجيبوتي وجزر القمر والأردن وسوريا ولبنان والعراق والكويت والإمارات وعُمان والبحرين.
ولم يكن العرب وحدهم من رفع علم فلسطين وهتف باسمها وتفاعل مع أناشيدها الوطنية، فقد رفعته أبناء دول إسلامية وأجنبية عن قناعة، وأثبتوا قناعتهم قولاً وفعلاً في الملاعب والساحات.
لقد أعجزتنا المواقف الإسلامية والعربية ولأجنبية عن التعبير عن فرحتنا واعتزازنا بالمواقف الداعمة لفلسطين حتى ولو بالكلمة أو برفع العلم، فهذه هي الشعوب التي لا تملك إلا الكلمة والموقف واليد النظيفة التي لا تحمل إلا النظيف، وما أنظفك أيها العلم الفلسطيني بين أيدي الشرفاء في هذا العالم الظالم.
لقد حقق المونديال الذي استضافته قطر للمرة الأولى في الوطن العربي والإسلامي، أكثر مما تحقق في أي مكان في العالم من تضامن مع فلسطين وقضيتها وشعبها، فعلى مدار 75 عاماً من الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني الذي سُلِبَت أرضه وحريته، كان هناك تضامناً ودعماً عربياً وإسلامياً كبيراً في كل دولة من الدول العربية والإسلامية في أوقات ذروة الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني بالطائرات الحربية والمدافع والدبابات والتي ارتقى خلالها ألاف الشهداء والجرحى والأسرى، ولكن أن يتجمع كل هذا الدعم على أرض عربية وإسلامية واحدة، هذا ما لم يكن يتخيله الفلسطينيون، ولهذا ففلسطين هي بطلة كأس العالم في افتتاحه وحتى قبل نهايته.