بلونها الأبيض، وبنائها الجميل من الحجارة، دخل الطلاب مدرستهم "اصفي" الأساسية بمسافر يطا جنوب الخليل بحلتها الجديدة بعد الترميم، في 27 أغسطس/ آب الماضي، انتهت معها رحلتهم مع الدراسة في المغامرات والخيام التي لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء.
صباح أمس، ومع بداية الدوام المدرسي ودخول الطلاب فصولهم الستة، حاصرت قوات جيش الاحتلال وجرافاته الفصول ومنعت خروج الطلاب، قبل أن تهرع الأمهات في خربة "اصفي" ويخرجن أطفالهن طلاب المرحلة الابتدائية، وسط حالة من الخوف والرعب والبكاء، كما أظهر ذلك مقطعُ فيديو سبق عملية هدم الاحتلال للمدرسة، وهدمت معه أحلام الطلاب الجميلة.
تضم المدرسة حسب مديرها عيسى مخامرة، ثماني غرف، منها ست غرف للدراسة، كانت تضم طلابا من الأول حتى التوجيهي، لكن في هذا العام اقتصرت الدراسة على الطلاب من الأول حتى الرابع وكانت إدارة المدرسة تستعد لفتح الصفين الخامس والسادس.
ينقل مخامرة لصحيفة "فلسطين" فرحة الطلاب بانتقالهم لمدرسة بحلةٍ جديدة قائلاً: "انتقلنا إليها نهاية أغسطس الماضي، وكانوا سعداء جدا أنهم انتقلوا من الدراسة في المغارات والخيام، ويدرس فيها 23 طالبا".
ويضيف: "عندما يدرس هذا العدد في البادية وتفتتح مدرسة لهم فهذا منع للتسرب والخروج المبكر، خاصة أن 90% من التجمع لا يوجد فيهم إلا شخص أو شخصان أنهوا التوجيهي، لعدة أسباب منها أن أقرب مدرسة تبعد عنا أربعة كيلومترات، إضافة للطرق الوعرة التي تنتشر فيها الحيوانات المفترسة، ويتعرضون لخطر من جيش الاحتلال، وانجرافات التربة في الشتاء، فضلا عن ارتفاع درجة الحرارة بالصيف".
ورغم أن المدرسة حصلت على قرار من المحكمة الإسرائيلية بعدم الهدم، فإن قاضي الاحتلال ألغى قرارها الساعة السابعة صباحا أمس، ما سمح لجرافات الاحتلال بهدم المدرسة، تخللها حصار وبث رعب في نفوس الطلاب وإلقاء قنابل غزة. بحسب رئيس مجلس قروي مسافر يطا نضال يونس.
يقول يونس لصحيفة "فلسطين": "إننا تفاجأنا بالهدم رغم القرار القضائي الإسرائيلي بوقف الهدم"، مستنكرًا عملية الهدم وإثارة خوف الطلاب، والاعتداء عليهم، والاستيلاء على جميع محتويات المدرسة، من قرطاسية، وطاولات، ومقاعد، وحقائب، ونقلها بعد أن سوّت المدرسة بالأرض.
ويشير إلى أن الاحتلال ينفذ سياسة تهدف إلى تهجير البدو الفلسطينيين الذين يسكنون هذه المناطق منذ عشرات السنين، عبر هدم البيوت والمدرس وإغلاق الطرق وتدمير شبكات المياه، لدفع السكان للرحيل.
وعانى سكان تجمع خربة اصفي البالغ عددهم 200 نسمة، وضعا تعليميا صعبا في ظل بعد المدارس عن مناطق سكنهم، وغياب المواصلات، مشيرا إلى أن المدرسة الجديدة لبت جميع احتياجات الطلاب من غرفة صفية وبنية تحتية، وأهم شيء أنها أخرجتهم من المغارات والخيام.
وأعرب الاتحاد الأوروبي عن صدمته إزاء هدم القوات الإسرائيلية مدرسة اصفي الأساسية المختلطة، بمسافر يطا، جنوب الخليل.
ونشر الاتحاد الأوروبي عبر "توتير" تعقيبا على هدم المدرسة المذكورة حيث قال: "مصدومون من قيام القوات الاسرائيلية بهدم مدرسة اصفي الممولة من المانحين الأوروبيين في مسافر يطّا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك بعد يوم واحد من زيارة دبلوماسيي عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي"، مشددا على ضرورة احترام حق الأطفال في التعليم.
يشار إلى أن قوات الاحتلال هدمت صباح اليوم بآلياتها الثقيلة المدرسة، في خربة اصفي الفوقا، وهي إحدى مدارس التحدي والصمود، وتخدم عشرات التلاميذ من قرى وخرب مسافر يطا، أهمها: مغاير العبيد، وطوبا، واصفي الفوقا، واصفي التحتا، حيث اعتدت على الطلبة، واستولت على جميع محتويات المدرسة، من قرطاسية، وطاولات، ومقاعد، وحقائب، ونقلتها بعد أن سوّت المدرسة بالأرض.