توافق اليوم الأربعاء الذكرى الـ21 لاستشهاد قائد القسام في الضفة الغربية المجاهد محمود أبو الهنود، بعد أن استهدفت طائرات الاحتلال سيارته التي كان يستقلها قرب نابلس، بعدة صواريخ.
أبو الهنود يُعدُّ علمًا من أعلام الجهاد في فلسطين، وفصلًا من فصول الشرف العتيق المُزيّن لأرضها المباركة، وأسطورة من أساطيرها الحقيقية.
ميلاد الهنود
وُلد القائد محمود أبو الهنود في 1/7/1967 في بلدة عصيرة الشمالية، قضاء مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة، ليترعرعَ وسط عائلة، علّمته حب الوطن وأرضعته الانتماء للدين والعقيدة والوطن.
وفي عام 1988 وبعد فترة وجيزة على اندلاع الانتفاضة، أُصيب المجاهد أبو الهنود، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال، واعتُقل على إثرها لعدة أشهر.
وأنهى أبو هنود دراسته الثانوية العامة في مدارس قريته، قبل أن يلتحق بجامعة القدس أبو ديس، ويدرس فيها تخصص الشريعة الإسلامية، ويُصبح ناشطًا في الكتلة الاسلامية آنذاك، إلى أن حصل على درجة البكالوريوس عام1995.
قائدًا للقسام
وفي عام 1994 عُيّن أبو الهنود قائدًا لكتائب الشهيد عز الدين القسام في شمال الضفة الغربية، ليصبح بعدها مطلوبًا لقوات الاحتلال تارة، ولأجهزة أمن السلطة التي اعتقلته في ذات العام تارة ثانية، قبل أن يتمكن من الهرب من السجن.
كان الشهيد القائد ضمن الـ400 مجاهد من حماس والجهاد الذين أبعدتهم دولة الاحتلال إلى جنوب لبنان عام 1992، رجع بعدها للوطن بهمّة الأسود ليُقاوم الاحتلال على الرغم من ملاحقته واعتقاله أكثر من مرة من أجهزة السلطة والاحتلال.
وشارك أبو الهنود في تنفيذ العديد من عمليات إطلاق النار، بالإضافة إلى الإشراف على تنفيذ العمليات الاستشهادية عام1997، التي أوقعت العديد من القتلى في صفوف الاحتلال، مما جعله أبرز المطلوبين للاحتلال.
محاولات الاغتيال
وتعرَّض الشهيد المجاهد أبو الهنود لمحاولة اغتيال بتاريخ 26/8/2000، إلا إنّ رعاية الله حالت دون نجاح العدو في النيل منه، حيث خاض اشتباكًا مسلحًا مع قوات الاحتلال التي حاصرت المنزل الذي كان يتواجد فيه.
وأدّى الاشتباك إلى وقوع ثلاثة قتلى من جنود الاحتلال، وإصابته بجراح، قبل أن يتمكن من الانسحاب باتجاه مدينة نابلس، ويُقدَّم له العلاج، ولتقومَ بعدها أجهزة أمن السلطة باعتقاله، والحكم عليه لمدة 12 عامًا.
وفي تاريخ 20/5/2001 نجا الشهيد القائد أبو الهنود من محاولة اغتيال أخرى، بعد قيام طائرات الاحتلال بقصف سجن نابلس المركزي، الذي كان يُعتقل فيه، ليخرجَ من بين الأنقاض حاملًا مصحفه الذي يقرأ به، ولتبدأَ بعدها رحلة المطاردة.
خاتمة الشهادة
مضت ستة أشهر من المطاردة استمرت للقائد القسامي أبو الهنود على آخر محاولة لاغتياله، ليأتيَ مساء يوم الجمعة الموافق 23/11/2001 وأثناء قيام الناس بأداء صلاة التراويح من شهر رمضان المبارك، قامت طائرات الاحتلال بقصف السيارة التي كان يستقلها أبو الهنود ورفيقا دربه مأمون وأيمن حشايكة وليرتقيَ ثلاثتهم شهداء إلى عليين.
تم نُقل الشهيد المجاهد وأشلاؤه إلى سجن جنين الحكومي نظرًا للإغلاق الذي قد ضرب نابلس، وليُشيّع في اليوم التالي ثلاث مرات، أولها من جنين، وثانيها بنابلس، وثالثها في بلدة عصيرة الشمالية، حيث صدحت حناجر الآلاف التي مجّدت الشهيد وطالبت بالثأر له.
رحل الهنود ليُسطّر برحيله وصية كتبها بيده قال فيها: "من أجلك يا فلسطين تطيب التضحيات، ومن أجلك يا قدس نستلذُّ الآلام، ولعيونك يا أقصى ترخص النفوس والأرواح".