يحيط المستوطنون اليهود بمنزل المواطنة نسرين العزة بمنطقة "تل الرميدة" وسط مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، من كل جانب، وبالكاد تجد متنفسًا لها ولعائلتها المقيمة هناك منذ سنوات طويلة.
تتعرض العزة، كما تقول لصحيفة "فلسطين" إلى انتهاكات متصاعدة من المستوطنين نتيجة عربدتهم المستمرة الهادفة إلى تهجير الأهالي قسرا وإحلال اليهود مكانهم، لكنها في الوقت نفسه تبدي إصرارًا كبيرًا على البقاء وعدم مغادرة منطقة "تل الرميدة" رغم محاولات المستوطنين المستميتة لتهجيرها بحماية جيش الاحتلال.
وكان مواطنون قد أصيبوا في "تل الرميدة" السبت الماضي نتيجة اعتداءات وحشية نفذها عشرات آلاف المستوطنين في الخليل، في وقت اعتقلت قوات الاحتلال عددًا آخر منهم بعدما شاركت في حماية المستوطنين خلال تنفيذ انتهاكاتهم.
وبحسب العزة، فإن مواطنين أصيبوا بجروح وكدمات نتيجة اعتداء مستوطنين مسلحين عليهم ورشق منازلهم بالحجارة والزجاجات الفارغة.
وقالت: إن هذه الاعتداءات تتكرر من المستوطنين اليهود ضد المواطنين، ويكثفها هؤلاء خلال الاحتفال بما يسمى "الأعياد اليهودية".
والفلسطينية العزة، لاجئة فلسطينية من مواليد السعودية، عادت عام 1995 إلى الأراضي المحتلة، وتزوجت واستقرت في الخليل، ولم تتمكن من الحصول على "لم شمل" في حين استشهد زوجها عام 2015.
وبينت أن المستوطنين دائمًا ما يقذفون المواطنين بالشتائم، وإلقاء القاذورات والزجاجات الفارغة على منازلهم في "تل الرميدة"، واصفة حياة الأهالي بالمأساوية نتيجة إحاطة منازلهم بالمستوطنات، وأبراج المراقبة التي تتخذ منها قوات الاحتلال ثكنات عسكرية أعلى منزل شقيقها منذ عام 2000، حيث اندلعت انتفاضة الأقصى.
وأضافت أنها وعائلتها رغم ما تعرضوا له من انتهاكات على يد المستوطنين إلا أنها ستصمد أمام اضطهاد الحاقدين الذين يحتلون مدينة الخليل بالنار والحديد.
وينطبق الحال ذاته على جميع سكان "تل الرميدة" إذ يتصدون للانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة بحقهم بصمود أسطوري يزداد مع الأيام لإفشال مخططات الاحتلال ومستوطنيه.
بدوره، قال منسق اللجان الشعبية والوطنية لمقاومة الاستيطان بالخليل راتب الجبور: إن الاحتلال من خلال الانتهاكات التي ينفذها وحمايته للمستوطنين خلال اعتداءاتهم على المواطنين، يهدف إلى تهجير سكان المنطقة، وإفراغ منازلهم لربط البؤر الاستيطانية ببعضها.
وأضاف الجبور لـ"فلسطين" أن "تل الرميدة" منطقة محاطة بالمستوطنات من كل جانب، ومنها "كريات أربع"، و"جفعات هرسينا" التي تعد أعلى مستوطنة يهودية في الضفة الغربية، على ارتفاع 1100 متر فوق مستوى سطح البحر، إضافة إلى مستوطنات قريبة ضخمة جدًا.
وتابع أن المستوطنين الغلاة ينفذون جرائمهم بدعم من حكومات الاحتلال، ضمن عملية التهجير القسري لسكان "تل الرميدة"، مردفا أن المستوطنين استطاعوا خلال السنوات الماضية الاستيلاء على عدد كبير من منازل المواطنين، يقدر بالمئات.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال تضع أكثر من 100 حاجز ونقطة تفتيش داخل منطقة "تل الرميدة" وفي محيطها، وتحديدًا عند المداخل المؤدية للمسجد الإبراهيمي.
من جهته، قال مسؤول لجنة الدفاع عن أهالي مدينة الخليل هشام الشرباتي: إن عدوان الاحتلال في الخليل لا يقتصر على "تل الرميدة" وإنما يطال أحياء واسعة في المحافظة الأكبر في الضفة الغربية.
وأضاف الشرباتي لـ"فلسطين" أن هذه المنطقة مغلقة بحواجز الاحتلال، ولا يسمح سوى لسكانها بالدخول، مشيرًا إلى أن اعتداءات المستوطنين لا تتوقف في المنطقة.
وتابع أن الانتهاكات لا تقتصر في "تل الرميدة" على المستوطنين وجنود الاحتلال، بل يشارك فيها أيضًا أعضاء في "الكنيست" الإسرائيلي، ومنهم المتطرف إيتمار بن غفير، معتبرا ما يتعرض له سكان المنطقة وغيرها في الخليل "جريمة تطهير عرقي" لإحلال المستوطنين.
وأكد أن هذه الانتهاكات ينفذها الاحتلال ومستوطنوه في كل أرجاء الضفة الغربية، وليس في الخليل وحدها.