فلسطين أون لاين

تشكيل حكومة العدو يواجه خلافات وانقسامات

انتهى رئيس الكيان الاستيطاني إسحاق هرتسوغ من مشاوراته مع قادة الأحزاب التي تجاوزت نسبة الحسم في انتخابات الكنيست الــــ 25 حيث أوصى 64 نائباً في الكنيست بتزكية زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو لتشكيل الحكومة الجديدة.

وكان نتنياهو قد بدأ مشاوراته مع حلفائه في كتلة اليمين الفاشي المتطرف حتى قبل أن يتسلم كتاب التكليف من رئيس الكيان الأحد 13/11/2022.

ووفق تقديرات جميع المراقبين فإن حكومة العدو المقبلة ستكون الأكثر تطرفاً في تاريخ الدولة العنصرية وفقاً للتحالفات المرتقبة مع الأحزاب الدينية المتشددة، وقد أصبح واضحاً وفق نتائج الاتصالات وكذلك تصريحات الرئيس المكلف، أن إيتمار بن غفير اليميني المتطرف والذي كان عضواً سابقاً في حركة "كاخ" المصنفة إرهابية حتى وفق معايير الكيان الفاشي سيكون وزيراً في الحكومة العتيدة، ويبدو أن هناك توافقاً على أن يكون وزيراً للأمن الداخلي. وتثير مشاركة ابن غفير في هذه الحكومة مخاوف جمة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وحتى بين شخصيات سياسية صهيونية بارزة، بل وترى أن ذلك سيضع الكيان في مأزق عَصِيّ ويصعب الخروج منه وأنه نذير عواصف ستجتاح البلاد من كل حدب وصوب.

نتنياهو من جانبه يواصل اتصالاته مع شركائه الذين تحالف معهم وجمع صفوفهم في مَسْعى للتوصل إلى تفاهمات تتعلق بكيفية توزيع الحقائب الوزارية، وقد التقى بجميع قادة الكتل الفائزة ومن بينهم زعيم حزب "يهدوت هتوراه" لليهود الغربيين، وإيتمار بن غفير عضو الكنيست رئيس حزب "القوة اليهودية"، وقد صرح نتنياهو في وقت مُبكر أنه يتمنى أن ينتهي من تشكيل حكومته في حد أقصاه الــــ 15 من تشرين الثاني الجاري، ولكن ليس كل ما يتمناه نتنياهو يدركه خاصة وأنه بدأ يواجه عمليات ابتزاز مُنَظَّمة من حلفائه والذي أثار مخاوف حقيقية في حزب الليكود في اتجاهين، أولها خشية الطامحين من قيادة الحزب في أن يُرضي نتنياهو حلفاءهُ بمنحهم الوزارات السيادية المهمة على حسابهم، وثانيها أن تعود الحلقة المُفرغة بتشكيل حكومة هشة غير مُستقرة فلا تُعَمِّرُ طويلاً .

من ناحيته ذكر رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لابيد أنه لا يوجد لديه أي احتمال للمشاركة في الحكومة المقبلة، وكذلك صَرّح قادة عدد من الأحزاب والتكتلات الأخرى أنها ستنضم لجبهة المعارضة لحكومة نتنياهو.

وكشفت وسائل الإعلام العبرية الجمعة الماضية في 18 تشرين الثاني تفاصيل خطة قدمها حزب الليكود لإيجاد مخرج لإرضاء بتسلئيل سموتريتش زعم حزب "الصهيونية الدينية" لإنهاء الخلافات القائمة تمهيداً لتشكيل الحكومة الجديدة.

وذكرت القناة العبرية الــــ 12 أن "الليكود صاغ حلاً إبداعياً في محاولة لاستدراج سموتريتش، وهو بأن يأخذ لحركته حصة تتكون من حقيبة وزارية "متوسطة – كبيرة"، مثل: وزارة القضاء أو التعليم، وحقيبة وزارية صغيرة إضافية داخل وزارة الجيش له صلاحيات عملية في منطقة الضفة الفلسطينية المحتلة".

وأضافت القناة أنه "تم تصميم هذه الصيغة للسماح لسموتريتش بالتأثير في عدة نطاقات، ولإرضاء آخرين من حزبه مثل أوريت ستروك وأوفير سوفير، الذين يتوقعون تَوَلي مناصب وزارية.

كما أشارت قناة "كان" العبرية أن إيتمار بن غفير، عضو الكنيست تحدث مع سموتريتش لوقف القطيعة بينهُ وبين نتنياهو وحَثَّهُ على التواصل معه، وذلك لأن سموتريتش أَصَرَّ على تولي حقيبة وزارة الجيش في الوقت الذي رفض فيه رئيس حزب الليكود ذلك وعرض عليه حقيبة وزارة الخارجية التي رفضها؛ ما أثار حفيظته في حينه، وكان ابن غفير قد طمأنه أنه لن يدخل الحكومة دونه.

وتشير مصادر قريبة من سموتريتش أنه سيقبل تولي وزارة الخارجية لكونها "وزارة سيادية هامة"، وبالتالي يتراجع عن إصراره على تولي حقيبة الأمن أو المالية، وهذه واحدة من العقبات التي تُعرقل المفاوضات الائتلافية الجارية الآن، رغم أن ابن غفير يعتبر أن مطالبة سموتريتش بحقيبة الأمن شرعية لأن ذلك سيُمكنه من تطبيق برامجه اليمينية كاملة بما في ذلك إقامة مستوطنات جديدة في الضفة المحتلة والمصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة لتسمين المستوطنات القائمة، إلى جانب منع إخلاء البؤر الاستيطانية ومنع المواطنين الفلسطينيين من البناء في المناطق ج، إلى جانب الخطط المتعلقة بالتقاسم المكاني والزماني في المسجد الأقصى المبارك وترحيل المواطنين الفلسطينيين من أحياء القدس تمهيداً لتهويد المدينة المقدسة.

ورغم انشغال نتنياهو بتشكيل الحكومة، إلاّ أن موقع "واللا" العبري قد كشف وعن مصدرين مُطّلعين أن قضايا أمنية في غاية الحساسية تمت مناقشتها خلال اجتماع عُقد الأسبوع الماضي بين رئيس الشاباك رونين بار ورئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو.

ووفقاً لما جاء في الموقع العبري، فقد حَذَّرَ رئيس الشاباك من خطر الانهيار الوشيك للسلطة الفلسطينية، إلى جانب تدهور الوضع الأمني في الضفة الفلسطينية نتيجة لذلك، ولتصاعد العمليات العسكرية وتشكيل الوحدات المسلحة في كثير من المناطق شمالاً وجنوباً.

وأكد رونين بار أن هذه التطورات الأمنية تتسم بخطورة كبيرة لم تشهد مثلها الضفة منذ عقدين ويزيد، إلى جانب التهديدات من قطاع غزة ومن الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله، وجدير بالذكر أن هذه الملفات سيحملها رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي الذي توجه السبت الماضي إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وأضاف المتحدث باسم جيش العدو أن هذه الزيارة ستكون الأخيرة له في إطار منصبه والثانية منذ توليه رئاسة الأركان.

أما رئيس الوزراء المنصرف يائير لابيد وفي آخر اجتماع للحكومة لم يزل يُمَنّي النفس حين يقول: "تشرفت بخدمة (إسرائيل) وسنعود إلى هذه القاعة وفي أقرب مما تتوقعون"!

تطورات متلاحقة تجري، وحكومة يمينية فاشية قيد التشكيل تقتضي أن نأخذ بعين الاعتبار وعلى محمل الجِد أن مرحلة خطيرة ستشهدها الساحة الفلسطينية في قادم الأيام، وقد خَبِرَ شعبنا الصامد ومقاومته الباسلة كيف يواجه عدواً يذهب نحو فاشية غير مسبوقة.