أعلنت النيابة العامة ووزارة الداخلية والأمن الوطني، مساء الأحد، نتائج التحقيق في حادثة حريق منزل المواطن فرج عبد العاطي أبو ريا في معسكر جباليا شمال قطاع غزة، بالأدلة والوثائق.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي في مدينة عرفات للشرطة غرب مدينة غزة، بمشاركة النائب العام المستشار د. محمد النحال، ومدير عام الشرطة اللواء محمود صلاح، ومدير عام الدفاع المدني اللواء زهير شاهين، والمتحدث باسم الداخلية والأمن الوطني إياد البزم؛ للإعلان عن نتائج تحقيقات الحادثة.
وتم خلال المؤتمر عرض عدد من المشاهد التي تتضمن الأدلة والوثائق وإفادات شهود العيان من مسرح الحادث، والتي ساهمت في التوصل للنتائج التي تم عرضها.
وجيز الواقعة
وسرد النائب العام وجيز الواقعة التي حدثت بتاريخ 17/11/2022، والتي تمثلت في نشوب حريق في تمام الساعة 6:11 مساءً في منزل المواطن فرج عبد العاطي أبو ريا، الكائن في منطقة تل الزعتر بجوار مسجد حيفا في معسكر جباليا بمحافظة شمال قطاع غزة.
وأوضح النائب العام أنه ونتيجة للحريق المذكور هب الأهالي لنجدة سكان المنزل، حيث وجدوا الباب الخارجي مغلقًا، مما دفع عدد من المواطنين باعتلاء السور الخارجية للمنزل ومن ثم القفز إلى الطابق الأول من العمارة، ثم نزول بعضهم من خلال السلم، وفتح الباب الخارجي للعمارة.
وأضاف: "وبعد ذلك دخل عددٌ من المواطنين، وصعدوا إلى الطابق الثالث، حيث الشقة السكنية الذي أصابها الحريق، وقاموا بفتح باب الشقة، إلا أنهم لم يستطيعوا دخولها نتيجة لشدة الدخان وانتشار اللسنة اللهب فيها.
ولفت المستشار النحال إلى أن طواقم الدفاع المدني وصلت للمكان، وتمكنت من السيطرة على الحريق دون أن يمتد للمنازل المجاورة.
وصف محل الواقعة
وأظهر النائب العام بأن الواقعة حدثت في بناية سكنية تتكون من ثلاثة طوابق، كل طابق عبارة عن شقة سكنية واحدة، وقد أصاب الحريق الشقة الواقعة في الطابق الثالث، وهي تتكون من 5 غرف ومنافع، وتبلغ مساحتها 180م، ويسكنها المواطن نادر فرج أبو ريا وعائلته.
الإجراءات القانونية
وحول الإجراءات القانونية المتبعة في الواقعة، قال المستشار النحال: "مجرد وصول الإشارة الأولية للحدث توجه النائب العام وبرفقته طاقم نيابة الشمال الجزئية لمكان الواقعة، حيث أشرف بشكل مباشر على جميع التحقيقات المتعلقة بالواقعة، وأصدر تعليماته لجميع طواقم التحقيق المختصة بمباشرة جميع التحقيقات اللازمة للوقوف على كافة تفاصيل الواقعة وملابساتها.
ولفت إلى أن طواقم التحقيق المختصة باشرت منذ اللحظة الأولى لحدوث الواقعة إجراءاتها بالتقصي، وجمع الاستدلالات من داخل مكان الواقعة ومن خارجها.
وأضاف النائب العام: "عملت في الميدان طواقم الدفاع المدني، والأدلة الجنائية، والمباحث العامة والمصادر الإلكترونية بالمباحث العامة، ومكتب تحقيق شرطة معسكر جباليا.
ونوه إلى أن كافة الطواقم المذكورة بذلت كامل جهدها للوقوف على ملابسات الواقعة، بالإضافة إلى الجهود المستمرة من وكيل وزارة الداخلية والأمن الوطني، وقائد الشرطة ومساعده، ومدير شرطة المحافظة.
وأشار المستشار النحال إلى أنه تم تدوين أقوال الشهود حول الواقعة بشكل مفصل، حيث تم تدوين أقوال جميع من وصل لمكان الحدث في اللحظات الأولى، وكذلك جيران المنزل، وذوي الضحايا وأقاربهم.
وأكد أن معاينة مكان الواقعة، بيّنت احتراق معظم مكونات الشقة السكنية، ووفاة جميع من كانوا بداخلها والبالغ عددهم 22 مواطنًا.
الأدلة ونتائج التحقيق
وفيما يتعلق بتفاصيل الأدلة ونتائج التحقيق، أوضح النائب العام أن اجتماع جميع الضحايا داخل منزل المواطن نادر فرج أبو ريا كان بسبب الحفل الذي دعاهم إليه "نادر" في منزله بمناسبة عودة شقيقه ماهر من السفر.
وبيّن أن الشاهد (م،ج) وهو أحد أقارب العائلة أفاد بإن المواطن نادر أبو ريا قام بعمل احتفال بمنزله، ودعا إليه جميع أفراد العائلة، كما أثبت الشاهد (أ،ح) وهو صديق "نادر أبو ريا" أن نادر جهز للاحتفال بعودة أخيه ماهر.
ونوه النائب العام أن سبب اندلاع الحريق هو قيام المواطن "نادر فرج أبو ريا" باستخدام مادة البنزين في حركات نارية احتفالية خلال الحفل الذي أقامه داخل منزله.
وأكمل: "حيث قام المذكور باستخدام البنزين على باب الغرفة التي كان يتواجد بها أهله، وهي الغرفة الواقعة في الجهة الجنوبية الغربية من الشقة، إلا أنه فقد السيطرة على النيران التي وصلت إلى "جالون" البنزين الذي كان مجاورًا لمكان وقوفه".
وأوضح المستشار النحال أن النيران اشتعلت واقتربت من الوصول إلى داخل الغرفة التي تواجد بها أهل "نادر" حيث حاول منع وصول النار إليهم، من خلال إغلاق باب الغرفة التي يتواجدون بداخلها، مستدركًا! إلا أن تسرب البنزين من أسفل الباب أدى إلى وصول النيران إلا داخل الغرفة واشتعالها فيها.
ونبه إلى أنه ساعد على سرعة اشتعال النار داخل الغرفة عدة عوامل، أبرزها السجاد الأرضي، والكنب المصنوع من الخشب، ووجود إطارات سيارات كانت معلقة في سقف الغرفة على شكل نجف والتي سقطت على الأرض بفعل الحريق، بالإضافة إلى كثرة الأثاث، والديكورات الخشبية، وورق الفوم.
وتابع: "والتهمت النيران كامل أثاث الغرفة وموجوداتها ثم تسببت في وفاة كل من كان بداخليها وعددهم 21 مواطنًا، حيث لم يتمكن أي أحد منهم من الهروب خارج الغرفة بسبب قيام "نادر" المذكور بإغلاق الباب عليهم لحمايتهم من النار".
وأضاف: "كما امتدت النيران بعد ذلك إلى بقية مكونات المنزل وأدت لوفاة المواطن "نادر فرج أبو ريا"، صاحب الشقة، حيث وجد محترقًا في الغرفة المقابلة للغرفة التي كان يتواجد بها باقي الضحايا.
التقارير الفنية
وأكد المستشار النحال أن هذه الوقائع ثبتت لدى النيابة العامة من خلال التقارير الفنية الصادرة عن إدارة الأدلة الجنائية، ومديرية الدفاع المدني، وتقارير الكشف والمعاينة، وتقارير الصفة التشريحية للضحايا، بالإضافة إلى أقوال الشاهد (ع، م) الذي أثبت وجود جالون بنزين خارج غرفة الضيافة، وبيّن أماكن تواجد الضحايا، وكذلك الشاهد (م،خ) الذي اكد أماكن تواجد الضحايا.
ومضى يقول: "إن الضحايا لحظة اشتعال النيران تواجدوا بجوار نافذتي الغرفة الجنوبية والغربية، الأمر الذي يدلل على أنه لم يكن بمقدورهم التوجه لناحية باب الغرفة؛ نظرًا لأن مصدر وقوة النيران كانت في جهة الباب؛ فلجأوا لناحية الشبابيك للاستغاثة".
ونوه النائب العام إلى أن هذا مثبت بموجب التقارير الفنية الصادرة عن إدارة الأدلة الجنائية، ومديرية الدفاع المدني وتقارير الكشف والمعاينة، بالإضافة إلى أقوال الشهود (ع، م) و(م،خ)، و(م،ك).
وأرجع عدم تمكن المواطنين من الدخول الشقة المحترقة قبل وصول الدفاع المدني إلى كثافة الدخان الذي كان منتشرًا داخل الشقة؛ بسبب احتراق الإطارات المستخدمة في الديكور، وإغلاق الباب الخارجي للعمارة.
ونوه المستشار النحال إلى أن هذا مثبت من إفادة الشاهد (ق،ب) الذي قال إنه كان يجلس أمام باب بقالة في محيط المنزل، وإنه شاهد نيرانًا تخرج من نافذة الطابق الثالث، وإنه هرع للمكان بصحبة آخرين، وعندما وصل للمنزل وجد بابه مغلقًا، فقام هو وشخص آخر بتسلق سور المنزل، وصعدا منه للشقة الواقعة في الطابق الأول، ومن ثم قاما بفتح باب الشقة، ونزل هو على الدرج وفتح باب العمارة الذي كان مغلقًا من الداخل بواسطة سحاب.
وأكمل الدكتور النحال: "كما وأثبت الشاهد (م،خ) بأنه كان يجلس بصالون حلاقة مقابل للمنزل، وأنه سمع صراخ المواطنين، فشاهد الحريق، وتوجه للمنزل، فوجد الباب الخارجي مغلقًا فاضطر لتسلق السور والصعود للشقة الواقعة في الطابق الأول هو وآخرون، وأنهم صعدوا بعد ذلك للطابق الثالث، وحاولوا إنقاذ من في الشقة؛ إلا انهم لم يتمكنوا من ذلك بسبب كثافة الدخان والنيران".
وأضاف النائب العام: "كما وأفاد الشاهد (أ،خ) إنه عندما قام المواطنين بفتح باب العمارة من الداخل صعد برفقة عدد من المواطنين إلى الطابق الثالث، إلا أنهم لم يتمكنوا من إنقاذ الضحايا بسبب كثافة الدخان والنيران".
التعامل مع الحريق
ونبه المستشار د. محمد النحال إلى أن الدفاع المدني تلقى إشارة الحريق في تمام الساعة 6:18 مساءً، وقد وصلت طواقمه لمكان الواقعة عند الساعة 6:25 مساءً، وقاموا بالتعامل مع الحريق.
وأوضح أن المتوفي "نادر أبو ريا" لديه هواية كبيرة في فن الديكور وتصميم وتجهيز الأعمال بيده، حيث أنه هو من قام بنفسه بتجهيز أثاث غرفة الضيافة بمنزله، بالإضافة للنجف المتكون من إطارات السيارات، وأجرى عليها الكثير من التزين والدهان، وكذلك الديكورات الخشبية الأخرى المعلقة بسقف الغرفة، مؤكدًا أن ذلك ثابت بموجب التقارير الفنية الصادرة عن المباحث العامة.
وأشار إلى أن المذكور كان أيضًا يبالغ بإقامة الحفلات داخل منزله باستمرار، ويستخدم الشموع والألعاب النارية وعلب "الأسبريه" وإشعال النيران فيها بدرجة كبيرة، وفق ما أكدته الشاهدة (أ،ر) وهي من أقارب الضحايا.
عدم وجود متسبب خارجي
ونوه المستشار النحال إلى أنه ثبت لدى النيابة العامة من خلال التحقيقات عدم وجود متسبب خارجي في الحريق، وهو ما أكدته جملة من الأدلة أبرزها "التقارير الفنية الصادرة عن إدارة الأدلة الجنائية، ومديرية الدفاع المدني، ودائرة المصادر الفنية بالمباحث العامة" والتي تبين أن كاميرات المراقبة لم ترصد دخول أو خروج أي شخص للمنزل، قبل وقوع الحدث.
ولفت إلى أن هذا ما يؤيده أيضًا أقوال شهود الواقعة (ق،ب) و(م،خ)، و(أ، خ) الذين أكدوا أن الباب الخارجي للعمارة السكنية كان مقفلًا من الداخل لحظة حدوث الواقعة، وأنه يستحيل تواجد أي شخص آخر داخل العمارة لحظة الحدث.
وختتم حديثه قائلًا: "إن النيابة العامة تقدر جهود جميع المواطنين الذين لبوا نداء الإنسانية وتحملوا المخاطر والصعاب؛ في محاولة منهم لإنقاذ ضحايا هذا الحادث الأليم، إلا أن قدر الله نافذ ولا راد لأمره".
وأضاف: "كما تقدر النيابة العامة جهود كافة الطواقم العاملة في الميدان المتمثلة في: الدفاع المدني والشرطة والأدلة الجنائية والمباحث العامة والمصادر الفنية في المباحث العامة وتحقيق الشرطة".