تعيش عائلة الشهيد محمد صوّف (18 عامًا) ظروفًا صعبة واستثنائية بفعل العدوان الإسرائيلي المتواصل على العائلة منذ تنفيذه عملية بطولية لقيَ خلالها 3 مستوطنين مصرعهم وأُصيب 3 آخرون، في مستوطنة "أرئيل" القريبة من عنوان سكنه، في قرية حارس بمحافظة سلفيت، شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وسارعت قوات الاحتلال إلى منزل العائلة وأخذت قياساته، في مشهد تكرر مع عائلات شهداء آخرين، نفّذوا عمليات فدائية، قبل هدم منازلها، حسبما أفاد "ض. ع"، أحد المقربين من عائلة الشهيد صوف، الذي فضَّل عدم ذكر اسمه كاملًا، خشية الملاحقة الإسرائيلية.
اعتداءات وحشية
وقال "ض. ع" لصحيفة "فلسطين": إنّ عائلة الشهيد صوف تعرضت منذ أن نفّذ محمد العملية الفدائية، الثلاثاء 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، لاعتداءات وحشية من قوات الاحتلال.
وأضاف: إنّ العدوان على عائلة الشهيد شمل حصار البيت، وتفتيشه والعبث بمحتوياته، والاعتداء على جميع الموجودين فيه بعد ساعات قليلة من مقتل المستوطنين الثلاثة.
وأشار إلى أنّ ضباط مخابرات وجيش الاحتلال، لجؤوا إلى التحقيق ميدانيًّا مع الموجودين في منزل الشهيد، والاعتداء عليهم بالضرب خلال التحقيق.
وللشهيد محمد صوف، 3 أشقاء، أكبرهم سامي وهو طالب جامعي، ويعرف عن الشهيد التزامه التربوي والديني والأخلاقي، وهو يعمل في مصنع أدوات تنظيف، وتفرغ للعمل منذ سنوات لتلبية احتياجات أسرته بعد وفاة والده بمرض عضال قبل 5 سنوات، بحسب "ض. ع".
وبيَّن أنه خلال عملية التحقيق داخل منزل الشهيد، كان عدد من سكانه خاصة الشباب غير موجودين، وعندها اتصلت بهم مخابرات الاحتلال وأجبرتهم تحت التهديد بأهلهم، وملاحقتهم واستهدافهم، على العودة إلى البيت للتحقيق معهم.
لم ينتهِ الأمر عند ذلك، بل إنّ قوات الاحتلال صادرت بعض الممتلكات الخاصة بالشهيد وعائلته، وأجبرتهم على عدم الحديث مع أحد وخاصة وسائل الإعلام، وفرضت عليهم الإقامة الجبرية، واعتقلت عددًا منهم.
العقاب الجماعي
وعدَّ المواطن "المقرب من عائلة الشهيد، والشاهد على عدوان الاحتلال عليها، ما تعرضت له العائلة بـ"العقاب الجماعي"، وانتهاك جسيم بحقها.
وبحسب حقوقيين، فإنّ سياسة العقاب الجماعي محظورة حسب المادة (33) من اتفاقيات "جنيف" الرابعة، وحسب قانون كيان الاحتلال أيضًا، لكنّ (إسرائيل) تتجاوز كل هذه المحظورات وتمارس انتهاكاتها وجرائمها باستمرار.
ويرمز مصطلح العقاب الجماعي، بحسب الحقوقيين، إلى انتهاكات الاحتلال بحقّ عائلات أو مجتمعات محلية أو أحياء أو قرى أو مدن فلسطينية بأكملها، بسبب فعل قام به فرد أو عدة أفراد.
وتشمل أشكال العقاب الجماعي، محاصرة البيوت وتدميرها، ومنع التجول، وإقامة حواجز على الطرق، ومصادرة الممتلكات، واقتلاع الأشجار وتدمير الأراضي الزراعية والبُنى التحتية خاصة، ما يتعلق بمصادر وأنظمة المياه والكهرباء، وتدمير المصانع والمواقع التجارية والتعليمية والثقافية.
وقال رئيس وحدة التوثيق في مؤسسة "الحق" لحقوق الإنسان تحسين عليان: إنّ أشكال العقاب الجماعي مرفوضة بموجب القانون الدولي الإنساني، والقوانين المحلية الخاصة بحقوق الإنسان.
وأكد عليان لصحيفة "فلسطين"، أنّ الاحتلال ينطلق في فرض العقوبات الجماعية، من أساس تمييزي عنصري ضد الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية المحتلتيْن، ويمتد لأراضي الداخل المحتل منذ نكبة 1948، مشيرًا إلى التمييز يطال أيضًا اللاجئين في الشتات ويَحول الاحتلال دون عودتهم إلى ديارهم التي هُجّروا منها قسرًا.
واستدرك: إنّ الاحتلال منذ وجود كيانه على أرض فلسطين، وضع لنفسه هدفًا يقضي بتأسيس دولة لليهود على أرض فلسطين، ولذلك يفعل ما بوسعه لتحقيق هذا الهدف، من خلال القتل والهدم والتهويد وفرض العقوبات الجماعية، وغيرها من الانتهاكات التي تخلق بيئة طاردة تدفع المواطن الفلسطيني للخروج من أرضه لاستبداله بمستوطنين يهود على هذه الأرض.