سال الحبر كثيراً على آلية سفر وفد فلسطين من المتطوعين والصحفيين إلى قطر لحضور كأس العالم، وتباينت وجهات النظر فيما يتعلق بكيفية اختيار المشاركين، وهنا أضع بين أيديكم التحليل المنطقي والمهني لهذا الأمر، لا سيما وأن المشاركون سجلوا في الروابط الخاصة، وهو ما يجعل من إمكانية التشكيك في حصول المشاركين على فرصة الوصول إلى قطر، مُجر حسد لا أكثر.
الدفاع عن الفكرة هو أسمى ما يقوم به الإنسان، فالفكرة تبقى ويرحل صاحبها، وهنا نطرح الأفكار والقضايا ونناقشها وندعم الإيجابي منها ونحاصر السلبيات، وندافع عن الحق والحقيقة بغض النظر عن اسم الشخص المعني بالموضوع.
إيماني بالله أولاً وثقتي بنفسي وبمنطق بحثي في القضايا يجعلني لا أكترث بمن يتهمني بما لا يُناسبني، ولقد اعتدنا في صحيفة فلسطين أن نقول كلمة الحق بعيداً عن الانتماء السياسي أو الحزبي، وهذا فخر لنا ويُحسب لنا لا علينا.
إن أسهل طريقة للعمل الإعلامي أن تكتب فريق كذا فاز على فريق كذا، وهذا لا يضعك موضع إحراج، ومن اختار السهل فلن يتقدم خطوة واحدة ولن يخدم وطنه، كما أنه من الرجولة والشجاعة الدفاع عن الحق بغض النظر عن صاحبه، فهذه هي الأمانة والرسالة والحق الأخوي بين الأخ وأخيه.
كما أن أصعب شيء في العمل الإعلامي محاولة إقناع مجموعة من الأشخاص بينهم أصحاب فكر وثقافة الجدال فقط وهمهم الأول هو إحراجي، ولو كنت أخاف من الإحراج لما دافعت عن الفكرة، ولكن هناك مجموعة محسوبة على جهة تعمل تحت بند (الذباب الإلكتروني) مدفوعة من جهات.
إن تناول بعض القضايا قد يضع الإعلامي في مواقف لا يُحسد عليها، ولكن الإمساك بالعصا من المنتصف لا يصلح في الرياضة، فإما أن تقول الحقيقة ومن ثم تكون قد أرضيت الله، وإما أن تسكت وتكون كالشيطان الذي سكت عن الحق، أو الإعلامي الضعيف الذي يخاف على نفسه من الانتقادات.
لدي من الجرأة والشجاعة والأمانة الصحفية ما يجعلني أتناول أي موضوع جدلي في الوقت الذي أتحمل فيه كل ما يُقال عني وكل ما يتم اتهامي به لكوني تناولت هذه القضية.
فبدلاً من أن نفتخر بوجود عدد من المتطوعين الفلسطينيين في كأس العالم بقطر، أشهر البعض سيفه لمحاربة الفكرة والمجتهدين للحصول على فرصة لم يسبق وأن تحققت من قبل، وهو ما يندرج تحت بند حسد وغيرة، فالحسد السلبي شيء والحسد الإيجابي شيء آخر، فالأول هو محاربة من نجح، أما الثانية فهي الحزن على عدم الحصول على الفرصة، ورد فعل الحالتين مختلف تماماً.
إن للإعلام الرياضي مهمة سامية وهي الدفاع عن الحق والكشف عن الفساد مهما كان، وتعزيز الإيجابيات ومحاصرة السلبيات، وشهادتي في هذه القضية مرتبطة بمعلومات ووثائق وليست عبثاً أو تعاملًا عاطفياً.
لقد اعتقد البعض أني سأهاجم المشاركين في التطوع أو التغطية لكوني لم أغادر معهم، فأنا لم أسجل للسفر لأسبابي الخاصة.
إن التطوع لم يكن قراراً فلسطينياً، فقد كان استثمارًا لفكرة طرحها الاتحاد الدولي لكرة القدم والتي نال شرفها 20 ألف متطوع من جميع دول العالم، كما أن التطوع لم يكن عشوائياً أو رغبة شخصية، بقدر ما كان إعلانًا من الفيفا عن قبول المتطوعين الذين تنطبق عليهم الشروط ممن سجلوا في الرابط الخاص واجتازوا الاختبارات.
إن المتابع الحقيقي والمهتم بالرياضة عامة وكأس العالم على وجه الخصوص، كان عليه المتابعة وبذل الجهد والعطاء من أجل تحقيق الحلم، وليس لمن جلس في بيته ينتظر أحداً لتعريفه بالرابط الخاص بالتسجيل.
وعلى الرغم من القناعة بأن التسجيل الإلكتروني لا يعرف الواسطة ولا يعرف التدخل الخاص، إلا أن البعض شكك في نوايا البعض بأنهم يتحكمون بذلك.
وإن كان ذلك صحيحاً وهو غير صحيح، فإن مجرد افتراض قدرة أي فلسطيني على التأثير في الاتحاد الدولي لكرة القدم، فهذا يُحسب له وليس عليه.
إن من ساعد وساهم بشكل رئيس في وصول المسجلين في الروابط والذين اجتازوا الاختبار من خلال توفير تذاكر السفر والإقامة والإعاشة، يجب على الأقل أن نقول له شكراً لا أن ننتقد قيامه بخدمة وطنه ومواطنيه.
الطامة الكُبرى أن 95% من أفراد الوفد الفلسطيني الذين لولا قيام الأخ عبد السلام هنية بتوفير تذاكر السفر ومكان الإقامة لهم لم يقوموا بتوضيح الحقيقة، وأعذر بعضهم لأنهم شباب وليس لديهم خبرة محاورة الدخلاء، ولكن البعض منهم يعتبر نفسه كبيرًا، ولكن أمام مصالحه صغير وصغير جداً.