الكارثة والمأساة التي حدثت الليلة قبل الماضية شمال قطاع غزة وراح ضحيتها 21 مواطنًا غالبيتهم من النساء والأطفال من عائلة أبو ريا وجاد الله، بعد اشتعال النار في منزلهم، كشفت وفضحت من جديد أثر الحصار الممتد لما يزيد على 15 عامًا وطال مناحي الحياة.
ترك الحصار جروحه في كل مناحي الحياة على مدار سنوات، وتسبب في القتل المباشر وغير المباشر، جراء منع الكثير من الموارد الحياتية وكذلك انقطاع الكهرباء ومنع الأفراد من التنقل والسفر.
ودمر البنية التحتية وفق المؤسسات الأممية التي نشرت تقاريرها باستمرار عن صعوبة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية جراء الحصار.
ما زلنا ننتظر نتائج التحقيق في مسببات الحريق الذي تسبب بهذه الفاجعة، لكن وفق التحقيق الأولي فإن ارتباطه بوجود مواد قابلة للاشتعال، لكن في كل الأحوال وفي مثل هذه الحالات يجب التريث وانتظار نتائج التحقيق.
لكن ما يهمنا هو الظروف الصعبة التي تعاني منها قطاعات الإسعاف والطوارئ وفي مقدمتها الدفاع المدني، وانعدام الأدوات للعمل وخاصة الحديثة، للقدرة على الوصول إلى مكان الحدث والتدخل المباشر لإطفاء الحرائق.
الدفاع المدني يعاني من صعوبات كبيرة تصل إلى مرحلة انعدام الأدوات عوضًا من قلة الطاقم البشري، ورغم ذلك شهدنا لهم تدخلا بطوليا في الحوادث السابقة، وسرعة استجابة في حريق جباليا، لكن لا قيمة للتدخل في ظل حوادث كبيرة مثل الحرائق، دون أدوات، خاصة أننا نشاهد طفرة في تطورها في العالم.
هناك حاجة ملحة لإعادة تشكيل الدفاع المدني وتعزيز طواقمه البشرية، وتوفير أقصى الإمكانات له لمنع وقوع كوارث مشابهة.
الحصار قتل كل شيء جميل في غزة، وراكم الألم والمآسي، ومن غير المنطقي تجاهل تأثيره في تطور الكوادر البشرية وحق الطلاب والأطباء والمهندسين والخبراء والمختصين من السفر والاطلاع على ما وصلت إليه البشرية من تطور.
حصار غزة يجب أن ينتهي بأي ثمن، وما ندفعه من ضحايا وشهداء بأشكال مختلفة يتحمله الاحتلال، وعلى المؤسسات الدولية الضغط على الاحتلال لإنهاء أطول حصار إجرامي وقاتل في تاريخ البشرية.
لن يؤدي الحصار إلى تحقيق أهدافه، وأخفق الاحتلال في إخضاع غزة أو مقاومتها، وحان الوقت لإنهاء الحصار بأي شكل من الأشكال، ومن حق شعبنا أن يعيش حياة طبيعية كريمة ينال فيها كل حقوقه، بعيدًا عن الحصار ومآسيه.