فلسطين أون لاين

بعد اعتقال زوجها وابنيها

تقرير أم بلال ربعي.. "عمود البيت" وحامية الأرض من المستوطنين

...
صورة أرشيفية
الخليل-غزة/ مريم الشوبكي:

بين رعي "الحلال" والطواف بين المشاتل الزراعية، تتحمل أم بلال ربعي المسؤولية الكاملة لتأمين احتياجات الأسرة بسبب تغييب سلطات الاحتلال لزوجها وابنيها في السجن.

غير أنّ هذه الجسارة التي تتحلى بها السيدة الفلسطينية من قرية التوانة تتحول إلى حالة من الخوف والترقب في ساعات الليل.

يقع منزل ربعي على أطراف القرية إلى الجنوب من مدينة الخليل، ولا تسلم من الاعتداءات والمضايقات اليومية للمستوطنين، من تخريب وتجريف للأراضي الزراعية، وقطع الأشجار، والتهجم على البيت بالحجارة، والغاز، ومهاجمة الكلاب للأغنام.

ويمضي زوجها فضل (57 عامًا) حكمًا بالسجن 13 شهرًا بعد مدة مماثلة قضاها قبل أن يُعاد اعتقاله مجددًا، أما ابناها بلال (35 عامًا) ومحمد (28 عامًا) فأمضيا حكمًا بالسجن لمدة 20 شهرًا فضلًا عن غرامة مالية تكبّدتها العائلة قيمتها 10 آلاف شيقل.

وتقول ربعي لـ"فلسطين": "زوجي ورث هذه الأرض عن أجداده الذين عاشوا حياة هادئة في الزراعة ورعي الأغنام، ولكن ما لبثت أن تحولت الحياة إلى جحيم بعدما استولى الاحتلال على أراضٍ شرقي القرية وأقاموا مستوطنة ماعون في عام 1980، ثم البؤرة الاستيطانية حفات ماعون عام 1997".

وتضيف: "منذ ذلك الحين ونحن نعاني هجمات المستوطنين التي لا تتوقف، وضرب واعتقال من قِبل قوات الاحتلال التي دائمًا تقف بجانبهم، وتُعاقبنا رغم أنهم هم المعتدون".

وعن سبب اعتقال زوجها وابنيها، تعود ربعي بالأحداث إلى ما قبل عامين: "خرج زوجي برفقة أبنائي لزيارة بناته وأقاربه لتهنئتهم بعيد الفطر، وفي أثناء وصولهم لمدخل القرية تفاجأ بإغلاق المستوطنين الطريق، وحينما همَّ بالخروج من السيارة هاجمهم المستوطنون واعتدوا عليهم بالضرب وإلقاء قنابل الغاز". 

وتتابع: "نقل أبنائي أباهم إلى المستشفى، وبعد انتهاء العيد هاجم جنود الاحتلال المنزل، واعتقلوا زوجي وضربوا أبنائي. وفي أثناء دفاعي عن زوجي ومحاولة منع اعتقاله ضربوني ببساطيرهم على قدمي، أحدهم قال لي اخرسي لا تتكلمي، واعتقلوا محمدًا، وبعد أسبوع لحق به بلال ومحمد".

والاعتقال ليست المرارة الوحيدة في حياة ربعي، إذ هدم الاحتلال بيتها مرتين، وبيت ابنها أيضًا، وفي كل مرة تعيد بناءه. واليوم تترقب السيدة مع زوجتي ابنيها تنفيذ إخطار الهدم ومداهمة جرافات الاحتلال البيت وهدمه في أيّ وقت، كما حدث في المرتين السابقتين.

وتحت خطر إطلاق المستوطنين لقنابل الغاز والكلاب، تحاول ربعي الوصول إلى أرضها القريبة من المنزل، للاعتناء بالشعير وأشجار الزيتون بعدما اقتلع المستوطنون العديد من أشجار العنب المثمرة هذا الموسم.

وقبل 20 عامًا كانت ربعي وزوجها يدخلان الأرض بعد ضمان قوات جيش الاحتلال الموجودة في المكان تأمين عدم انفلات المستوطنين ومهاجمتهم. أما في هذه الأيام فتُمنع الأسرة من الوصول إلى الأرض بعد تحويلها إلى منطقة عسكرية مغلقة.

وتشير ربعي إلى أنّ المستوطنين يسعون بحماية جنود الاحتلال إلى ترحليهم عن أرضهم، لكي يستولوا عليها ويُنفّذوا مخططهم بوصل مستوطنة "ماعون" بمستوطنة "أفيجايل" على أنقاض منزلها وأرضها.

ومنزل ربعي بسيط يتكون من عديد الغرف الإسمنتية المسقوفة بألواح الصفيح، ولخشيتها على زوجتَي ابنَيها وأطفالهما طلبت منهما المجيء للسكن عندها خشية أن يعتدي عليهم المستوطنون ليلًا.

وتطرَّق مكتب منسق الشؤون الإنسانية في أكثر من تقرير لاعتداءات المستوطنين على سكان قرية التوانة.

ففي يونيو/حزيران، تناول المكتب بالتفصيل معاناة الفلسطينيين في التوانة، وقال: إنّ القرية تضمُّ نحو 200 نسمة، وبها ما لا يقل عن 40 أمرًا بهدم ومصادرة نحو 48 مبنًى من قِبل الإدارة المدنية الإسرائيلية.

ويضيف أنّ مباني القرية تحت طائلة التهديد بهدمها، وليس ثَم سبيل قانوني يتيح تحويل القرية إلى موئل يمكن العيش فيه ويحظى بالخدمات الأساسية.

ويوضح التقرير أنّ نظام التخطيط التقييدي والتمييزي الإسرائيلي في المنطقة (ج) يجعل حصول الفلسطينيين على رخص البناء التي تشترطها (إسرائيل) أمرًا من ضرب المستحيل.

ويُبيّن أنّ الأراضي العامة والمُصادَرة في هذه المناطق تُخصَّص بصورة حصرية تقريبًا لصالح المستوطنات أو جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وحتى 2016 سُجّلت إقامة 539 مستوطنًا في مستوطنة ماعون، وِفق المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية في الضفة الغربية "لويسا إلمي"، التي أكدت أنه "مع مرور السنوات، شكّلت مستوطنة ماعون والبؤر الاستيطانية القريبة منها مصدرًا للعنف والاحتكاك مع التجمعات السكانية الفلسطينية المحلية، ما أدى إلى وقوع إصابات وإلحاق أضرار بالممتلكات".