فلسطين أون لاين

تقرير طائرات الاستطلاع في جنين.. مراقبةً للمقاومين وقلقًا للأهالي

...
طائرة استطلاع إسرائيلية
جنين-غزة/ نور الدين صالح:

عندما يسدل الليل ستاره، يذهب المواطن محمد زغل الذي يقطن في قرية زبوبا شمال غرب مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، برفقة عائلته وأطفاله الصغار إلى نومه، لكنه لا يستطيع أن يغفو بسبب أصوات طائرات الاستطلاع الإسرائيلية أو ما تُعرف بـ"الزنانة".

حالة من الأرق والغضب تُسيطر على عائلة "زغل" التي باتت بالكاد تستطيع النوم ليلًا بسبب الإزعاج الذي تُسبّبه "الزنانة" بفعل صوتها المرتفع، ما يُثير حالة الخوف والذرع بين أفراد عائلته، حسبما يقول "محمد" لصحيفة "فلسطين".

ويوضح أنّ أكثر ما يؤرّقه أنّ طائرات الاستطلاع تكون على ارتفاعات منخفضة، وأصواتها عالية جدًّا ومزعجة، إضافة إلى أنها تحمل معها كاميرات صغيرة للمراقبة، مضيفًا أنّ عائلته باتت لا تستطيع فتح نوافذ المنزل خشية التقاط هذه الطائرات صورًا لمنزله من الداخل.

وأشار إلى أنّ استمرار التحليق المُكثّف لها يثير القلق والرعب في قلوب الأهالي، كونه يشي بوجود نوايا خبيثة لدى الاحتلال، إما باقتحام المخيم أو اعتقال أو اغتيال مقاومين ومراقبتهم.

ويكثّف الاحتلال تسيير طائراته بدون طيار في سماء جنين ومخيمها منذ مارس/ آذار الماضي بالتزامن مع اقتحام مدينة جنين وقراها لملاحقة المقاومين ومراقبة تحركاتهم.

اقرأ أيضًا: سقوط مُسيّرة إسرائيلية في البلدة القديمة بنابلس

وقبل أسابيع، صرّح متحدث عسكري إسرائيلي أنّ استخدام الطائرات في جنين يهدف إلى توفير غطاء جوي لقوات الجيش في الميدان ولأغراض الردع لو حدث أيّ تطور خلال الاقتحامات العسكرية.

لم يختلف الحال كثيرًا لدى الشاب علاء عطا القاطن في مخيم جنين، الذي يؤكد أنّ استمرار تحليق طائرات الاستطلاع في سماء المخيم له انعكاسات سلبية على عائلته وكل المواطنين، موضحًا أنّ حالة من القلق تُسيطر على كل أرجاء المخيم خاصة النساء والأطفال، بفعل تحليق "الزنانة" بشكل يومي في سماء جنين، ما يخلق حالة من الخوف والذعر.

وبيّن عطا لـ"فلسطين" أنّ "الزنانة" تريد مراقبة تحركات السكان في المخيم وخاصة المقاومين ومعرفة أماكن تواجدهم، كي يسهل عليها استهدافهم، لافتًا إلى أنّ الاحتلال يحاول إرهاق المواطنين "لكن خسأ أن يحدث ذلك، فنحن لن نرحل عن أرضنا"، حسب تعبيره. 

إرهاق ومراقبة

يقول المفكر والمحلل السياسي من جنين عدنان الصباح إنّ الاحتلال يسعى من خلال تكثيف وجود طائرات الاستطلاع إيصال رسالة للمواطنين أنهم تحت مراقبته على مدار الساعة، لافتًا إلى أنّ سكان المخيم يخشون تنفيذ أيّ عدوان عسكري عند تكثيف الطائرات وزيادة أعدادها في سماء جنين.

ويرى الصباح في حديث لـ"فلسطين" أنّ هذه السياسة تندرج ضمن محاولات الاحتلال إبقاء المواطنين في حالة إرهاق دائمة، ما يدفعهم إلى الانقلاب ضد المقاومة، وهذا لن يحدث، منبّهًا إلى أنّ حالة الالتفاف الشعبي حول المقاومة خلال الأشهر الأخيرة "زادت وتيرة القلق لدى الاحتلال".

وبيّن أنّ الحاضنة الشعبية وتزايدها حول المقاومة تجعل مهمة الاحتلال أصعب في الانقضاض على المقاومين والتقليل من قدراتهم، داعيًا المواطنين لاتخاذ كل وسائل الحذر، وأبرزها التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية.

وأكد الصباح أهمية دور القوى والفصائل الفلسطينية والأذرع الشعبية في حماية المقاومين والحفاظ على سلامتهم، محذرًا من محاولات الاحتلال التضييق على الحاضنة الشعبية للمقاومة.

ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي محمد أبو علام أنّ تكثيف الاحتلال لنشر طائرات الاستطلاع في جنين جاء نتيجة اشتداد المقاومة وزيادة المواجهات في كل عملية اقتحام للمخيم.

وقال أبو علام لـ"فلسطين" إنّ استخدام طائرات الاستطلاع جاء بعد شعور الاحتلال بالخطر على جنوده ووحداته الخاصة خلال اقتحام المخيم، مردفًا أنّ المواطنين "صامدون" ولم يستسلموا مهما استخدم الاحتلال من وسائل، وأنّ الحاضنة الشعبية حول المقاومة آخذة بالتصاعد.

ولفت إلى أنّ المواطنين اتخذوا طرقًا جديدة لتحدي الاحتلال، وهي استخدام صفارات الإنذار عند كل عملية اقتحام، كـ"إجراء تنبيه" للمقاومين والسكان الآخرين أيضًا.

وشدَّد على ضرورة اتخاذ المقاومين كل وسائل الحذر في ظلّ استمرار التحليق المكثف لطائرات الاستطلاع، مشيرًا إلى أنّ هذه الطائرات تُشكّل منظومة عسكرية متكاملة، حيث ترصد الأهداف وتتعقّب مسارها ثم تطلق النار صوب الهدف.