فلسطين أون لاين

نضال ورقي بدون واقع عملي

(إسرائيل) تحتل الأراضي الفلسطينية، الحديث هنا عن أراضي القدس والضفة وغزة. هل تحتلها بشكل مؤقت، كما ينص قرار ٢٤٢، أم تحتلها بشكل دائم: ضم بحكم الأمر الواقع، كما تسعى السلطة الفلسطينية لإثباته من خلال طلب تقرير محكمة لاهاي عن ماهية الاحتلال الإسرائيلي قانونيًّا؟

الطلب الفلسطيني أيّدته (٩٨) دولة، وعارضته (١٧) دولة. السلطة الفلسطينية عدّت ذلك انتصارًا جيدًا للدبلوماسية الفلسطينية، ولكن الشعب الفلسطيني لم يشعر بالانتصار ولم يحتفل به؟ الأمر غريب: السلطة تضخم الاحتفال، وأصحاب الاحتفال لا يحضرون الحفل، لماذا؟! الجواب على الأمر الغريب جاء من (أردان) مندوب دولة الاحتلال في الأمم المتحدة حيث قال: إن قرار المحكمة العليا لن يكون ملزمًا (لإسرائيل)، وقال : لن تقرر أي جهة أن الشعب اليهودي محتل في وطن أجدادنا، وقال (لبيد) إن هذه الخطوة لن تغير الواقع على الأرض، ولن تسهم بشيء للشعب الفلسطيني.

الشعب الفلسطيني لم يشعر بالقرار الأممي، لأن القرار نفسه ليس عظيمًا، ولأن الفلسطيني يعيش المتناقضات معًا، (إسرائيل) تقول القرار لن يغير الواقع، والسلطة تريد منه تغيير الواقع، والواقع بيد من يتحكم فيه ويملكه، وقرار لاهاي المتوقع هو كعشرات القرارات المؤيدة الحقوق الفلسطينية التي لم تغيّر شيئًا من واقع الاحتلال.

إذا كانت السلطة الفلسطينية تريد أن يكون للقرار ما صدق في الواقع، وأن تبدأ عملية تغيير الواقع مستندة لقرار دولي قانوني جديد فعليها أن تعطي الشعب وقواه الحية فرصة العمل المقاوم بحسب مقتضيات القرار القانوني للمحكمة العليا الدولية.

السلطة -إن أحسنَّا الظن في أدائها- تراكم نضالات ورقية على مستوى المنظمات الدولية، وتمنع الشعب من النضال الواقعي بمقتضى هذه الأوراق، لذا لا يحتفل الشعب بالقرار الأخير ولا يكاد يلتفت إليه، بينما تعاظم (إسرائيل) من أعمال الواقع كالاستيطان والتهويد، ولا تبالي كثيرا بخسارتها لمعركة ورقية في الأمم المتحدة، ومحكمة لاهاي. وهذا هو معنى قول لبيد: هذه الخطوة لن تغير الواقع على الأرض.

من لا يجعل النضال الورقي واقعًا على الأرض، يخسر الأرض، ولا ينفعه الورق ولو كان بإمضاء محكمة لاهاي. قضيتنا قضية أرض تقضم وتهوّد يوميًّا، وليست قضية ماهية الاحتلال، الماهية نحن نعلمها، ونعيشها، ونشربها يوميًّا حسرة وذلة، فلسنا في حاجة إلى غيرنا ليقرر الماهية؟! الضعيف يستغيث بالغير ليقرر عنه بعض ما يريده، لذا يجدر بكم ترك الضعف جانبًا، والاستناد إلى قوة الشعب وقوة الحق الذي يملكه.