فلسطين أون لاين

سدَّت كل الطرق أمام احتفاظه بمنزله

تقرير المقدسي حامد يدفع ضريبة الإطلالة على الأقصى بمعول الهدم القسري

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

أيامٌ ثقال مرت على المقدسي مروان حامد منذ هدم بيده شقته السكنية قسرًا، فلم يجعل الاحتلال الإسرائيلي أمامه من مفر سوى الهدم بعدما استنزفت "المحاكم العنصرية" صحته النفسية وجيبه، والتي حاول بها تجاوز النتيجة الحتمية لملفات التقاضي في البناء الموسوم إسرائيليًّا بغير المرخص.

في عام 2017م عندما نوى مروان الزواج شيَّد شقة سكنية بمساحة 170 مترًا مربعًا في البيت نفسه الذي يسكنه أهله، عاش فيها أيامًا جميلة مع زوجته، لكنّ الهناء لم يدم طويلًا، فقد باغتته بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة بإخطار هدم في عام 2019م.

تعلّق بقشة الأمل

ورغم يقينه أنها لن تمنحه ترخيصًا، والتكلفة الباهظة للحصول على رخصة بناء في شرقي القدس المحتلة (مليونيْ شيقل)، لم يترك المحاولات القانونية.

صال وجال بين أروقة محاكم الاحتلال ولم يتحصّل سوى على المخالفات التي بلغت قيمتها نحو 400 ألف شيقل والتعب النفسي الكبير.

لم يستسلم حامد لكلام أحد موظفي بلدية القدس الاحتلالية الذي كان يؤكد له بأنه سيدفع مبالغ طائلة بلا فائدة لأنهم لن يمنحوه ترخيصًا للشقة السكنية مهما فعل.

يقول: "كان يقول لي لن تجني سوى التعب في المحاكم وتدفع مبالغ هائلة وفي النهاية سيحكمون عليك بهدم منزلك".

يستدرك معلقًا على تلك المساعي وتعلُّقه بحبال الأمل: "لم أرد أن أستسلم لحقيقة أنّ الاحتلال هو مَنْ يتحكم في مصيرنا في القدس التي لا أريد الخروج منها بتاتًا".

لم يكن باليد حيلة فقد أوصلته محاكم الاحتلال بالفعل إلى طريقٍ مسدود وأخبرته المحامية بأنه لو أصرّ على عقد جلسة محكمة أخرى بخصوص الشقة السكنية فستوقع المحكمة بحقّه مخالفة باهظة تفوق قدراته المادية وأنه ليس هناك من حلٍّ أمامه سوى أن يهدم بيته بيده!".

ولا يكتفي الاحتلال بدفع المقدسي لهدم بيته قسرًا بيده بل يوجب عليه أن يرسل صور الركام للمحكمة تصديقًا لقيامه بأمر الهدم، ليرسلوا بدورهم فرق تفتيش للمكان لمزيدٍ من التأكيد.

شقاء وتعب

هدم حامد مسكنه وقلبه يذرف ألمًا في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في تجربة هي أصعب ما مرّ به في حياته، فقد جمع أشقاءه وأبناء عمومته وجيرانه ليساعدوه في هدم الشقة السكنية.

يقول: "أراد أقاربي وجيراني أن يُوفّروا عليّ جزءًا كبيرًا من التكاليف الباهظة للهدم بدلًا من استئجار الآليات، محاولين بمعاونة بعضهم بعضًا انتشال ما يمكن انتشاله".

أما زوجة مروان نفين بركات فلم تحتمل أبدًا فكرة هدم بيتها بيدها فطلبت منه الذهاب إلى بيت أهلها كي لا ترى بأمِّ عينيها ذكرياتها وأيامها الجميلة مع زوجها وابنتها تصبح رأسًا على عقب.

وتشير إلى أنها دخلت في حالة نفسية صعبة منذ مطلع شهر أكتوبر حينما وصل مروان لطريق اللا عودة ولم يعد أمامه من خيار سوى هدم المنزل، "كنتُ أخلي ما أستطيع من متاعٍ وأثاثٍ وقلبي ينخلع من مكانه وأنا أرفع كل قطعة منها".

وتضيف: "لم أستطِع احتمال البقاء في المكان لحظة بدء الهدم وذهبتُ إلى بيت أهلي، على حين ظلّ مروان في منزل أهله يتابع عملية الهدم، حتى اللحظة لم أمتلك قوة قلبٍ تُمكنني من رؤية المنزل مهدومًا".

ضريبة القدس

وبالعودة إلى "مروان" فإنه يرى أنه يدفع ثمن ضريبة التمسُّك بالقدس وتحديدًا في صور باهر جنوب شرق المدينة المحتلة، في منزل عائلته الذي تشرف إطلالته على المسجد الأقصى ولا يتطلب الوصول إليه سوى بضع دقائق، معبرًا عن يقينه بأنّ الاحتلال يهدف من إجراءاته لتفريغ القدس من أهلها.

ويستقر حامد اليوم في شقة سكنية مستأجرة مُكوَّنة من غرفة وصالون لقاء ثلاثة آلاف شيقل شهريًّا، وهو مبلغ كبير لقاء إيجار سكني صغير، "لكنني أريد البقاء في القدس مهما كلفني ذلك من ثمن".

ويشير حامد إلى أنّ والديه عاشا أسوأ أيام حياتهما وهما يرَيان اضطرار ابنهما لهدم مسكنه بيده، مشيرًا إلى أنّ والده لا يزال يردد الدعاء ذاته "الله يعينك، ويحاول يخفي عينيه الحزينتين عني كي أظلَّ متماسكًا".