فلسطين أون لاين

دروس وعبر في الذكرى الرابعة لحد السيف

نعيش اليوم في ظلال الذكرى السنوية الرابعة لعملية "حد السيف" التي نجحت بها كتائب القسام في إفشال أخطر وأهم العمليات لوحدة (سيرت متكال) الصهيونية، التي تسللت إلى مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة؛ لتنفيذ عملية نوعية تستهدف "شبكة اتصالات المقاومة"، إلا أن يقظة واستعداد المقاومة أدت لكشف هذه القوة، ومن ثم الاشتباك معها وقتل قائدها وإصابة آخرين من أفرادها، إذ لم تقف الكتائب عند هذا الحد بل استثمرت العملية لتحقيق أكبر إنجاز أمني واستخباري للمقاومة، الأمر الذي خلق تحديات كبيرة أمام استمرار عملها مستقبلًا وأضر بعناصرها، وألحق العار بالقيادة الصهيونية، وخلف آثارًا عميقة على كل المستويات داخل كيان الاحتلال، الذي تلقى أكبر وأقوى صفعة أمنية في تاريخه خلال العملية ولم يستطِع إخفاء معالم "الإخفاق والفشل" الذريع أمام براعة وتفوق الكتائب، التي خرجت بكنز معلوماتي واستخباراتي وفير، وأعادت توجيه سهام العملية إلى الخاصرة الأمنية الصهيونية.

وهذا ما يدفعنا ليس فقط لاستحضار الذكرى فحسب بل الوقوف على مجموعة مهمة من (الدروس والعبر) التي كانت من أبرز مكتسبات هذه العملية وأفادت قيادة المقاومة بشكل خاص، وجماهير شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية بصورة عامة، لكون هذه الوحدة الإجرامية كانت تعمل في ساحات عدة ونجحت مرارًا في تنفيذ العديد من العمليات، إلا أنها تعرضت لضربة قوية ومزلزلة لم تكن في حسبان قيادتها الأمنية والعسكرية، أو في تقديرات المستوى السياسي الذي أعطى الضوء الأخضر وسمح لها بالتسلل لقطاع غزة، الذي أصيب بالصدمة بعد تلقي الأنباء حول فشل العملية وإصابة عناصرها بين قتيل وجريح.

ومن هذه الدروس التي يمكن استخلاصها اليوم، والتي تمثل كنزًا حقيقيًّا لا يمكن تجاوزه في غمرة الحديث عن عملية حد السيف البطولية التي نفذت بقيادة الشهيد القائد نور بركة ما يأتي:

أولًا: أن المقاومة وفي مقدمتها كتائب القسام في حالة يقظة واستعداد دائم وعينها على العدو ولا يمكنها أن تسمح للعدو بالعبث في قطاع غزة وهي بالمرصاد له، ويمكنها تلقينه خسائر محققة في أي مواجهة.

ثانيًا: أن النجاحات التي حققتها الوحدات النخبوية الصهيونية الخاصة في الساحات العربية والإسلامية في مهامها المختلفة لا يعني ذلك أنها يمكن أن تنجح في غزة، وأن كلفة الدخول للقطاع باهظة، ونتائج أي قرار مشابه ستكون كارثية على جنود العدو.

ثالثًا: أن المقاومة وضعت حدًّا لنشاط هذه الوحدة بعد حرق صورها، وكشف كل التفاصيل والبيانات الخاصة بها، وعرض المعدات والأجهزة التي تستخدمها في عملياتها، وجعلها أمام مخاطر متعددة، إذ إنه لا يمكن لها أن تتحرك الآن في عدد من الساحات.

رابعًا: أن المعدات والأجهزة التي أُعِدت لتنفيذ العملية تحولت إلى كنز ثمين بيد المقاومة وأصبحت فاعلة في الحرب الاستخباراتية الموجهة للعدو، وأن محاولات العدو التعتيم على هذه العملية وقيامه بقصف جزء من الأجهزة والمعدات لم تفلح أمام خبرة وكفاءة وقدرة استخبارات المقاومة.

خامسًا: أن المقاومة تحيط شبكة اتصالاتها بإجراءات أمنية مشددة ومعقدة لم يفلح العدو في الوصول إليها أو اختراقها بشتى الطرق الأمر، الذى دفعه للمخاطرة وإرسال هذه الوحدة الخاصة التي كانت تتوقع النجاح في هذه المهمة ولم تدرك حجم المخاطر حتى وجدت واقعًا مرعبًا ومخيفًا في قلب غزة.

سادسًا: أن قصف الاحتلال لمحيط العملية بشكل جنوني وقيامه باستهداف كل الأهداف المتحركة في المنطقة كان نتاج الإرباك والخوف والخشية من أن يؤسر أفراد الوحدة بعد أن نجحت المقاومة في قتل قائدها وإصابة أفرادها.

سابعًا: أن المقاومة وفي مقدمتها كتائب القسام تمتلك الشجاعة والمقدرة الكافية على مواجهة هذه القوات، وأن أي فرصة لمواجهة مباشرة فإن المقاومة قادرة على سحق العدو وكسر هيبته وتحطيم أسطورته، وهذا ما فعله الشهيد القائد نور بركة في هذه المعركة.

ثامنًا: أن العدو ما زال يعيش آثار فشل هذه العملية التي كانت لها ارتدادات كبيرة وعميقة لم تتوقف وطالت كل المستويات السياسية والأمنية وأنها دفعت بعضهم للاستقالة وآخرين لترك قيادة هذه الوحدة وجعلت عناصرها عرضة للمخاطر وأوقفت أي إمكانية لتكليفهم مهامَّ جديدة في أي ساحة.

تاسعًا: أن العدو بات يدرك أنه من الصعب الدخول لقطاع غزة بهذه الطريقة وأن أي محاولة ستكون عواقبها خطيرة للغاية، فلا أحد داخل الكيان يمكنه اتخاذ قرار بتنفيذ عملية مشابهة، لأن الخوف من تكرار الفشل والخشية من تعرض القوة لمخاطر متعددة ما زال حاضرًا في ذهن العدو وفي تقديراته لأي عملية.