توافق اليوم، الذكرى الرابعة لاستشهاد القائد الميداني في كتائب الشهيد عز الدين القسام نور الدين بركة، بعدما خاض اشتباكا مسلحا عنيفا في أثناء تصديه لقوة خاصة إسرائيلية حاولت التسلل إلى داخل قطاع غزة.
ففي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2018، استقلت القوة الإسرائيلية الخاصة مركبة مدنية، وحاولت التسلل إلى المناطق الشرقية من خان يونس، قبل أن تكشفها قوة أمنية تابعة للقسام بقيادة "بركة"، التي عملت على تثبيت المركبة، والتحقق من هويات ركابها.
بعدما كشف "بركة" أهداف القوة الخاصة، دار اشتباك بينها وبين عناصر القسام، وحاولت المركبة الفرار بعد فشل عمليتها، وتدخل الطيران الإسرائيلي بكثافة، في محاولة لتشكيل غطاءٍ ناريٍّ للقوة الهاربة، ما أدى إلى استشهاده برفقة 6 من القسام.
ولد الشهيد نور الدين بركة في مدينة خان يونس عام 1980، وهو متزوّج وأب لستة أطفال، وعاش كأنه كتابٌ مُغلق، لا أحد يعلم عن عمله شيئًا، ولا يفشي سرّه إلى أحد- وفق مقربين منه- لكن بعد استشهاده بدأ جزء من سيرته الحياتية والجهادية يتكشّف للنور.
التحق "بركة" في صفوف القسام مطلع 2003، بعدما خضع للعديد من الدورات العسكرية، وتدرج في رتبه العسكرية من جندي مقاتل، إلى قائد مجموعة قسامية، وبعدها قائد فصيل، ثم قائد سرية عام 2007م، إلى أن انتهى به الحال لتقلده منصب نائب قائد كتيبة حتى استشهاده.
خلال عمله معَ القسام تولى إمارة "وحدة الاستشهادين" في المنطقة الشرقية، فقد كان يُرابط برفقةِ عدد من القسَّاميين في الخطوط المتقدمة للتربص بالقوات الإسرائيلية الخاصة. تعرّض في عام 2008 لإصابةٍ بجراحٍ متوسطة خلال تصديه برفقة عددٍ من المقاومين للقوات الخاصة بمنطقة الزنة شرق خانيونس.
استقالات
في أعقاب الفشل الذريع الذي لحق بوحدة "سيرت متكال" التي نفذت عملية التسلل، أعلن وزير جيش الاحتلال في حينه أفيغدور ليبرمان استقالته بعد يومين فقط من العملية، كما أجبر قائد قسم العمليات الخاصة بشعبة الاستخبارات العسكرية بالجيش والقائد السابق لوحدة سيرت متكال على الاستقالة بعد أسابيع.
وعلى وقع الانتكاسة، اعترف رئيس أركان الاحتلال في حينه أفيف كوخافي بفشل العملية، وسيطرة حماس على وثائق عسكرية ومعدات وأجهزة مهمة، ما دفعه للطلب من قائد العمليات الخاصة في شعبة الاستخبارات العسكرية السابق بالعودة إلى الشعبة لـ"ترميم قدرات الجيش" بعد فشل العملية.
وكان محلل الشؤون العسكرية في القناة 14 العبرية، ألون بن ديفيد قد أقر في وقت سابق أن ما كشفته كتائب القسام سيدمر مشاريعَ للاحتلال في غزة ودول عربية، قضى الجيش سنين في بنائها عبر أفراد هذه الوحدة.
وأكد بن ديفيد أن ما نشرته كتائب القسام من صور لمنفذي عملية خانيونس السرية يُعد أعلى مستويات الضرر، وهو ضرر إستراتيجي لن تقتصر آثاره على حدود قطاع غزة، وإنما على منطقة الشرق الأوسط كلها.
وعلى الصعيد المعنوي فقد كسرت كتائب القسام الهيبة الأمنية للاحتلال التي طالما تباهى بقوتها أمام العرب والفلسطينيين، فقد ظلت شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" إلى عهد ليس بالبعيد محل مباهاة ومفاخرة إسرائيلية، وعلامة فارقة في تاريخ العمل الاستخباري.
نقطة تحول
وقال الناطق العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام "أبو عبيدة" في نوفمبر 2022م إن العملية التي أطلقت عليها "حد السيف" مثلت نقطة تحول في إدارة الصراع بين المقاومة والاحتلال.
وأضاف أبو عبيدة أن ما تحصلت عليه القسام من معلومات ومعطيات مختلفة في العملية يمثل كنزًا استخباريًا حقيقيًا، وضربة غير مسبوقة لاستخبارات العدو وقوات نخبته الخاصة والسرية.
وتابع "أنّ ما بحوزتنا لم يكن للاحتلال في أسوأ كوابيسه أن يتخيل وقوعه بين أيدينا، وأنّ المقاومة توظّف هذا الذخر الأمني والاستخباري لمصلحتها في معركة العقول وصراع الأدمغة بينها وبين الاحتلال".
وشدد على أن "المقاومة أوصلت رسالتها للعدو بأن اللعب في ساحة غزة مغامرة وحماقة، وأنها ستظل لعنة تطارده إلى أن يفنى".