شعار "الموت للعرب" كان الشعار الأكثر صخبًا على الإطلاق خلال الانتخابات الخامسة والعشرين للكنيست الإسرائيلي، التي جرت مطلع نوفمبر الحالي، وحصد خلالها معسكر اليمين بزعامة نتنياهو 64 من أصل 120 مقعدًا، في جولة انتخابات خامسة خلال أقل من أربع سنوات ليطوي معها حالة عدم الاستقرار الحكومي لصالح اليمين المتطرف مع تلاشي اليسار الإسرائيلي بشكل غير مسبوق في المجتمع الإسرائيلي.
تحالف الأحزاب اليهودية المتطرفة التي أعادت نتنياهو إلى الواجهة من جديد اعتادت رفع شعار "الموت للعرب" في رسالة استعداء وكراهية للعرب مسلمين ومسيحيين على حد سواء، ولطالما صدح ممثلها الأرعن "إيتمار بن غفير" بضرورة تعزيز سياسة القبضة الحديدية ضد الفلسطينيين، وتسهيل سياسة إطلاق النار بهدف قتل الفلسطيني، سواء في الداخل المحتل، أو في الضفة وغزة، وهو الذي تفاخر بسحب مسدسه لقتل أهالي حي الشيخ جراح في القدس أمام عدسات التلفاز قبل أيام قليلة من انتخابات الكنيست، في دعاية انتخابية رخيصة ودعوة مباشرة لاستباحة قتل المقدسيين وترحيلهم عن مدينة القدس، إضافة إلى تعمّده تدنيس المسجد الأقصى من خلال الحرص على المشاركة في الاقتحامات المتكررة لباحاته أمام وسائل الإعلام.
انزياح الجمهور الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف بات واضحًا للجميع، فعودة نتنياهو اليوم تعني تصاعد خطاب الكراهية اليهودي ضد فلسطينيي الداخل المحتل، وقد نشهد مع هذه الحكومة اليمنية مزيدًا من عنف شرطة الاحتلال ضد أهلنا في الداخل المحتل، خاصة مع مطالبة الأحزاب اليمينية المتطرفة التي اعتمد عليها نتنياهو في هذه الانتخابات بتسهيل إجراءات إطلاق الرصاص بهدف القتل على المواطنين الفلسطينيين في الداخل والقدس والضفة المحتلة.
وفي الضفة المحتلة ربما نشهد في عهد حكومة نتنياهو اليمينية المقبلة تصاعدًا التوسع الاستيطاني المخالف للقانون الدولي، ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، وهي شعارات راسخة ضمن الأجندة السياسية لليمين المتطرف الذي يمثله نتنياهو، الذي تعهد بدوره علنًا قبيل الانتخابات ببناء مستوطنة "أفيتار" التي أقامها المستوطنون المتطرفون فوق جبل صبيح في نابلس شمال الضفة المحتلة.
وعلى الصعيد السياسي بدا نتنياهو المنتشي غرورًا بعودته إلى الحُكم أكثر تطرفًا من حلفائه اليمينيين، وهو يرسل رسائله السياسية للسلطة الفلسطينية والإقليم، إذ أعلن الخطوط العريضة لحكومته المقبلة، بأن القدس ستبقى عاصمة موحدة تحت السيدة الإسرائيلية، وأن السيطرة الأمنية على كامل الأرض الفلسطينية غرب الأردن ستبقى بيد الاحتلال، وأن الفلسطيني –يقصد قادة السلطة الفلسطينية- سيعود إلى رشده بعد توسيع دائرة التطبيع العربي مع الاحتلال.
فلسطينيًّا بكوننا شعبًا يقاوم الاحتلال فإننا لا نفرق بين اليمين واليسار الإسرائيلي، ففي العام الأخير الذي حكم فيه اليسار ارتقى أكثر من 192 شهيدًا فلسطينيًّا، ثلاثون منهم فقط في شهر أكتوبر السابق، ما يشير إلى دموية اليسار قبل اليمين، لذلك فإننا نعد جميع الأحزاب الإسرائيلية شريكة في قتل الفلسطينيين، وهي تتنافس في تعزيز تهويد القدس، وتوسيع الاستيطان وقتل الفلسطينيين على مدار الساعة خارج إطار القانون.
أما نصيحتنا لقيادة السلطة الفلسطينية التي انحرفت بوصلتها الوطنية برفضها أي مصالحة داخلية، وإصرارها على رفض إجراء الانتخابات الفلسطينية، وتعزيزها التعاون الأمني مع جيش الاحتلال من خلال لقاءاتها العقيمة التي بان فشلها مع قادة جيش الاحتلال وأجهزته الاستخبارية على مدار العام الماضي، وملاحقتها لمجموعات المقاومة في نابلس وجنين والخليل، فإننا ندعوها إلى الاستيقاظ من سباتها العميق، فالقادم على سدة الحكم في كيان الاحتلال لا يفرق بين السلطة والمقاومة، فهو يستهدف الكل الفلسطيني، واستمرار قيادة السلطة اتباع ذات النهج السياسي العقيم لا يخدم سوى نتنياهو وتحالفه اليميني المتطرف الذي لا يؤمن بحق الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
ختامًا فإننا نؤمن بأن الانتفاضة الفلسطينية قادمة في الضفة المحتلة، وأن سياسة نتنياهو المتطرفة ضد الفلسطينيين لن تُجدي نفعًا، ولن تستطيع توفير الأمن للمستوطنين في الضفة والقدس، فإرهاصات الثورة الفلسطينية المسلحة نراها واضحة مع كل عملية فدائية، أو رصاصة تنطلق باتجاه مستوطنات الضفة، وحواجز الموت الإسرائيلية التي باتت هدفًا للمقاومين.