بينما يئن الأسير إياد حريبات وجعًا، لا يلقي سجانه الإسرائيلي لذلك بالًا، كعادته في الإهمال الطبي للأسرى الفلسطينيين، بل وإجراء تجارب طبية عليهم تسلب صحتهم وعافيتهم ثمّ تتركهم للمرض ينهش أجسادهم بلا دواء ولا فحوصات.
اقرأ أيضاً: نادي الأسير يؤكد استمرار تفاقم الوضع الصحي للأسير إياد حريبات
انتزع الاحتلال الأسير "حريبات" من بين أحضان عائلته في الحادي والعشرين من سبتمبر عام 2002م، وهدم مستقبله التعليمي، إذ كان طالبًا في كلية الهندسة بجامعة النجاح الوطنية ليحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة وعشرين عامًا.
عانى الأسير حريبات –وفق شقيقه موسى- كثيرًا من ظلمات السجن والسجان وعاش كغيره من الأسرى الانتهاكات المختلفة التي تُمارس بحقهم من إدارة سجون الاحتلال، التي لم تكتفِ بمعاناته بل لجأت إلى ممارسة تعذيب ممنهج ضده خلال مراحل سجنه المختلفة.
يشرح حريبات بالقول: "تعرض شقيقي مجددًا لتعذيب بدني شديد في عام 2014م وحقنته إدارة السجن بحقنة مجهولة أدت لإصابته بمشاكل صحية عدة وعلى إثرها فقد الذاكرة لمدة طويلة"، مشيرًا إلى أن الصعوبات الصحية التي مرَّ بها إياد ولا يزال يمر بها ألقت بظلالٍ من الحزن والكآبة على عائلته، خاصة والديْه.
ففي داخل سجون الاحتلال لا يلقى الأسرى سوى إهمال طبي متعمد، يقول: "يبدو أنهم كانوا يجرون تجربة طبية بحق أخي أو محاولة لاغتياله لكنه نجا منها، على حين لم يعد كما كان أبدًا، لقد أصبح إنسانًا آخر، مريضًا ومنهكًا صحيًّا".
ويشعر موسى بالحزن لما آل إليه وضع شقيقه الصحي الذي عاد للتدهور مجددًا، وهو بحاجة لعملية جراحية عاجلة لكن سلطات الاحتلال تماطل في الاستجابة له، "منذ أربعة شهور وهو يطلب من إدارة السجن إخراجه للمستشفى لإجراء فحوصات طبية لكن لا حياة لمن تنادي".
ألمه ألمي
أما فيما يتعلق بوالدتهم أم إياد فإنّ ما مرّ ويمر به "فلذة كبدها" من عذاب ومرض، تشعر وكأنه يصيب جسدها وروحها ونفسها أيضًا، "فأنا منذ اعتقاله وأنا أعاني، وفي مرضه وتعذيبه أرهقتني نفسيًّا بشكل لا يوصف".
وتشير إلى الألم الذي اعتصر قلبها حينما زارت ابنها بعد فقدانه الذاكرة، ولم يتعرف إليها ولا إلى أشقائه، واعتقد أن شقيقه ضابط مخابرات أتى للتحقيق معه وطلب منه الخروج من المكان.
وتقول: "شيئًا فشيئًا بدأ يستعيد ذاكرته ويناديني "يا أمي الغالية يا أغلى ما عندي"، وتذكر أشقاءه ولكنه في كل مرة يعاود السؤال والتأكد حول مَنْ هم برفقتي".
وتلفت إلى أن إدارة السجون حاولت قتل ابنها مرة أخرى، حينما عانى أوجاعًا فقد خلالها القدرة على النوم، وبعد معاناته 10 أيام متواصلة من الألم، نقل إلى عيادة سجن "ريمون"، وتم وضع "أنبوب" للبول بشكل خاطئ، وبدل أن يكون تصريف البول خارجيًا أصبح داخل الجسم.
اقرأ أيضاً: إطلاق حملة محلية ودولية لإنقاذ الأسير المريض إياد حريبات
وتضيف: "بعد 4 أيام من وضع الأنبوب انفجر وسبب نزيفًا استمر لساعات طويلة، وبعد أن ظل زملاؤه الأسرى لست ساعات يطالبون الإدارة بإخراجه للمشفى أخرجوه بحالة صعبة وهناك أجروا له أربع عشرة عملية جراحية بفارق ساعات قليلة بين العملية والأخرى".
وتتنهد أم إياد وهي تتذكر كيف كان ابنها طالبًا متفوقًا شديد النهم للعلم، حتى إن زملاءه الأسرى يلقبونه بـ"العالِم"، لكن بعد معاناته الصحية وفقدانه الذاكرة طلبت الإدارة من أمه أن تأخذ كتبه للمنزل، "حملتُ ألف كتاب ووزعتها على المعارف علّ الله يعيد لابني عقله وعافيته".
وحتى مواصلة تعليمه حرمته منه إدارة السجون فبعد أن كان ملتحقًا بالجامعة في سجنه، أصدرت قرارًا بوقفه عن التعليم، للضغط عليه وتركيعه.
وتشير إلى أنه في زيارتها الأخيرة لإياد أخبر شقيقه أنه بحاجة لعملية طارئة، إذ يعاني "فتاقًا" في بطنه وينزف كثيرًا ولكن إدارة السجن لا تستجيب لمطالباته.